ينحني ادوارد ويلسون على اوراق الاشجار المتناثرة الى جانب صخرة مقلوبة. مئات من النمل تهرع راكضة في كل الاتجاهات يلتقط ثمرة بلوط ويفتحها ليرى النملة الوحيدة المقيمة في داخلها، وهي نوع من النمل النجار كانت تحرك قرني استشعارها. ينظر اليها ويلسون قائلا وكأنه يخاطبها ما هذا؟ لماذا تختبئين هنا في وقت يتعرض عشك للهجوم؟ كان عالم الحيوانات المتقاعد في جامعة هارفرد والكاتب الحائز على جائزة بوليتزر الذي اشتهر بابتكار تعبير "التنوع البيئي" يبحث عن النمل على جانبي طريق ترابية في غابة الابحاث التابعة للجامعة في وسط ماساتشوستس. انه متخصص بالنمل. في هذه الجولة التي كانت جزءا من الاحصاء السنوي الثالث للاجناس ويدعى "ايام التنوع البيئي"، كان ويلسون يصطحب 24 من تلاميذ المدارس ومسؤولين حكوميين في شؤون البيئة وهواة من اعضاء نادي الطبيعة. ان مساتشوستس هي اول ولاية تجند خبراء الطبيعة من مواطنيها للمشاركة في احصاء ما يزيد على 000.15 نوع من النباتات والحيوانات والفطريات في الولاية بغية تكوين قواعد معلوماتية عنها. وقال عالم الطبيعة وكاتب الدليل الميداني بيتر الدن، ان الاحصاء هو اشبه بيوم الارض الخاص بالمخدرات. واضاف: لدينا عدد كبير من مراقبي الطيور. كما اننا نحتاج الى حفز اهتمام الناس بالطحالب والعلق. انه مشروع يؤيده ويلسون تأييدا تاما، وخاصة دعوة الناس الى المشاركة في العمل فهو يقول : المعرفة حيوية تماما لجعل المحافظة على البيئة الطبيعية قبل ان تنقرض جزءا من الحياة السياسية. بدأت الجولة بعثور ويلسون وزميله ستيفان كوفر، وهو خبير نمل آخر يعمل في متحف هارفرد لعلم الحيوانات المقارن، على نوع معروف ولكن غير مسمى حتى الآن من النمل. وهذا، برأي ويلسون ابرز الطبيعة الملحة لما اسماه اكبر مسعى في تاريخ العلوم: احصاء كافة الاجناس. اوضح ويلسون ان الاجناس المكتشفة تقل عن 10 في المائة من مجموع الفصائل والانواع على الكرة الارضية مع انها اخذت تختفي بسرعة مخيفة ومعظم الحشرات الصغيرة، مثل النمل الذي يشكل الشبكة الدنيا للمخلوقات الحية واساس الحياة في المنطقة، تقع داخل الى 90 في المائة. يقول ويلسون: بعد كل التطورات التي حدثت في ميدان التكنولوجيا، بما في ذلك تحليل الحمض النووي DNA، بتنا جاهزين للتعاطي مع ال90 في المائة المتبقية. انه الميدان العلمي العظيم للمستقبل. وهو يؤكد ان الحملة الواسعة للعثور على الاشكال الحياتية وفهمها ينطوي على فوائد اقتصادية وغيرها، فهي ذات اهمية عظيمة للطب والزراعة على صعيد تطوير ادوية جديدة وانواع جديدة من المحاصيل. وانطلاقا من ذلك يسير ويلسون (73 سنة) على الطريق الترابية في الغابة يقلب الصخور ويحفر جذوع الاشجار التالفة، بحثا عن قصة جديدة تحت وفي قلب كل منها. ألم يفز هو بجائزة البوليترز الثانية على كتابه النمل؟ الملكة المقاتلة للنوع الجديد الذي عثر عليه - Noveboracensis camponotus - تغزو مستعمرات النمل الاخرى وبعد ان تقتل ملكتها المقيمة تجبر العمال في هذه المستعمرات على تربية ذريتها هي ويقول ويلسون انه شاهد ذلك في المختبر وهي تقطع غريمتها اربا كسفاح يحمل فأسا. وثمة نوع آخر من النمل يتواصل عن طريق رائحة تشبه رائحة الجبنة ودرس ويلسون نملا ينتشر شمال الدائرة القطبية الشمالية، رغم انه كان يعتقد ان مداه الاقصى اعلى جبال نيوانغلند. ويبدو الآن انه ينزل تحت مستوى سطح البحر بدليل العثور عليه تحت ثلاث صخور مقلوبة اخرى. وقد كان هناك نمل كبير ونمل صغير ونمل اصفر واحمر ونمل لامع وباهت. ويلتقط ويلسون برفق حية صغيرة من نوع ربطة الساق مما يعيد الى اذهانه المزاج السيىء لافاعي الماء التي يصيدها في الآباما. ويقول: ان العلم ينبغي ان يكون عملا ممتعا. أسوشيتدبرس