قالوا قديما (السماء لاتمطر ذهبا) ولكنها اليوم تمطر ملايين فهذا ما توحي به اعلانات الملايين التي كانت بدايتها مع احد مهرجانات الدول الخليجية ومع الارباح الهائلة التي تحصلت عليها المؤسسات المنظمة لتلك المسابقات مع شركة اتصالات والشركات الراعية للمهرجان وتبعا لتلك النجاحات توالت الكثير من عمليات توزيع الملايين والتي تعتمد على اتصال بنا واحصل على المليون وبالتأكيد نسارع نحن للحصول على ذلك المليون السهل وكأن الاعلان ومن خلال عرضه للفنانات والفاتنات اللاتي يروجن له يناشدن شخصك انت فقط وستكون انت المحظوظ الوحيد وبعد الاتصال يفاجأ الجميع بالمماطلة المبالغ فيها في عرض الفكرة وطريقة الاجابة واخيرا طرح الاسئلة ذات الاختيارات الكثيرة وهنا قد تبلغ قيمة الاتصال الواحد خمسين ريالا فقط ولكن المشكلة ان اول اتصل يحيى روح المقامرة لدى المتصل وهذه فكرة مدروسة اساسا وعمل على نجاحها من قبل الشركات المعلنة ومع احياء تلك الروح تعاد تلك الاتصالات بشكل جنوني والرابح الوحيد هنا والذي تحصل على ملايين من الملايين هو شركة الاتصالات بالاشتراك مع الشركات المعلنة هذا اذا كانت هناك شركات معلنة. ارقام وحكايا في ختام احد المهرجانات الدولية تم الاعلان عن عدد المشتركين في مسابقة المليون الهاتفية حيث وصل عددهم الى ثلاثين مليون مشترك وبالطبع الكثير منها مكرر ومع حساب مدة المكالمة الواحدة وتكلفتها وصلت الارباح المقدرة الى ثلاثمائة وستين مليون دولار فقط وبعد خصم قيمة المليون الحلم المسلم للمسكين الفائز وخصم تكاليف العملية ما بين اعلانات وغيرها يتبقى للشركة المسؤولة رقم لا يستهان به من الملايين المحسوبة بالدولارات مع العلم انه كان هناك رعاة معلنين للمسابقة من المفروض انهم قد غطوا تكاليف العملية. وحكايا نصب محلية احد المصانع اعلن مع بداية عام 2000 ومن خلال الصحف والاذاعة عن مليونه الذي سيتحصل عليه كل متصل وكان من الطريف جدا ان تستمع الى طريقة عرض الاسئلة في ذلك الاتصال الذي وصلت مدته الى ما يقارب الاثنتي عشرة دقيقة حيث يستقبلونك في بداية الاتصال بالترحيب والتهليل ثم يعرضون عليك نبذة تعريفية اعلانية بما تقدمه الشركة المصنعة بعد ذلك تطرح الاسئلة وكيفية اختيار الاجوبة بعدها يطلب منك ادخال الاسم وفي النهاية وهنا تكون المفاجأة يطلب منك ادخال رقم البطاقة الشخصية او الجواز او حفيظة النفوس ايهم اقرب لديك حينها وبالتأكيد معظمنا لايحملها معه طوال الوقت وان كان هناك صعوبة في اعدادها لذلك تضطر لاقفال الخط وبذلك لا ينجح اتصالك فتعاود الكرة لتثبيت شخصك ومع ذلك الاستغفال وان كان المشترك اذكى لن يعاود المشاركة بعد ولكن اثنتي عشرة دقيقة قد ضمنت لهم ما يغطي ثلاثة اتصالات بالشكل الطبيعي ومع كل ذلك فقد اخرت تلك الشركة اعلان النتائج نظرا لاقبال الجمهور على حد قولهم ومن ثم تم الاعلان عن موعد السحب في نهاية شهر سبتمبر من عام 2001 ولكن طال التأجيل الى وقتنا هذا حيث سجلت الشركة رقما قياسيا في مدة طرح المسابقة التي وصلت الى ما يقارب العامين حتى الآن. الجمهور ولوثة الملايين @ مبارك السهلي/ موظف في شركة ارامكو يقول: لابد من ان اكسب المليون في يوم ما لذلك انا احرص على الاشتراك في كافة المسابقات خاصة انها زادت كثيرا لذلك اصبحت فرصة حصولي على احد الملايين اكبر ولكني استاء كثيرا من المسابقات ذات المليون السعودي او الاماراتي فانا افضل دوما المليون بالدولار لذلك لابد لهم من مراعاة رغبة الجمهور. @ نورة الجربوع/ ربة بيت: استاءت كثيرا من عدم حصولي على المليون في اول مسابقة مليونية اشترك بها وكان ذلك في العام الماضي وبقيت مكتئبة حتى انى بكيت فعلا عند الاعلان عن الفائز وتلك كانت البداية والان لايبقى مليون مطروح الا واشترك به الى ان اتحصل على واحد منها @ مها التميمي/ موظفة حكومية: لم اشترك بتلك المسابقات الا مرة واحدة ولم افز طبعا ولم يمنعني من الاشتراك الا انني وبعد الحسبة اكتشفت ان المليون لايحقق احلامي وخططي التي خططتها اثناء انتظار الاعلان عن المليون لذلك لم اشترك مرة اخرى ولكن في حال ما عرضوا جائزة بقيمة عشرة ملايين واكثر سأشارك حينها @ جواهر السويلم/ الدمام: لن اكرر ابدا تلك الايام الصعبة فبعد مرور لوثة المليون بقيت في انتظار الفاتورة وكأني انتظر الموت فقد اشتركت مرات كثيرة والاتصال كان على احد الجزر البعيدة غير المعروفة لذلك عشت لحظات رعب حقيقية خوفا من زوجي الذي اعتاد على ان يسدد فواتيري وحتى لو عرضت عليه تسديدها فسوف يؤنبني دوما على تصرفي ذلك وبالفعل جاءت الفاتورة بما قيمته سبعة الاف ريال وكأني وهبتها للشركة المعلنة مكافأة لهم على استغفالي الغرفة التجارية من الغرفة التجارية الصناعية بالدمام اكد لنا مسؤول من قسم التراخيص للاعلانات والمسابقات الاستاذ/ ناصر الخويطر ان الغرفة حريصة على تنسيق واصدار نظام معين لتراخيص المسابقات وقد حددت قيودا كثيرة عليها ولكن مثل تلك المسابقات المذكورة لم تصدر تراخيصها من قبل الغرفة لذلك تلجأ مثل تلك الشركات لاصدار الموافقة من قبل وزارة التجارة اومن قبل هيئات خارجية من دول اخرى خاصة ان كانت عمليات مؤسسة الاتصالات يتم تنفيذها من الخارج وعندما طرحنا اسم احد المصانع في المنطقة الشرقية والذي نفذ مسابقة المليون التي لم تكتمل ولن يعلن عن نتائجها فقد اكد الخويطر ان التصريح لم يصدر من الغرفة وان الشركة الام للمصنع تقع في دولة خليجية قريبة وقد يكون تم الترخيص من هناك. رأي الشرع تحدث الكثير من علماء الشرع من خلال اللقاءات الاعلامية حول شرعية التعامل مع ذلك النوع من المسابقات حيث تم التأكيد على انها نوع من المراهنات وبالتالي فانها من انواع الميسر الذي جاء الحكم بتحريمه واضحا بالقرآن الكريم. ويبررون ذلك بكون تلك المسابقات يتم الدفع لها من خلال قيمة الاتصال الذي يشارك به المتصل دون ان يتحصل على خدمة او سلعة معينة لذلك الاتصال وعلى ذلك هي نوع من اليانصيب. وفي ذلك يقول الشيخ/ محمد صالح المنجد انه كان اهل الجاهلية يتعاطون الميسر ومن اشهر صوره عندهم انهم كانوا يشتركون في بعير عشرة اشخاص بالتساوي، ثم يضرب بالقداح (وهو نوع من القرعة) فسبعة منهم يأخذون بانصبة متفاوتة معينة في عرفهم وثلاثة لايأخذون شيئا. ويشير الشيخ الى ان للميسر في زماننا هذا عدة صور منها ما يعرف باليانصيب وله صور واشكال كثيرة وابسط تلك الاشكال شراء ارقام بمال يتم السحب عليها لاختيار عدة فائزين فقط وهذا حرام حتى لو كان بزعم خيري. ومن صور الميسر ايضا شراء سلعة بداخلها شيء مجهول او يعطى رقما عند شرائه السلعة يجري السحب عليها لاحقا لتحديد الفائزين (وهذا ما تتبعه بعض شركات المرطبات وتوقعنا دون علمنا بما حرمه الله) واشار الشيخ المنجد الى ان جميع صور المقامرة تدخل في الميسر.