لطالما كانت المملكة سبّاقة في بذل الجهود للمحافظة على كوكب الأرض، وحماية مناخه وأجوائه من التلوث والاحتباس الحراري، وانبعاثات الكربون، وهو ما يؤكد حزمة مبادئ تؤمن بها منذ عقود، بأن المحافظة على الطبيعة واجب ديني، واجتماعي، وأدبي، ينبغي على الجميع القيام به بأفضل صورة، من أجل حماية الإنسان وتعزيز معيشته في بيئة صحية. وعندما يعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر" فهذا أكبر دليل على اهتمام ولاة أمر المملكة أنفسهم بهذا الملف، الذي يُنذر بمخاطر وخيمة إذا لم تكن هناك تحالفات ومبادرات دولية، وتوافق عالمي على أهمية حماية المناخ من أي مؤثرات سلبية. يُضاف إلى ذلك أن ولي العهد بطرح المبادرتين بهذه الشمولية، وتسخير كل الإمكانات الفنية والبشرية والمادية لتنفيذهما على أرض الواقع، فهو بذلك يعزز مفهوم المبادرات المناخية الدولية، هذا المفهوم افتقده العالم، الذي اعتاد أن ينظم القمم المناخية العالمية، وتقتصر الأعمال فيها على المناقشات والتوصيات، من دون آلية للتنفيذ، وهذا يفسر سبب تأخر وضعف برامج المحافظة على المناخ. ولو أن ولي العهد اكتفى بالإعلان عن مبادرة "السعودية الخضراء"، لكان الأمر طبيعياً، ولكن بإعلان سموه عن مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" أيضاً، فهذا أكبر دليل على أن حرص سموه تجاوز حدود الوطن، وامتد إلى المحيط الإقليمي للمملكة، بأن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الملوثات، وتتمتع بطبيعة ساحرة كما خلقها الله، من دون تدخل يد البشر فيها، ويعكس هذا الإيمان الراسخ للمملكة بأنها جزء لا يتجزأ من منطقة الشرق الأوسط، وما يهدد المنطقة يهدد بالتالي المملكة وشعبها. ولا يمكن الفصل بين مبادرتي ولي العهد، وبين المسؤولية الاجتماعية التي تشعر بها المملكة، باعتبارها دولة نفطية عملاقة، تستخرج الملايين من براميل النفط من باطن الأرض يومياً، وهو ما يؤثر بطريقة أو بأخرى في البيئة بشكل عام، ويدفع المملكة طوعاً لاتخاذ أي إجراءات أو مبادرات للمحافظة على البيئة في المنطقة، وربما هذا يفسر اتجاه المملكة للاستفادة من الموارد الطبيعية، وتوليد الطاقة من مصادرها المتجددة مثل الشمس والرياح بنحو 9.5 غيغاوات بحلول العام 2023م، والمصادر البديلة مثل الطاقة الذرية للمساهمة في مزيج الطاقة الوطنية السعودية.