كم هي الرياض مدينة "محظوظة"، أو لنقل "محسودة"، وهي تتربع في بؤرة اهتمام ولاة الأمر، يخصصون لها البرامج والاستراتيجيات النوعية، لتحويلها إلى مدينة راقية، تتلألأ في بهاء اقتصادي، وتطور اجتماعي، بجانب تنمية اجتماعية شاملة. وكم هي المملكة اليوم، محل تقدير العالم واحترامه، وهو يراها تتجه طوعاً صوب برامج ومبادرات من شأنها حماية الشعوب ومكتسباتها، من نافذة الحفاظ على المناخ من الأخطار المحيطة به، وهي كثيرة ومتنوعة، ليس أولها التغير المناخي والاحتباس الحراري، وليس آخرها التصحر وزحف الرمال، وهي أخطار تستهدف نحو 90% من محيط وطننا العربي. لا أدري، لماذا تملكني شعور بالفخر والتباهي، كوني سعودياً، وأنا أتابع ما دار في منتدى السعودية الخضراء، الذي فاجأ فيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الجميع في الداخل والخارج، بحزمة مبادرات نوعية، بعضها يخص العاصمة الرياض، وبعضها يستهدف السعودية ومحيطها الإقليمي، في مشهد "استثنائي"، يؤكد لمن يهمه الأمر، أن المملكة دولة كبرى بمبادئها وبرامجها وعطائها الوفير، الذي يتجاوز حدود الوطن، ويصل إلى دول العالم. قبل نحو عام، لم يدفع أحد المملكة للإعلان عن هذه مبادراتها الثلاثة؛ الرياض الخضراء، السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر، فهي كانت نتاجاً طبيعياً، لاستشعار المملكة طبيعة الدور الذي ينبغي القيام به طوعاً للحفاظ على مناخها، ومناخ منطقة الشرق الأوسط، نقياً وخالياً من علامات التغير المناخي، هذا الدور ليس جديد العهد على المملكة، التي سبق أن أعلنت مجموعة مبادرات، تصب جميعها في صالح البشرية، قبل صالح المملكة، في مشهد "إيثار" واضح المعالم والأهداف. مبادرات المناخ، التي أعلنها ولي العهد، حملت من "الريادة" نصيب الأسد، بما يضمن إعادة الشباب إلى كوكب الأرض، فعندما تشمل هذه المبادرات بعنايتها مجال الطاقة، وتستهدف خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً، بحلول عام 2030م، وعندما تستهدف مبادرات التشجير زراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل ثمانية ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وزيادة أراضي المحميات إلى 20% من إجمالي مساحة المملكة، فيجب أن ندرك أننا أمام خريطة طريق سعودية متكاملة الأركان، تسعى إلى ترميم كوكب الأرض. وعندما يخص الأمير محمد بن سلمان العاصمة دون سواها، ب"استراتيجية استدامة الرياض"، وشمولها أكثر من 68 مبادرة طموحة للاستدامة في خمسة قطاعات، وهي: الطاقة والتغيّر المناخي، وجودة الهواء، وإدارة المياه، وإدارة النفايات، والتنوع الحيوي والمناطق الطبيعية، ويضاف هذا إلى مساعي بإدراج الرياض ضمن أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم بحلول 2030، فنحن هنا أمام مشهد عنوانه الأبرز العزيمة والإصرار على تأسيس المدن الاقتصادية المتكاملة، التي تنعم بكل مقومات جذب السكان والاستثمارات المحلية والأجنبية، وإذا كانت المبادرة الأخيرة تستهدف الرياض، فهذه مجرد بداية لمبادرات مماثلة، سوف تستهدف بقية المدن السعودية، لتنعم بما تنعم به الرياض.