دعا امام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور اسامة بن عبدالله خياط المسلمين الى تقوى الله لانها يقظة وحياة للقلب وسعادة للروح وسمو للنفس ونور فى القبر ونجاة وسرور يوم البعث والجزاء والنشور. وقال فضيلته فى خطبة الجمعة التى القاها أمس فى المسجد الحرام أيها المسلمون فى غمرة الاغترار بزخرف الحياة الدنيا وزينتها وبين لهوها ولغوها ووسط هجير مطامعها ومطامحها يطول الامد على فريق من الناس فيعقب ذلك نسيان أو تناسى لعظم ما امتن الله به عليه من نعمه السابغة والائه الجليلة وفى الطليعة منها هذا الدين الحنيف وهذه الشريعة المكرمة التى تضمنها التنزيل العزيز والهدى النبوى الكريم فجاءت كما اراد الله محققة لمصالح العباد فى المعاش والمعاد. وأضاف الشيخ الخياط يقول : وان من مكارم هذه الشريعة ما حفلت به نصوصها وقواعدها من بيان الوسائل التى تدرأ بها المفاسد وتسد بها منافذ الشرور وتوصد ابواب النكر والبلاء والرذائل وتحرس بها ساحة الحق وتحمى بها حمى الفضائل وان الحكم التشريعية فى سد الذرائع التى يتوصل بها الى المحظور تتجلى فى ابواب شتى من ابواب العقائد والعبادات والمعاملات غير ان من اوضح صور ذلك ما شرعه سبحانه لنساء المؤمنين وما حده لهن من حدود وما وضعه لهن من معالم وما خط لهن من مسالك اصابت بها المرأة المسلمة حظا موفورا من تفرد وتميز الشخصية وطهارة وسلامة السيرة ونقاء المسلك وان فى طليعة ما شرعه الله فى حق المؤمنات ايجاب الحجاب وحظر الاختلاط بالرجال وانهما تشريعان مقترنان متلازمان فكما يجب الاذعان لما اوجبه الله من حجاب كامل سابغ ساتر يصون العفاف ويحفظ الطهر و يستبقي الحياء ويدفع الايذاء وذلك بقوله سبحانه (يا أيها النبى قل لازواجك و بناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما). ويجب الاذعان ايضا لما حذره الله من اختلاط النساء بالرجال وهو الحذر الذى نصت عليه جمهرة من الادلة الصحيحة الصريحة الواضحة البينة منها ما اخرجه الامام احمد فى مسنده والترمذى فى جامعه عن امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لايخلون رجل بامرأة الا كان الشيطان ثالثهما) وهو خبر تضمن نهيا صريحا عن الاختلاط فى حق الافراد وعلل بعلة الواضحة التى لاتحتمل غير ما دله عليه من صحة المعنى وحكمة المغزى ومنها ما اخرجه الشيخان فى صحيحيهما عن عقبة بن عامر رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (اياكم والدخول على النساء فقال رجل من الانصار افرايت الحمو يريد اقارب الزوج من الاخوة و ابنائهم و ابناء الاعمام و امثالهم) وقال النبى صلى الله عليه وسلم (الحمو الموت) اى هو فى شدة ضرره على المراة بدخوله عليها كالموت المجهز على الحياة و هو نهى صحيح صريح ايضا عن المخالطة للنساء لالبس فيه و لاخفاء و لا احتمال وكلا النهيين جاءا على لسان الصادق المصدوق الذى لاينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه فهل يصح ان يقدم على قوله قول احد سواه و هو الناصح الشفيق الرؤوف الرحيم بامته. وتساءل الشيخ اسامة خياط لماذا وصف رسول الله صلى الله عليه و سلم صفوف الرجال و صفوف النساء عند الصلاة فى المساجد بقوله فيما اخرجه مسلم فى صحيحه عن ابى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال اولها و شرها اخرها و خير صفوف النساء اخرها و شرها اولها لماذا جاء هذا الوصف النبوى يا اولى الالباب اليس ذلك للتأكيد القوى على لزوم المفاصلة والمباعدة وذلك بطريق البيان لحال ومال اول الصفوف و اخرها فى كل من الفريقين و اذا كان هذا التشريع واردا فى حق المؤمنين و المؤمنات عن اجتماعهم لعبادة ربهم فى المساجد التى وصفها سبحانه ووصف عمارها بقوله (فى بيوت اذن الله ان ترفع و يذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة و ايتاء الزكاه يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار) فكيف بغيرها من المجامع التى قد تضم اجسادا من خيار الخلق و شرارهم و من ابرارهم و فجارهم افلا يجدر يا عباد الله امضاء هذا التشريع النبوى الكريم عليها افلا يجدر بالامة ان تمضى هذا التشريع النبوى الكريم عليها بطريق اولى لاتحاد العلة فى الحالين ولوجود المقتضى وانتفاء المانع. وقال امام و خطيب المسجد الحرام انه لايجوز لمؤمن بالله ومصدق برسوله صلى الله عليه وسلم ان يخوض غمار هذه القضية بمجرد الراى الذى لاتسنده حجة ولا بالزعم الذى لايعضده برهان ولا باتباع الظن وما تهوى الانفس بل يتعين فى الخائض غمار ذلك من محكمات الدين و قضاياه ومسائله ضرورة الاتصاف بكمال الاخلاص لله تعالى و تقواه و تمام التجرد من الاهواء والنزعات التى تنزع به بعيدا عن الحق مع احسان القصد بارادة النصح للامة و الشفقة على الخلق مقرونا بسعة علما بصحيح الادلة من ضعيفها مع حسن فقه للنصوص وسلامة استنباط و صبر و جلد تجمع ذلك كله اهلية كاملة ورسوخ فى العلم. واختتم امام و خطيب المسجد الحرام خطبته مؤكدا ان ما جاء فى كتابه العزيز و ما ورد مبينا فى سنة نبيه صلى الله عليه و سلم مما يتصل بأمر الحجاب و حظر الاختلاط بين الرجال و النساء لايرتبط بزمان من الازمنه و لايختص بمكان من الامكنه و لايختص دون غيرهم بل هو عام لكل ذلك زمانا و مكانا و افرادا لان من شرعه هو خالق الزمان و المكان و الانسان و هو عليم بخلقه حكيم فى تدبيره منزه سبحانه عن العبث فى قضائه و حكمه و امره ونهيه ولايكون ايمان به عز اسمه الا بالاذعان لحكمه و التحكيم لشرعه و التسليم له دون حرج فى النفوس او ريب فى القلوب فكونوا عباد الله من العاملين بالوحيين المستمسكين بالتنزيلين و حذارى ان تفرق بكم السبل عن سبيله. كما دعا فضيلة امام وخطيب المسجد النبوى الشريف الشيخ عبدالبارى بن عوض الثبيتى المسلمين الى تقوى الله عز وجل حق تقاته والبعد عن المعاصى والذنوب وقال فى خطبتى الجمعة بالمسجد النبوى الشريف أمس فى مثل هذه الايام من كل عام تكثر مناسبات الزواج التى يتحقق بها اغلى امنيات الشباب من البنين والبنات فى اقامة بيت مسلم سعيد يجدون فيه المأوى الكريم والراحة النفسية بعد عناء العمل والحلم السعيد فيترعرع فى كنفات هذا البيت وينشأ بين جنباته جيل صالح فريد فى ظل ابوة حادبة وامومة حانية.. هذا البيت ماهو سماته ومامنهجه وكيف تتحقق سعادته قال تعالى (ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان فى ذلك لايات لقوم يتفكرون). والبيت نعمة لايعرف قيمته وفضله الا من فقده.. فعاش فى ملجأ موحش او ظلمات سجن او تائه فى شارع او فلاة. قال تعالى (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا). قال ابن كثير (يذكر تبارك وتعالى تمام نعمته على عبيده بما جعل لهم من البيوت التى هى سكن لهم يؤون اليها ويستترون فيها وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع). واضاف فضيلته ان البيت المسلم امانة يحملها الزوجان وهما اساس بنيانه ودعامة اركانه وبهما يحدد البيت مساره.. فاذا استقاما على منهج الله قولا وعملا وتزينا بتقوى الله ظاهرا وباطنا وتجملا بحسن الخلق والسيرة الطيبة.. غدا البيت مأوى النور واشعاع الفضيلة وسطع فى دنيا الناس ليصبح منطلق بناء جيل صالح وصناعة مجتمع كريم وامة عظيمة وحضارة راقية. وقال فضيلته مخاطبا الزوجين: بيتكما قلعة من قلاع هذا الدين وكل منكما يقف على ثغرة حتى لاينفذ اليها الاعداء.. كلاكما حارس للقلعة وصاحب القوامة هو الزوج وطاعته واجبة قال الرسول صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وقال (والام راعية فى بيتها ومسؤولة عن رعيتها). واوضح ان البيت النبوى ومن فيه من امهات المؤمنين هو اسوة البيوت كلها على ظهر الارض.. بيت نبوى ترفع عن الرفاهية والترف وداوم على الذكر والتلاوة.. رسم لحياته معالم واضحة وضرب لنفسه اروع الامثلة فى حياة الزهد والقناعة والرضا... خير رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه دون اكراه بعد ان اعدهن اعدادا يؤهلهن لحياة المثل العليا والميادين الخالدة.. نزلت اية التخيير تخير زوجات النبى صلى الله عليه وسلم بين الحياة الدنيا وزينتها وبين الله ورسوله والدار الاخرة قال تعالى ( ياايها النبى قل لازواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين امتعكن واسرحكن سراحا جميلا ). وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الاخرة فان الله اعد للمحسنات منكن اجرا عظيما. قالت عائشة وكل زوجاته رضى الله عنهن كلهن افيك يارسول الله استشير ابوى بل اختار الله ورسوله والدار الاخرة ليس معنى هذا ان فى الاسلام دعوة الى القلة والفقر او ان الجنة تمنع التمتع بطيبات الحياة وانما هى القدوة المثلى والاسوة الحسنة والنماذج العالية التى رباها الاسلام . وقال فضيلته ان البيت المسلم الذى اقامه الرعيل الاول جعل منهجه الاسلام قولا وعملا وصبغ حياته بنور الايمان ونهل من اخلاق القرآن فتخرجت من اكنافه نماذج اسلامية فريدة كتبت اروع صفحات التاريخ واشدها سطوعا.. وأكد فضيلته ان السعادة فى البيت المسلم لا تتحقق بتوافر المسكن الفاخر والملابس الفاخرة فهذا فهم خاطئ للسعادة بل ان السعادة تتوافر بتحقيق تقوى الله عند كل من الزوجين ومراقبته فى السر والعلن وفى الغيب والشهادة تتحقق السعادة بأن ينظر كل من الزوجين الى الزواج على أنه عبادة يتقرب كل منهما الى الله بحسن أداء واجباته الزوجية باخلاص واتقان.. فى ظل هذه المعانى يقوم البيت المسلم السعيد عامرا بالصلاة والقرآن وتظلله المحبة والوئام وتنشأ الذرية الصالحة فتكون قرة عين للوالدين ومصدر خير لهما فى الدنيا والاخرة. قال تعالى (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).