سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراقبة الأسواق العالمية لحماية السوق المحلي من الإغراق بالصلب
في دراسة أعدتها غرفة الشرقية عن آثار القرار
نشر في اليوم يوم 23 - 07 - 2002

يسود اسواق الصلب العالمية حاليا حالة من عدم الاستقرار وازمة كبيرة ادت الى اتخاذ بعض الدول اجراءات حمائية لحماية صناعات الصلب الوطنية فيها ومن اهم اسباب تلك الازمة تقلص حجم الطلب في دول الشرق الاقصى على منتجات دول الاتحاد السوفيتي السابق الذي دفعها للبحث عن اسواق جديدة مثل اسواق الاتحاد الاوروبي والسوق الأمريكي وكذلك تزايد الطاقات الانتاجية في صناعة الصلب العالمية مما ادى الى الانخفاض الحاد والمستمر في اسعار منتجات الصلب في الاسواق العالمية.
ومن اهم مظاهر هذه الازمة الاتجاه المتزايد لحركة اندماج شركات الصلب للتغلب على المصاعب المالية التي تواجهها تلك الشركات نتيجة للازمة الحالية، حيث بادرت العديد منها الى الاندماج.
ومن اشهر الاندماجات التي تمت حتى الآن اندماجات الشركات الثلاث (اوزينور الفرنسية وآربد في لوكسمبورغ واسيراليا الاسبانية)، وفي المانيا اندماج شركتي (ثيسن وكروب)، وكذلك في بريطانيا الاندماج الذي حدث بين هيئة الصلب البريطانية ومصانع هوجاوفنر الهولندية، وفي كندا اندماج شركتي كوستيل ولسلاتر.
اما في الولايات المتحدة فقد ادت الازمة الحالية الى تزايد تدفق واردات الصلب الرخيصة من دول مثل روسيا، اوكرانيا، كازخستان، تركيا، الهند، جنوب افريقيا، اليابان، كوريا الجنوبية الى افلاس اكثر من 30 شركة.
ونتيجة لاتخاد الولايات المتحدة اجراءات مكافحة اغراق لمكافحة هذه الواردات فقد اتجهت هذه الواردات الى اسواق اخرى واهمها منطقة الشرق الأوسط. وتشير الاحصائيات العالمية الى تفاقهم ازمة الصلب في عام 2002م مما ادى الى تناقص فرص العمل في هذه الصناعة خلال السنوات الاربع الاخيرة بشكل لافت للنظر. ففي الولايات المتحدة بلغ عدد الوظائف المفقودة 20 الفا وفي الاتحاد الاوروبي حوالي 22 الفا.
الوضع الحالي لصناعة الصلب العربية
وتعتبر صناعة الحديد والصلب اول صناعة ثقيلة في العالم العربي، وتشكل هذه الصناعة قاعدة صلبة للعديد من الصناعات الاخرى.
كما تلعب دورا هاما ورئيسيا في التنمية الاقتصادية، حيث يستهلك الصلب بكميات كبيرة على شكل المنتجات الطويلة التي يتم استعمالها بصورة رئيسية في مشاريع الهندسة المدنية كالطرق والجسور والسدود والانفاق والبناء.
وتشير بيانات الاتحاد العربية للحديد والصلب الى ان انتاج الصلب في الدول العربية قد تضاعف عدة مرات منذ عام 1980م حيث كان معدل الانتاج لايتجاوز 3 ملايين طن في عام 1980م ليصل عام 1999م الى انتاج 96ر8 مليون طن صلب خام، و50ر11 مليون طن منتجات نهائية.
ومؤخرا تم في العالم العربي التخطيط لتنفيذ عدة مشروعات كبيرة لانتاج الصلب بعضها بدأ فعلا في الانتاج خلال عام 2000م وبعضها مازال تحت الانشاء والتنفيذ ويلاحظ ان مشاريع انتاج الصلب في العالم العربي تتركز في ست دول عربية هي مصر، المملكة، ليبيا، الجزائر، قطر، المغرب. ونسبة صناعة الصلب العربية لا تتعدى 20ر1 بالمائة من انتاج الصلب العالمي. وتمتعت صناعة الصلب العربية خلال بعض سنوات التسعينات بنوع من الرخاء الذي ما لبث ان تراجع مع نهاية عقد التسعينات. وكان هذا الترجع نتيجة لانخفاض اسعار الصلب، وتراجع عدد من القطاعات المستهلكة ومن اهمها قطاع الانشاءات، واستمرار تدفق الواردات الى الدول العربية باسعار متدنية وصلت الى اقل من تكلفة الانتاج المحلي. وهنالك فجوة كبيرة بين العرض والطلب على منتجات الصلب في العالم العربي، حيث كان معدل الطلب 50ر15 مليون طن في عام 1998م بينما بلغ الانتاج من منتجات الصلب في نفس العام 59ر10 مليون طن، وبذلك تكون الفجوة 91ر4 مليون طن.
ويتوقع ان يبلغ الطلب في نهاية عام 2003م حوالي 24 مليون طن فيما سيبلغ الانتاج المتوقع حوالي 14ر20 مليون طن، وبذلك تظل هناك فجوة متوقعة تقدر بحوالي 98ر3 مليون طن. وبذلك يتوقع ان يستمر الاعتماد على الاستيراد من الخارج لسد هذه الفجوة.
القرار الأمريكي بشأن واردات الصلب
وعلى الرغم من ان التجارة الحرة هي المحرك الاساسي للنمو الاقتصادي نجد ان الحاجة لتدخل الدول في اوقات معينة (تزايد الواردات والتي تؤدي الى آثار سلبية على الصناعة الوطنية) ضروري جدا.
وهذا ينطبق على الدول النامية والمتقدمة بغض النظر عن مستوى التقدم الاقتصادي للدولة، ومن هذا المنطلق نجد ان الولايات المتحدة والتي هي من اكثر الدول تشددا ودعما للتحرير الاقتصادي تتخذ تدابير واجراءات حمائية تتعارض ومفهوم حرية التجارة والذي تنادي به الولايات المتحدة الأمريكية منذ زمن بعيد.
والذي دفع الادارة الأمريكية لاتخاذ قرار بزيادة الرسوم الجمركية على منتجات الصلب هو تفاقم المشاكل والصعوبات المالية التي تواجه صناعة الصلب الأمريكية والتي من اهم مظاهرها افلاس اكثر من 30 بالمائة من شركات الصلب الأمريكية بالاضافة الى وصول اسعار الصلب الى ادنى مستوى لها منذ عشرين عاما.
واستجابة لمطالب صناعة الصلب الأمريكية بطلب حمايتها من تزايد واردات الصلب الى سوقها كلف الرئيس الأمريكي في شهر يوليو من العام الماضي لجنة التجارة الدولية الأمريكية وهي الهيئة الأمريكية المسئولة عن التحقيقات في طلبات الحماية المقدمة من قبل الصناعة الأمريكية بالتحقيق في طلب الحماية المقدم من صناعة الصلب.
ووفقا لادعاءات الولايات المتحدة فقد وجدت هذه اللجنة ان صناعة الصلب الأمريكية تعاني اضرارا مادية ملموسة نتيجة لتزايد واردات الصلب الى السوق الأمريكي وبناء على ذلك فقد تم اتخاذ قرار بتطبيق تدابير وقائية على بعض واردات الصلب.
فاتخذت الولايات المتحدة بتاريخ 5 مارس من عام 2002م قرارا بزيادة الرسوم الجمركية على وارداتها من الصلب لفترة مؤقتة تمتد لثلاث سنوات بنسب تراوحت بين 8 و30 بالمائة وقد بدئ فعليا بتنفيذ القرار بتاريخ 20 مارس من هذا العام.
وقد تأثرت بصدور القرار دول البرازيل، اوكرانيا، كوريا الجنوبية، اليابان، روسيا، المانيا، تركيا، فرنسا، الصين، استراليا، هولندا، وسويسرا.
الإجراءات اليابانية ضد القرار الأمريكي
ونتيجة للقرار الأمريكي بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب بنسب تراوحت بين 8و30 بالمائة والذي كانت له آثار مباشرة على الاقتصاد الياباني قامت اليابان برفع القضية بالمشاركة مع بلدان اخرى تضررت من القرار الى جهاز تسوية النزاعات في منظمة التجارة العالمية.
كما قامت في مايو من عام 2002م بابلاغ مجلس تجارة السلع ولجنة التدابير الوقائية بالمنظمة بعزمها على تعليق التزاماتها واتخاذ تدابير انتقامية على اعتبار ان اتفاقية التدابير الوقائية تتيح اتخاذ مثل تلك الاجراءات اذا كان قرار الحماية المطبق لايستند الى ادلة تشير الى تزايد الواردات.
وبناء على ذلك احتفظت اليابان بالقيام بتعليق التزاماتها تجاه الولايات المتحدة بخصوص منتجات الصلب المشمولة بالقرار الأمريكي عن طريق زيادة الرسوم الجمركية على بعض منتجات الصلب ذات المنشأ الأمريكي بنسبة 100 بالمائة وبما يعادل 43ر123 مليون دولار.
وقد اتخذت اليابان هذا القرار لان زيادة الرسوم على تلك المنتجات ستؤدي الى خسارة للمصدرين اليابانيين تقدر بحوالي 43ر123 مليون دولار حيث ان الولايات المتحدة ستجبي ما يعادل هذا الرقم على شكل رسوم جمركية.
وقد تم حساب هذه الارقام بناء على قيمة صادرات اليابان من تلك المنتجات في عام 2001م والتي بلغت باسعار فوب 12ر496 مليون دولار. ويمكن لليابان تطبيق القرار بزيادة الرسوم بشأن هذه المنتجات اما بتاريخ 20 مارس 2002م او في اليوم الخامس الذي يلي تاريخ صدور قرار جهاز تسوية النزاعات بالمنظمة بان التدابير الوقائية التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكي بشأن تلك المنتجات لا تتوافق مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية.
وسوف تنهي اليابان اجراءاتها بشأن تلك المنتجات بمجرد قيام الولايات المتحدة بالتوقف عن تطبيق القرار.
الاجراءات الصينية
ونتيجة لفشل المشاورات بين الصين والولايات المتحدة بشأن القرار قامت الصين بابلاغ مجلس تجارة السلع ولجنة التدابير الوقائية بالمنظمة بعزمها على تعليق التزاماتها واتخاذ تدابير انتقامية على اعتبار ان اتفاقية التدابير الوقائية تتيح اتخاذ مثل تلك الاجراءات اذا كان قرار الحماية ليس مستندا على تزايد الواردات.
وبناء على ذلك احتفظت الصين بحقها في القيام بتعليق التزاماتها تجاه الولايات المتحدة بما يعادل خسارتها نتيجة القرار وذلك عن طريق زيادة الرسوم الجمركية على منتجات الورق وفول الصويا والكمبروسورات ذات المنشأ الامريكي بنسبة 24 بالمائة حيث ان الخسارة المتوقعة لمصدري منتجات الصلب الصينيين والتي ستجبى على شكل زيادة في الرسوم الجمركية تقدر بحوالي 47ر95 مليون دولار.
وقد تم حساب هذه الارقام بناء على قيمة صادرات الصين من منتجات الصلب المشمولة بالقرار الامريكي والتي بلغت في عام 2000م ما يقارب 10ر395 مليون دولار.
ويمكن للصين تطبيق زيادة الرسوم الجمركية إما بتاريخ 5 مارس 2002م او في اليوم الخامس الذي يلي تاريخ صدور قرار جهاز تسوية النزاعات بالمنظمة والذي يشير الى ان التدابير الوقائية التي اتخذتها الولايات المتحدة الامريكية بشأن واردات الصلب لا تتوافق مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية.
كما ستقوم الصين برفع تطبيق قرارها بمجرد قيام الولايات المتحدة بالتوقف عن تطبيق قرار زيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب.
الاجراءات الروسية
وبما ان دولة روسيا الاتحادية ليست عضوا في منظمة التجارة العالمية فهي ليست ملزمة من الناحية القانونية بتطبيق مبادئ منظمة التجارة العالمية فقد استطاعت في اقل من عشرة ايام على اعلان الرئيس جورج بوش بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب ان تضع حظرا على وارداتها من الدواجن المستوردة من الولايات المتحدة الامريكية.
وكان هذا الاجراء ردا انتقاميا غير مباشر على القرار الامريكي وشكل ضربة قاصمة لصناعة الدواجن الامريكية، والتي تعتمد بشكل كبير على السوق الذي يستقبل اكثر من 30 بالمائة من صادرات الدواجن الامريكية التي تبلغ 30ر2 بليون دولار. واستند القرار الروسي بحظر استيراد الدواجن المستوردة من الولايات المتحدة الى توصل وزارة الصحة الروسية الى اثباتات ودلائل تشير الى ان الدجاج الامريكي يحتوي على نسبة كبيرة من الدهون والهرمونات التي تؤثر على صحة المستهلكين الروس. ويعتبر القرار الروسي بمثابة الشرارة التي اضرمت النار ودفعت الدول الاخرى لاتخاذ خطوات انتقامية لمواجهة القرار الامريكي. يذكر ان القرار الامريكي سيؤدي الى نشوب حرب خفية من المتوقع ان تؤدي الى خسارة للجانب الامريكي يمكن ان تصل الى 500 مليون دولار.
الإجراءات العربية والسعودية لمواجهة القرار
ورغم ان معظم الدول العربية اعضاء في منظمة التجارة العالمية الا ان ايا منها لم تبادر الى اتخاذ اي اجراء لمواجهة تدفق الواردات التي ستتجه الى المنطقة العربية نتيجة للقرار لان الولايات المتحدة استثنت كلا من مصر والاردن من قرارها وبالتالي فان صادرات هاتين الدولتين لن تتأثر بالقرار مباشرة الامر الذي يستبعد قيام اي منهما باتخاذ اية تدابير لمواجهة القرار مع ان هنالك احتمالات كبيرة لتدفق واردات الصلب الى هاتين الدولتين من دول اخرى تأثرت بذلك القرار.
ولا يتوقع ان يؤثر القرار الامريكي على صادرات المملكة منن منتجات الصلب الى الولايات المتحدة الامريكية التي لا تتعدى 40 الف طن سنويا.
وبالتالي فان هذا القرار لا يعتبر مشكلة في حد ذاته، ونتيجة صناعة الصلب السعودية من ان يتحول قسم من المنتجات التي تصدر الى امريكا الى السوق السعودية مما يستدعي مراقبة واردات الصلب في الفترة القادمة في محاولة لرصد تطورها، ومن اجل اتخاذ الخطوات المناسبة لحماية صناعة الصلب السعودية من تأثيرات القرار الامريكي.
والجدير بالذكر بهذا الشأن ان المملكة تستطيع تطبيق اية تدابير لحماية الصناعة المحلية طالما ان المملكة ليست عضوا بالمنظمة، بما في ذلك زيادة الرسوم الجمركية او تحديد كميات الواردات من منتجات الصلب.
الإجراءات الاوروبية لمواجهة القرار الامريكي
ومن اهم نتائج القرار الامريكي على اقتصاد الاتحاد الاوروبي ان سوق الاتحاد ستكون الملجأ الوحيد امام صادرات الصلب العالمية، والتي ستتوجه الى سوق الاتحاد نتيجة لاغلاق السوق الامريكي امامها حيث يقدر حجم واردات الصلب الامريكية التي ستتوجه الى دول الاتحاد بحوالي 15 مليون طن في السنة، وهذه تمثل حوالي 59 بالمائة من المستوى الحالي للواردات الاوروبية من الصلب والتي وصلت في عام 2001م الى 60ر26 مليون طن. يضاف الى ذلك ان القرار الامريكي سيؤدي الى وجود تأثيرات سلبية على صادرات الصلب الاوروبية الى اسواق اخرى والذي سينعكس سلبيا على اوضاع العاملين في صناعة الصلب الاوروبية.
ولتخفيف النتائج السلبية للقرار الامريكي على الاقتصاد الاوروبي سارع الاتحاد الى تبني استراتيجية متوازنة للرد على القرار بالعديد من الاجراءات التي شملت قرار تطبيق اجراءات وقائية لحماية صناعة الصلب بتاريخ 27 مارس 2002م، بالاضافة الى متابعته القضية وفق متطلبات منظمة التجارة العالمية بما في ذلك رفع القضية الى جهاز تسوية النزاعات بالمنظمة، والتقدم بطلب للمنظمة لتعليق التزاماته تجاه الولايات المتحدة وهذه تشكل تدابير انتقامية من قبل الاتحاد ضد الولايات المتحدة للرد على القرار الامريكي بشكل فعال.
وعلى الرغم من ان تزايد الواردات من الصلب الى سوق دول الاتحاد والتي حدثت بعد الازمة الآسيوية نجد ان الاتحاد الاوروبي لم يبادر الى وضع قيود للحد من تدفق الواردات، كما انه لم يضع اية معوقات اخرى باستثناء ما طبقه على واردات الصلب من روسيا واوكرانيا وكازخستان مع ان الرسوم الجمركية التي يفرضها الاتحاد الاوروبي على منتجات الصلب تعتبر منخفضة نسبيا (معدل الرسوم الجمركية على منتجات الصلب بلغ حوالي 2 بالمائة في عام 2000م، ويتوقع ان يصبح معدل الرسوم الجمركية صفرا في عام 2004، فيما كان أعلى معدل للرسوم الجمركية على منتجات الصلب مثل الانابيب حوالي 5 بالمائة فقط).
ومن هنا نجد ان الاتحاد الاوروبي يبذل قصارى جهده ليفي بالتزاماته تجاه منظمة التجارة العالمية، ولذلك يحرص الاتحاد على ان تكون الاجراءات التي يتخذها متوافقة وحتى تطبيق القرار سيتم حساب الكوتا الجمركية لكل منتج من المنتجات المذكورة في الجدول اعلاه عن طريق اخذ معدل الواردات لآخر ثلاث سنوات (19992001م) وباضافة 10 بالمائة من اجل تقدير مستوى الواردات للعام 2001. فاذا تجاوز حجم الواردات لاي منتج من المنتجات المذكورة مستوى الواردات لعام 2001م فسوف تكون قواعد المنظمة او النظام التجاري متعدد الاطراف ومع ذلك نجد ان الاتحاد ونتيجة لاتخاذ الولايات المتحدة اجراءات انفرادية قام باتخاذ اجراءات انفرادية وهدد باتخاذ اجراءات انتقامية كرد فعل على اجراءات الولايات المتحدة، علما بان هذه الحرب ان استمرت ستعرض النظام العالمي متعدد الاطراف للخطر وهي تهديد مباشر لمستقبل منظمة التجارة العالمية.
وللرد على قرار الولايات المتحدة بزيادة الرسوم الجمركية على بعض واردات الصلب قام الاتحاد الاوروبي باتخاذ العديد من الاجراءات.
حماية صناعة الصلب الاوروبية
حيث تبني الاتحاد قراره باتخاذ اجراءات وقائية لحماية صناعة الصلب في مارس 2002م، ويأتي هذا القرار عقب قيام الولايات المتحدة باتخاذ اجراءات وقائية لحماية صناعة الصلب الامريكية والتي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 20/3/2002م واتخذ الاتحاد هذا القرارنتيجة لتخوف دول الاتحاد من اغراق السوق الاوربي بمنتجات الصلب العالمية والتي لن تجد امامها متنفذا سوى اسواق دول الاتحاد الاوروبي. وشمل القرار الاوروبي على اجراءات وقائية تهدف الى تقليص تدفق واردات الصلب اذا فاقت تلك الواردات مستويات عام 2001م، بحيث ستخضع الواردات التي تزيد عن مستويات عام 2001م الى زيادة الرسوم الجمركية تتراوح بين 90ر14 و26 بالمائة وستطبق هذه الاجراءات بشكل مؤقت لمدة تصل الى ستة أشهر، حيث سيتم خلال هذه الفترة التحقيق في آثار القرار الامريكي على صناعة الصلب الاوروبية. وشمل القرار الاوروبي 15 نوعا من واردات الصلب حيث اقتصر القرار على انواع معينة من واردات الصلب والتي وجد انها شهدت تزايدا في الفترة الاخيرة.
خاضعة للقرار وستطبق عليها زيادة في رسوم جمركية تتراوح بين 90ر14 و26 بالمائة.
وسيتم توزيع الكوتات الجمركية عن طريق استخدام طريقة (من يأتي اولا يخدم أولا) ومن اجل ذلك سوف يتم الاعتماد على نتائج التخليص الجمركي للمنتجات.
كما سيطلب من المصدرين اثباتات تشير الى ان المنتج جاهز للتصدير بهدف تجنب حدوث احتكارات في السوق سواء من قبل دول معينة او موردين نتيجة لتطبيق هذا القرار.
مواجهة القرار وفقا لقواعد منظمة التجارة
وقد حرص الاتحاد الاوروبي على التعامل مع القرار الامريكي وفق آليات وقواعد منظمة التجارة العالمية حيث بادر الاتحاد بالاضافة الى دول اخرى مثل كوريا، الصين، النرويج، سويسرا، اليابان، البرازيل، استراليا، نيوزيلندا، النرويح، والهند الى طلب مشاورات عاجلة مع الولايات المتحدة تحت اطار المنظمة بتاريخ 7/3/2002م بهدف ثني الولايات المتحدة عن المضي قدما في تطبيق القرار.
فقام الاتحاد باتخاذ اول خطوة من خطوات تسوية النزاعات تحت اطار المنظمة وحسب ما تقتضيه قواعد المنظمة في تسوية النزاعات، وهي التقدم بطلب مشاورات رسمية مع الولايات المتحدة وتم ذلك ولم تحقق المشاورات الهدف المنشود مما دفع الاتحاد للمضي قدما في القضية تحت اطار جهاز تسوية النزاعات داخل المنظمة. ويشار هنا الى ان اتفاقية التدابير الوقائية المنبثقة عن اتفاقية انشاء منظمة التجارة العالمية تلزم الدولة العضو التي تقوم باتخاذ تدابير وقائية بتقديم تعويضات مناسبة للدول الاخرى المتضررة من جراء تنفيذ مثل تلك التدابير بهدف المحافظة على التوازن بين مجمل التنازلات التجارية المقدمة من الاطراف اثناء المفاوضات التجارية متعددة الاطراف. وفي هذا السياق طلب الاتحاد الاوروبي من الولايات المتحدة تعويضات نتيجة للاضرار المادية التي ستلحق به نتيجة للقرار الامريكي والتي قد تصل لحوالي 40ر2 بليون يورو.
ويشار هنا الى ان منظمة التجارة العالمية تجيز للطرف المتضرر (في حالة الاتحاد الاوروبي) في حال عدم التوصل الى اتفاق حول قيمة التعويضات او في حال امتناع الطرف الآخر (في حالة الولايات المتحدة) عن منحه تعويضات ان يقوم بتعليق تنازلاته التجارية تجاه الطرف الآخر.
وعلى الرغم من ان قواعد المنظمة تتيح للطرف المتضرر طلب تعويضات الا انها تلزمه بتقديم طلب للحصول على تعويضات خلال مدة 30 يوما من المشاورات، كما انها تلزم الطرف المتضرر ايضا (في حال عدم التوصل الى اتفاق بشأن التعويضات) على التقدم بطلب لتعليق تنازلاته التجارية خلال فترة 60 يوما، واذا لم يقم بذلك خلال الفترة المحددة يفقد حقه في ذلك. لذلك قام الاتحاد الاوروبي بالتقدم بطلب الى مجلس التجارة في السلع في المنظمة بشأن تعليق بعض تنازلاته التجارية تجاه الولايات المتحدة، وبما يعوض خسارته نتيجة للقرار الامريكي، وتجيز المنظمة التقدم بطلب تعليق التنازلات عندما يتخذ الطرف الآخر تدابير وقائية لا تتوافق مع اتفاقية التدابير الوقائية او قواعد منظمة التجارة العالمية، ويكون ذلك بعد تبني تقرير هيئة المحلفين او تقرير جهاز الاستئناف.
وعندما يتخذ الطرف الآخر تدابير وقائية دون ان يكون هنالك على سببية بين اتخاذه قرار تطبيق التدابير الوقائية وتزايد الواردات.
وفي هذه الحالة تستطيع الدول العضو في المنظمة تعليق التنازلات التجارية فورا، غير انها يجب ان تخطر مجلس التجارة في السلع في المنظمة بذلك.
ويشار هنا الى الاتحاد الاوروبي يعتبر ان قرار الولايات المتحدة بتطبيق تدابير وقائية على واردات الصلب لم يستند الى ادلة تشير الى تزايد في واردات الصلب خلال فترة التحقيق. كما اتهم الجهة الامريكية المسؤولة عن التحقيقات في هذه القضية بأنها كانت غير موضوعية ومتحيزة. ومن هذا المنطلق قام الاتحاد بابلاغ المنظمة برغبته في تعليق بعض تنازلاته التجارية والتزاماته تجاه الولايات المتحدة ليعوض خسارته جراء القرار الامريكي والتي ستؤثر على 15 مليون طن من الفولاذ الاوروبي المصدر لامريكا. وقدم الاتحاد الاوروبي الى المنظمة في 14 مايو قائمة بالمنتجات التي سيعلق التزاماته تجاه الولايات المتحدة بشأنها. وقد شملت القائمة 4 منتجات تفوق قيمة وارداتها لاوروبا 4 مليارات يورو سنويا وهي: الموتوروات، وعصائر المناطق الحارة، والمعادن والفولاذ وتبلغ قيمة واردات اوروبا منها سنويا 683 مليون يورو، بالاضافة الى منتجات المنسوجات وتبلغ قيمة واردات اوروبا منها 50ر1 بليون يورو في السنة.
توافق القرار مع قواعد منظمة التجارة
ولتبرير القرار قامت الولايات المتحدة بارسال مذكرة الى مدير منظمة التجارة العالمية مايك مور تبلغه فيها حرص الولايات المتحدة على التعاون مع شركائها التجاريين وانها حريصة على احترام قواعد منظمة التجارة العالمية.
كما قامت بابلاغ القرار للجنة التدابير الوقائية بالمنظمة في مارس 2002م اي بعد صدور قرار الرئيس بوش بتسعة ايام. وهذا يعني ان الولايات المتحدة مازالت تأخذ قواعد منظمة التجارة العالمية بعين الاعتبار على الرغم من اتخاذها لذلك القرار دون الرجوع للمنظمة قبل اتخاذه فاتفاقية التدابير الوقائية تفرض على الدولة العضو في المنظمة اجراء مشاورات مع الدول المتضررة من القرار قبل دخول القرار حيز التنفيذ، والولايات المتحدة لم تقم بالمشاورات حسب متطلبات المنظمة والذي يضعها تحت المساءلة من قبل جهاز تسوية النزاعات بالمنظمة. ولكي تتدارك الامر مع منظمة التجارة العالمية قامت الولايات المتحدة بارسال العديد من المذكرات للمنظمة بعد صدور القرار بهدف التوصل الى اتفاق مع الدول الاعضاء التي تضررت من القرار. ونتيجة لفشل الولايات المتحدة في التوصل الى اتفاق مع الدول الاعضاء المتضررة، قامت تلك الدول برفع النزاع الى جهاز تسوية النزاعات بالمنظمة.
اما ابرز الحجج التي قدمتها تلك الدول فتشير الى ان الولايات المتحدة اخترقت بعض مواد اتفاقية التدابير الوقائية واتفاقية الجات 1994م.
حيث ان القرار الذي تم اتخاذه لم يستند الى ادلة قوية بخصوص تزايد واردات الصلب واثر ذلك على منتجات الصلب المشلبهة او المنافسة، كما انها لم تستند الى ادلة تشير الى وجود العلاقة السببية بين تزايد الواردات المصاعب التي تواجهها صناعة الصلب الامريكية.
كما ان الولايات المتحدة لم تسمح للدول الاخرى الاعضاء والمعنيين بالقرار ليقدموا ادلة تدعم وجهات نظرهم، كما فشلت الولايات المتحدة في اثبات ان هنالك زيادة مطلقة او نسبية في وارداتها من الصلب، والتي من المفترض ان تؤدي الى وجود ضرر على الصناعة المحلية وانها تؤدي الى تطورات على مستقبل الصناعة لايمكن معرفة ابعادها. كما ان التدابير الوقائية التي طبقتها الولايات المتحدة تمنح فرصة لصناعة الصلب الامريكية اكثر من تلك التي منحتها الاتفاقية لمعالجة مثل هذه الحالات. كذلك فان الولايات المتحدة لم تف بمتطلبات المادتين (5/2) و(13) اللتين تقضيان بإلزام الدولة التي تطبق نظام الحصص باعطاء فرصة للدول المشمولة بنظام الحصص المطبق للتشاور بشأن تلك الحصص. وفشلت الولايات المتحدة في التوصل الى اتفاق مع الدول الاعضاء بالمنطقة التي تأثرت بقرار زيادة الرسوم الجمركية والمادة رقم 12 من نفس الاتفاقية تطلب من الدولة التي تطبق تدابير وقائية التشاور مع الدول الاخرى التي تتأثر بالقرار، وبما يحقق نفس المستوى من التزاماتها وحقوقها.
كما فشلت الولايات المتحدة في تزويد المنظمة بالمعلومات اللازمة حول القضية.
وحيث ان قرار الولايات المتحدة بزيادة الرسوم الجمركية كان تمييزيا باستثناء بعض الدول كما قامت الولايات المتحدة بتعديل جدول التعرفة الذي تم الاتفاق عليه مع باقي الدول الاعضاء بالمنظمة اثناء المفاوضات في جولة الأورغواي وكان التعديل غير مبرر ويتعارض مع كافة مبادئ منظمة التجارة العالمية.
كما فشلت في اثبات ان التطورات التي حدثت لصناعة الصلب سببها تزايد واردات الصلب. وفشلت في ان تقوم بابلاغ الدول الاخرى الاعضاء بالمنظمة كتابيا بالمعلومات المتعلقة بالقضية كي يتسنى لتلك الدول التشاور مع الولايات المتحدة قبل دخول تطبيق ذلك القرار حيز التنفيذ.
كما ان الولايات المتحدة فشلت في تعديل قوانينها وانظمتها وتشريعاتها واجراءاتها بما يتوافق مع اتفاقية التدابير الوقائية واتفاقية الجات 1994م.
نتائج الدراسة
استعرضت الدراسة عدة محاور بهدف إلقاء الضوء على الآثار الاقتصادية والقانونية للقرار الامريكي بشأن واردات الصلب، وتوصلت الدراسة الى مجموعة من النتائج والتي تتلخص في ان هنالك ازمة حقيقية في صناعة الصلب العالمية والتي ستلقي بظلالها على صناعة الصلب العربية وهذا يوجب على الصناعة العربية خلق المزيد من التعاون والتنسيق بين الشركات العربية، وتشجيع اندماجها مع بعضها لتصبح اكثر قدرة على البقاء على قيد الحياة وزيادة قدرتها التنافسية، كذلك يتطلب الامر من الشركات العربية الحد من انتاج المنتجات غير القابلة للتسويق، والتركيز على انتاج منتجات تتمتع بقيمة مضافة عالية، والتكيف مع تغيرات السوق من حالة الاستقرار والحماية القوية الى سوق ديناميكية ذات حماية متناقصة. كما يتوجب عليها تشجيع تجارة الصلب العربية البينية، والتدريب المستمر لليد العاملة والتعجيل بالتحديث التكنولوجي ولاسيما تلك المعامل التي تعتمد على تكنولوجيا قديمة.
وتتجه دول العالم حاليا لاتباع سياسة حمائية لحماية صناعة الصلب، وهذا يتطلب من الدول العربية وضع استراتيجيات واضحة من اجل المحافظة على صناعة الصلب العربية وحمايتها من التطورات في سوق الصلب العالمية، ويمكن المشاركة بأي جهد دولي يهدف الى التوصل الى اتفاقية متعددة الاطراف بشأن منتجات الصلب.
ورغم ان القرار الامريكي بزيادة الرسوم الجمركية على الصلب يعتبر قرارا انفراديا ولا يخدم النظام التجاري العالمي متعدد الاطراف حسب رأي كثير من الخبراء الا ان الولايات المتحدة لم تتجاهل دور المنظمة في تسوية النزاعات التجارية، ومن هذا المنطلق بادرت الى ابلاغ المنظمة بالقرار والاسباب الموجبة لاتخاذه بعد صدوره وقامت باجراء بعض التعديلات بهدف تجنب الصدام مع شركائها التجاريين. وكان للقرار الامريكي آثار اقتصادية كبيرة على المستوى العالمي وهذا الامر جعل كثيرا من الدول الاعضاء بالمنظمة مثل الاتحاد الاوروبي واليابان والصين تسارع الى طلب مشاورات رسمية وترفع القضية لجهاز تسوية النزاعات بالمنظمة للبت في القضية. وعند فشل المشاورات مع الجانب الامريكي لثنيه عن القرار قام الاتحاد الاوروبي بفرض تدابير وقائية على بعض منتجات الصلب خوفا من تدفق بعض منتجات الصلب الخاضعة للقرار الامريكي الى اسواق دول الاتحاد.
ويعتبر القرار الاوروبي بهذا الشأن متوافقا من حيث المبدأ مع قواعد منظمة التجارة العالمية. بالاضافة الى اتخاذ تدابير وقائية هدد الاتحاد الاوروبي ودول اخرى مثل (الصين واليابان والنرويج) باتخاذ تدابير وقائية انتقامية ضد بعض المنتجات ذات المنشأ الامريكي من اجل الحفاظ على مستوى التنازلات والالتزامات المتفق عليها بين الولايات المتحدة وتلك الدول بموجب اتفاقية الجات 1994م، بهدف تعويض الخسائر المباشرة التي ستتحملها تلك الدول نتيجة للقرار الامريكي لان اتفاقية التدابير الوقائية تتيح للدول الطلب من المنظمة تعليق الالتزامات بما يعادل الخسارة الناجمة عن فرض التدابير.
كما انه يحق للدولة العضو بالمنظمة ايضا اتخاذ تدابير انتقامية ضد الدولة الاخرى العضو بالمنظمة تعادل الخسارة المباشرة الناجمة عن فرض التدابير في حال ثبت لدى جهاز تسوية النزاعات بالمنظمة ان التدابير الوقائية المطبقة لا تستند الى تزايد الواردات.
وبما ان معظم الدول العربية اعضاء في منظمة التجارة العالمية فيمكنها الاستفادة من الفرص التي تتيحها المنظمة لاعضائها في الحفاظ على مستوى الالتزامات والتنازلات التي تم التوصل اليها بموجب المفاوضات، وهذا يوجب على تلك الدول اكتساب القدرات الفنية للتعامل مع اتفاقيات المنظمة بالشكل الذي يحقق ذلك الهدف. وتحت هذا الاطار يجب على الدول العربية توفير الكوادر الفنية القادرة على حماية الصناعة الوطنية (ومن ضمنها صناعة الصلب) عن طريق اصدار الانظمة التي تساعد على حماية الصناعة من الواردات الاغراقية والمدعومة وانقاذها من تزايد الواردات.
وعلى الرغم من ان المملكة لن تتأثر بصورة مباشرة بالقرار الامريكي على منتجات الصلب، الا ان سوق المملكة يمكن ان تصبح ملجأ هاما بالنسبة لكثير من الدول التي لا تستطيع تصريف صادراتها من منتجات الصلب في السوق الامريكي. وبالتالي فمن المهم مراقبة تدفق واردات الصلب الى المملكة بشكل مستمر لاتخاذ الخطوات المناسبة لحماية صناعة الصلب السعودية عند الحاجة. كما ان توجه كثير من دول العالم لدعم وحماية صناعة الصلب، يوجب على صناعة الصلب السعودية تطوير قدراتها لكي تستطيع حماية نفسها، ولكي تكون قادرة على التعامل مع المتغيرات الجديدة بعد انضمام المملكة للمنظمة. وفي هذا الاطار يتوجب على الصناعة الاستفادة من الكفاءات الفنية القادرة على التعامل مع اتفاقية مكافحة الاغراق واتفاقية الدعم والرسوم التعويضية واتفاقية التدابير الوقائية بشكل فعال. وبما ان الدولة لا تستطيع تقديم حماية للصناعة الوطنية من الواردات الاغراقية او المدعومة او في الحالات التي تواجه فيها الصناعة اضرار نتيجة لتزايد الواردات الا في ظل وجود انظمة سارية تعالج هذه الموضوعات، يكون من الضروري الاسراع باخراج نظام مكافحة الاغراق ونظام الرسوم التعويضية ونظام التدابير الوقائية الى حيز التنفيذ باقصى وقت ممكن لما لهذه الانظمة من فوائد على الاقتصاد السعودي بشكل عام وصناعة الصلب السعودية بشكل خاص.
* مستشار شؤون منظمة التجارة العالمية بالغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.