المقاييس الفضفاضة للرجل الذي يتقدم لطلب يد الفتاة غدا أمراً عاديا لكثير من الأسر التي لديها فتاة تقدم بها السن بعض الشيء وباتت وأهلها يخشون الزمن، ويحسبون له ألف حساب. ونود اليوم ان نتم الحديث حول هذه القضية مبتدئين بالسؤال الذي يفرض نفسه على بساط البحث، وهو من اين تنبع القوة الحقيقية للمرأة، وما الذي يضفي على شخصيتها القبول، ويمنحها صك احترام المجتمع لها، وقبوله بها، ورضاه عن ادائها ومسلكها العام؟ هل تنبع قوة المرأة من ارتباطها برجل عاثر، شاء لنفسه ان يسلك المسلك الشائن، وان يستغل انوثتها، وضعفها الفطري، ويقترن بها ليريها بعد ذلك فنون المكر والدهاء؟! وهل اكرم للمرأة في نظر المجتمع ان تتحمل وسائل الجفاء والهجر والاذلال، ولا تخرج من هذا الغش الذي تعافه البهائم حتى لا يقال عنها مطلقة؟! من الذي حدد هذه النظريات بالغة التحيز ضد المرأة؟ ومن الذي يزعجه ان يعترف بها بنتا واختا كما اعترف بها زوجة وأما؟! من الذي لا يريد ان يراها كريمة منتجة قادرة على تفعيل ادوارها في الحياة، وانجاح المهمات التي توكل اليها حتى لو شاءت الاقدار ان يتأخر زواجها او ان لا تصادف من يستحق الارتباط بها؟! المرأة بهذه الصورة اصبحت في محنة مصطنعة، صنعتها المقولة الشائعة بان الفتاة التي يفوتها قطار الزواج تحرم السعادة ويخيب رجاؤها في الحياة!! وهو تشويه للحقائق التي يؤكدها الواقع العملي والذي لا ينفي امكانية الاستمتاع ببهجة الحياة بغض النظر عن الظروف الاجتماعية التي تحيط بالانسان، كما انه تشكيك في مبدأ هام من مباديء السعادة وهي ان السعادة نصنعها بايدينا، حين نحسن اختياراتنا في الحياة، وحين نستقيم في سلوكنا وتصرفاتنا، ونغذي انفسنا بالايمان بان الذي يحسن ادارة نفسه، واختيار اهدافه الجيدة في الحياة، ويحسن استثمار موارده الذاتية، ويعزز من مكتسباته في الجانب العلمي والانساني، ويحسن التكيف مع الظروف والاوضاع هو شخص سعيد حتما بغض النظر عما يقول الناس عنه، وبعيدا عن حسابات الفضوليين الذين يدسون انوفهم فيما ليس من شئونهم ولا من اختصاصهم. ان السعادة ليست منحة يعطيها الرجل للمرأة، وليست قالبا اجتماعيا حدد في اطار معين، فاذا امتنع عن المرأة الاحتماء خلف ذلك فان السعادة قد قبرت في مهدها، وهي منها في حكم السراب؟! والسؤال المهم: هل فكر هؤلاء المروجون لتسييس السعادة، وتشكيلها وفق تصوراتهم الضيقة مدى الاحباط الذي ليس له مبرر الذي يتسببون في الحاقه بالفتاة؟ هل فكر هؤلاء المتطوعون في تقديم النصائح المجانية ان القدر له حكمه واختياره وان رفضه والسخط من وقوعه هو الخطأ الاكبر الذي كان يجب ان توجه له جهود المتطوعين بالمجان، الذين يصدرون احكامهم الخاصة وكانها قرارات غير قابلة للطعن او الشك في صدقها وجدارتها للتصدر والقبول!! ان الصحة النفسية ايها القراء الكرام هي اثمن ما يملكه الانسان، ومن يحظى بها ويتوفر له القدر المناسب منها يكون قد كسب جولته الاهم في هذه الحياة, الذي نريده حقا ان تنشغل الفتيات بما ينمي عقولهن، ويرفع من رصيدهن العلمي، ومن التزامهن السلوكي، على النحو الذي يدفع بالمجتمع في اتجاه التغيير الايجابي للمفاهيم البالية التي تستنزف في المرأة عواطفها، وتبدد مشاعرها في الخوف من المجهول، والاحتراز من المستقبل، وكانها في صراع مع الزمن. ان الامر لا يفهم هكذا، والحياة لا تصارع المبتسمين لها الذين يحسنون قراءة التجارب الانسانية ويأخذون العبرة والعظة منها كأحسن ما يكون الفهم والقراءة والتأني والاستبصار. نريد حياة تسودها الثقة بالنفس، والاطمئنان الى المجتمع الذي عليه واجب دعم المرأة، واحترامها والوقوف الى جانبها، بدلا من تشتيت فكرها في امر نتمنى دائما ان يكون في صالح الرجل والمرأة ليحققا لهذا المجتمع ما يتمناه من نجاح يضاف الى رصيده العام، فقد سئمنا الاستماع الى التجارب الزوجية الفاشلة التي تعجز افلام السينما عن سردها بذلك القدر من التفاصيل المؤلمة!! ..... البيان الاماراتية