يعاني بعض المسؤولين من وعكة عقلية، تظهر من خلال السلوك الذي يطغى على كثير من جوانب حياتهم العملية “المعلبة” والمغلفة بكثير من قشور الوجاهة.. لقد أصبح هذا الأمر ظاهرة إجتماعية يتم تقبلها وتوارثها مع آليات مايسمى بالتعديلات الوزارية والإدارية في البلد، فقد يحدث التغيير للتغيير فحسب!.. ويرافقه كثيراً من الهالات والأضواء ويستمر تمجيد هذا الإجراء أياماً وأسابيع! ويُسبَق عليه ضروب الحكمة وبعد النظر.. تمضي المواسم والنتائج كما كنت لا شئ يذكر، فمتى أخر مرة عم المجتمع فيها الفرح والفخر والزهوا، كل المجتمع؟! إثر قرار يُقر ليستقر في ذاكرة الأجيال القادمة!. دعونا من المثاليات وشكلياتها المزيفة.. ولنحاول تنشيط الذاكرة ونحدد ذلك التغيير الذي جاء بأهدافه المعلنة، من خلال ذكر النتائج على أرض الواقع، والذي تلاه الرضا العام!.. متى؟ وأين؟.. لقد كبر سنام الجمود، ونضب التجديد من العقول، وتحول نظام القطيع إلى المسؤولين فأصبحوا يقلدون بعضهم، في الحركات، والعلاقات، والسمات الشخصية المصطنعة، يكذبون على أنفسهم، تجد أحدهم وكأنه قد حقن رقبته بكيلوا من مادة السيلكون حتى لا تقع عينه على أحد الحافين طبعاً بنظره.. يخيلك وهو يمشي كأنه قطار المهراجا الفاره المظهر!.. شكليات غبية، وعدوى تنتقل من مسؤول لآخر.. تتبدل المراكز، الأسد في مكان ما قد يصبح أرنب في مكان آخر.. والصقر هنا يتحول إلى حبارى عندما يجد نفسه هناك.. وهكذا سلسلة مترابطة من القيادات التي تعيش في خيالات من الوهم والوهن.. الموغلة في النرجسية والتبعية لقوى دونية!.
كان يمكن أن نتجاوز عن مثل تلك الشكليات لو أحدث هؤلاء تحولات عملية تصب في قناة الصالح العالم، ولكن للأسف حشفا وسوء كيلة.. فلا هم الذين أعطوا المسؤولية حقها تجاه المجتمع.. ولا للمتلقي من سبيل في المطالبة واسترداد حقوقه .. وهذا إنقلاب خطير على مفاهيم المجتمع الحي، بل أصبح أكبر إنجازات المسؤول الحاذق قدرته على جعلها من المسلمات!.
أيها المجتمع.. ألا تعي أنك تعيش أتعس أيامك الفكرية والبنيوية!، فلا علوم تضعك في مصاف الأمم الحية، ولا صناعات تقارع ما تستهلكة وما تفاخر بامتلاكه.. ولا تشريعات تتلمس أثر النهوض.. حتى قيمك الخالدة أندثرت وتدثرت بجلباب الفصاحة والإطناب وأصبحت من ضروريات تجميل المنابر! حسبك فعاليات وقتية، ومناشط لاجتذاب الأضواء.. إن متطلبات النهضة أكبر، وما تنشده المسؤولية الحقه أجل، فلم تعد أساليب التلميع تنطلي على السواد الأعظم من الجماهير المنتشرة في شرايين شبكات الاتصال العابرة للحدود، فالتحولات المعاصرة شملت كل شرائح المجتمع، وأخطر تلك التحولات هي المسحة المعرفية الشبابية، التي بدأة تمحص الغث من السمين، فمن أبتلي بسمات التمظهر عليه التوقف وتقديم ما يستحقه هذا المجتمع الذي طالت غيبته، حتى يتعذر على جهابذة الواجهة معرفة الكيفية التي سيكون عليها حضوره؟!.