اختتمت فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب في نسخته الأخيرة والمطورة، حيث تم تدشين المعرض الذي امتدت فعالياته على مدى عشرة أيام؛ ليكون مختلفاً ومواكباً للتطور الذي تشهده المملكة العربية السعودية في مختلف قطاعاتها، ومن أهمها القطاع الثقافي. وكمتابع للحراك الثقافي المستمر الذي يبلغ ذروته عند إقامة معرض الرياض الدولي للكتاب، كونه الأبرز والأقدم من بين معارض الكتاب التي تقام في السعودية، أجد تطوراً كبيراً في هذا القطاع والأرقام خير شاهد على ذلك، ففي النسخة الأخيرة التي اختتمت قبل عدة أيام، بلغ عدد العناوين المعروضة مليون عنواناً، وبلغ عدد دور النشر المشاركة أكثر من ألف دار نشر، وعدد الدول المشاركة ثلاثين دولة. بالإضافة للعديد من الفعاليات التي أقيمت على هامش المعرض، والتي عبرت عن رؤية جديدة لصناعة النشر، وتجربة مختلفة تستحق أن نشيد بها ونتعاون مع الجهات القائمة عليها؛ للوصول بالمشهد الثقافي للمستوى المأمول. وبالتزامن مع إقامة المعرض فقد تابعت باهتمام كبير اللقاء الذي تم فيه استضافة الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور محمد حسن علوان، والذي تحدث فيه عن جوانب كثيرة وجهود عظيمة تبذلها الهيئة لتطوير قطاع النشر والتأليف في المملكة، أعجبتني فكرة الفسوحات الفورية التي يأمل أن تطبق في المستقبل القريب. وهناك الكثير من التطلعات والمشاريع التي الجبّارة التي تعمل عليها الهيئة، فلهم منّا جزيل الشكر وصادق الدعاء بالتوفيق. ولكن دعونا نتوقف قليلاً أمام الضجة التي حدثت حول معرض الكتاب، ونتساءل حول أسبابها ونتعاون من أجل إيجاد الحلول لها، ونكاد نتفق بالأغلبية العظمى على وجود بعض العناوين المثيرة في المعرض، وهو أمر ليس بالجديد، فقد حدث ذلك في نسخ سابقة، وسيحدث طالما أن حركة التأليف مستمرة والمؤلفين ماضون في الكتابة، وطالما أن الهيئة تتطلع لأن تكون عملية إصدار الفسوحات فورية، أو دعونا نقل بشكل سريع. بحيث يتحمل المؤلف مسؤولية ما يكتب إذا ثبتت مخالفته بعد إصدار الفسح وتوزيع الكتاب، حيث أرى من وجهة نظري أن بإمكان الهيئة إصدار الفسوحات بشكل سريع (يومين أو يوم واحد) في حال أن الهيئة تعاقدت مع مجموعة كبيرة من المراجعين والمدققين بنظام التعاون، وأوكلت لهم مسؤولية التدقيق والمراجعة للمطبوعات والكتب المقدمة للهيئة، بحيث يتم يتم تقسيم صفحات الكتاب الواحد على أكثر من مراجع (كتاب من 200صفحة/ 4 مراجعين). ففي هذه الحالة يمكن إصدار الفسح بشكل سريع عندما يقوم أكثر من مراجع بتدقيق محتوى الكتاب، لا أن يتم الاعتماد على عدد قليل من الموظفين التابعين للهيئة فتطول مدة إصدار الفسوحات، في حين يمكن حل هذه المسألة عندما يكون لدى الهيئة الكثير من المتعاونين من الكتاب والمثقفين المؤهلين لتولي مهمة التدقيق والمراجعة قبل إصدار الفسوحات، فنضمن الرقابة على المطبوعات قبل نشرها، ونسرّع من عملية إصدار الفسوحات. وهناك أمر آخر لا بد من الإشارة إليه والتوقف أمامه، وهو مسؤولية دور النشر عن الكتب الصادرة من خلالها، فالجميع يعرف أن معظم دور النشر إن لم يكن جميعها تتعامل مع الموضوع من جانب ربحي، وتبحث عن الأسماء المثيرة والشهيرة؛ حتى تحقق أرقاماً عاليةً لمبيعاتها ورواجاً واسعاً لإصداراتها، وهذه مسألة تسويقية بحته، إن لم يواكبها إحساسٌ بالمسؤولية بضرورة نشر الثقافة والعلوم والمعارف؛ فهذا خطأ كبير. وهنا أقترح على المسؤولين عن معرض الكتاب إتاحة الفرصة لعموم القراء والمطلعين، للتواصل معهم قبل إقامة المعرض وتلقي شكاويهم وبلاغاتهم حول بعض الإصدارات قبل أن يتم عرضها في المعرض. فالقارئ له دور مهم في تطوير المشهد الثقافي من خلال العمل يداً بيد مع الجهات المسؤولة، وعلى دور النشر أن تعيد النظر في سياساتها قبل أن تتفاجأ بقرارات الحرمان من المشاركة أو الغرامات المالية المغلظة.