فتحت تكنولوجيا المعلومات الرقمية مورداً جديداً للتعليم والتعلم. فلقد أصبح التعليم الإلكتروني عن طريق الإنترنت وشبكة المعلومات الدولية، والأجهزة النقالة، وأدوات التواصل الاجتماعي من ثوابت العصر، فقد حل التعليم الإلكتروني محل الفصول التقليدية، وبذلك تغيرت طرائق وأنماط التدريس، وتمكن الطلاب من تعلم ما يريدون وقتما يريدون وحينما يريدون، وبالقدر الذي يريدون؛ والأكثر أهمية أنهم سيتمكنون من تقييم ما تعلموه. من جانبها، قالت ترى الدكتورة فطيم السبيعي، أستاذ علم النفس المدرسي ووكيلة قسم علم النفس بجامعة نورة بنت عبدالرحمن، أنه بخصوص دور المنصات الإلكترونية في تعزيز القيم الفكرية أنه يقع على عاتق المنصات الإلكترونية الدور الكبير في التنشئة والتأثير ولاسيما في القيم الفكرية حيث اصبح العالم قريه صغيره. وتضيف الدكتورة عزيزة اليوبي أستاذ الصحة النفسية بجامعة طيبة أنه في ظل الظروف الراهنة, أصبحت البيئة المدرسية الافتراضية أحد الأدوات المهمة التي يتم من خلالها تعزز وترسيخ القيم الفكرية, ويشير الدكتور هلال الحارثي مدير مركز الإرشاد الطلابي بالجامعة الإسلامية. أنه يجب التفاعل معها باعتدال واقتدار, حيث يمثل ذلك علامة من علامات الوعي الفكري، والنضج المعرفي، والتعامل الحضاري, سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. بينما يرى الدكتور فيحان المرشدي أستاذ الإرشاد النفسي بجامعة شقراء, أن التعليم من خلال المنصات التعليمية خلق نوعا من التشويق والمتعة وذلك باستخدام الصور والمؤثرات الصوتية والرسوم المتنوعة، التي تشد انتباه الطلاب، وترفع من مستوى فهمهم لكل ما يتعلق بالقيم الفكرية والايجابية. ويرى نواف العصيمي باحث دكتوراه في جامعة ام القرى علم النفس التعليمي, أن هذه المنصات تعد الطريق الأسهل, والأسرع, والأقل تكلفة لترسيخ القيم الفكرية, مقارنة بالبرامج الإرشادية والتوعوية التي تعمل عليها وزارة التعليم. ويضيف: "نستطيع القول بأن أفضل أنواع التعليم هو ذلك الذي يولد التشويق للمعرفة ويجعل العملية التعليمية أكثر متعة وأكثر حيوية مع قليل من الدروس التقليدية وكثير من المشاريع والقراءات والاطلاع في تعلم يتمركز حول الطالب لا المعلم". ويقع على المعلم/ة دور كبير في تعزيز منظومة القيم التربوية لدى الطلبة, حيث تشير اليوبي, أن المعلم عنصر مؤثر وفعال في تعزيز منظومة القيم التربوية من خلال مهارات التواصل التي تعزز هذه القيم لدى الطلبة، كما يذكر "الحارثي" أن المعلم يعمل على بناء الشخصية السوية المتكاملة من جميع الجوانب. بينما تبين "السبيعي" أن غرس القيم التربوية هو جزء من عمله التربوي, حيث يقوم بتعزيز القيم والمبادئ التي تساعد في انتاج أجيال مسلحة بالتعليم والفاعلية. ويؤكد المرشدي على دور المعلم المهم في توعية الطلاب بأهمية القيم الايجابية, وأهمية المشاركة البناءة في المجتمع. أما فيما يتعلق بواجبات الأسرة في تدعيم القيم الإيجابية في ظل التعليم الإلكتروني, فلقد أوضحت السبيعي, أن دور الوالدين أصبح صعب وشاق في ضل التغيرات السريعة والانفتاح الكبير في المجتمع فمن واجب الأسرة تأصيل القيم التي تراها مهمة ومساعده الأبناء في تعزيزها وزرع الثقة لديهم. بينما يذكر الحارثي, أن دور الأسرة في نظام التعليم الالكتروني يختلف عن نظام التعليم التقليدي, حيث تعمل على توفير بيئة خصبة للتعلم، لمساعدة الأبناء المتعلمين عن بعد على تنمية مهاراتهم الذاتية والحياتية. وأشارت اليوبي إلى دور الأسرة في متابعة تفاعله مع زملائه ومعلميه وتوجيهه التوجيه السليم عند وجود ملاحظات سلوكية أو معرفية يمكن أن تؤثر سلبا على بعض القيم، وأن تكون الأسرة نفسها نموذج يحتذي به الطفل في ممارساته اليومية. ويؤكد "العصيمي" على أن الأسرة هي الحلقة الأقوى في منظومة تعزيز القيم الفكرية فمتى ما كانت الاسرة معززة كان الأبناء ذو قيم فكرية معتدلة, ولكنهم ايضاً بحاجة لتوعية بأهمية تعزيز القيم الفكرية الايجابية عن طريق دورات التعليم عن بعد في مؤسساتنا التربوية. ومن ناحية أهم القيم التربوية الأكثر أهمية واجدر بالرعاية في ظل التعليم الإلكتروني، يرى الحارثي أن القيم الأخلاقية تعد من القيم الأكثر أهمية والتي تحتاج الى اهتمام وتدعيم ورعاية اكبر لكونها تحدد نوع تعامل الإنسان مع الغير، كما أنها تغرس المحبة في نفوس الآخرين، وتعمل على كسب القدوة الحسنة، مما ينعكس أثره على نجاح العملية التربوية. بينما ترى السبيعي أن أهم قيمه تربوية تحتاج دعم كبير هي القيمة الدينية فهي الأساس لدينا كمجتمع مسلم, كما أنها صالحة لكل زمان ومكان, وبالإمكان مواكبتها لتطورات العصر ولا يمكن لأمه أن تقوى وتصبح ذات شأن دون الحفاظ على هويتها الخاصة وهي هويتنا الإسلامية. وتوضح اليوبي أن قيم الصدق، والأمانة (خاصة في البيئة المدرسية الافتراضية في الوقت الراهن) هي الأكثر أهمية, ويؤكد المرشدي على أهمية تعزيز قيم المواطنة وتعزيز الأمن الفكري, بينما يرى العصيمي أن من أهم القيم هي قيمة الانتماء والوسطية.