تبدأ في مارس المقبل جلسات محاكمة علي كوراني، المنتمي إلى ميليشيات حزب الله اللبناني التي تصنفها الولاياتالمتحدة منظمة إرهابية، والذي ألقت المباحث الفيدرالية الأمريكية FBI القبض عليه ووجهت له تهم ارتكاب والإعداد لجرائم إرهابية، بعدما اعترف بالتخطيط لها. تبدأ فصول القضية، وفقا لما نشره موقع قناة العربية، منذ نحو 30 شهرا عندما كان علي كوراني يحتسي القهوة في ستاربكس بحي كوينز، واقترب من طاولته أحد عناصر FBI، ملوحا بشارته الرسمية ثم أخبره أنه يريد التحدث. اصطحب عميل FBI كوراني إلى مطعم ماكدونالدز القريب، حيث كان بانتظارهما عميلان آخران. وتبادل العملاء الفيدراليون الحديث مع كوراني وأطلعوه على معرفتهم بأنه على صلة ب”حزب الله”. وتكررت اللقاءات بين رجال المباحث الفيدرالية وكوراني خلال عام 2016، وحاولوا تجنيده كمخبر، بحسب أقوال كوراني في التحقيقات الفيدرالية. وأضاف كوراني أن أحد رجال FBI قال له: “ما من أحد سيشك في أنك تعمل لصالح FBI”، واقترح تسليمه خط هاتف من نوع خاص حتى يتمكنوا من التواصل معه بشكل آمن، ولكن كوراني رفض التعاون معهم في بادئ الأمر. وبعد مرور ما يقرب من عام على الاجتماع في مطعم ماكدونالدز، تراجع كوراني عن موقفه وبادر بعرض التعاون مع FBI، ولكن في مقابل ما كان يعتقد أنه وعد بالحصانة من المقاضاة ومساعدته في تسوية مسألة عائلية. وأخبر كوراني رجال FBI على مدى 5 مقابلات أنه طوال سنوات كان عميلا ينتمي ل”حزب الله”، وأنه أعد قائمة بمواقع لأهداف لعمليات إرهابية، منها مطار كنيدي الدولي، وأنه قام بنقل المعلومات عن طريق وسيط في لبنان، وفقا للمستندات المرفقة بعريضة الاتهامات جنائية، والمستندات الأخرى التي تم تقديمها للمحكمة. ودفعت خطورة المعلومات التي سردها كوراني، البالغ من العمر حاليا 34 عاما، عملاء المباحث الفيدرالية إلى إلقاء القبض عليه بدلا من مكافأته بتنفيذ طلباته وشروطه، وتجري محاكمته حاليا في مانهاتن باتهامات متعددة، منها التخطيط لحيازة أسلحة ومتفجرات لتنفيذ عمليات إرهاب دولي والتخابر مع جهة أجنبية وعدد من الاتهامات التي ستؤدي به إلى السجن مدى الحياة إذا تمت إدانته بالمحكمة. وفقا لأوراق القضية فإن علي كوراني كان يعيش حياة مزدوجة، حيث قام بدورين لشخصية واحدة في عالمين، أحدهما الساعي إلى تحقيق الحلم الأميركي، والآخر هو عضو المنظمة الإرهابية والخلية النائمة السرية. ففي نيويورك، لعب علي كوراني دور الرجل المهاجر الناضج صاحب الأسرة المكونة من زوجة وطفلين صغيرين، والذي يسعى لتحقيق طموحاته العملية والمادية. وحصل على شهادات في الهندسة الطبية الحيوية ومارس الأعمال التجارية بكل ثقة وثبات. ولكن كانت كل هذه المظاهر مجرد واجهة وهمية مصطنعة، حيث اعترف كوراني للمحققين الفيدراليين بأن مدربيه اللبنانيين أصدروا تعليمات له بالحفاظ على حياة طبيعية ظاهرياً، وفي نفس الوقت يقوم بجمع المعلومات الاستخبارية انتظارا لتلقي الأوامر بتفعيلها وشن هجمات إرهابية. ومن ناحية أخرى، اتهم محامو الدفاع عن علي كوراني، في جلسة استماع عقدت في مارس الماضي، الFBI بخداع موكلهم وأنهم قاموا بمجاراته والتربص به ليعترف بنفسه على نفسه بارتكاب الجرائم المنسوبة إليه. وعقب ممثل FBI على هذه الاتهامات قائلا إن رجال المباحث الفيدرالية لم يتعهدوا في أي وقت بعدم توجيه اتهامات له. وبالفعل أقر القاضي الفيدرالي ألفين هيلرشتاين بصحة موقف FBI، خاصة أنها لم تقدم أي وعود لإغراء كوراني كي يدلي لهم ب”5 اعترافات منفصلة” حول دوره كعميل إرهابي. وأدلى محامي الدفاع عن علي كوراني، مارك دنبوو، وهو أستاذ قانون بجامعة سيتون هول، بتصريحات أنه كان متداخلا وعلى دراية بالجلسات التي عقدها مع عملاء المباحث الفيدرالية، وأنه لم يكن من المفترض أن يخدعوا المحامين خلال مساعيهم لجلب شخص ما للتعاون. وعقب هذه الجلسة، قام كوراني بالاستغناء عن دنبوو واستبدال فريق المحامين، كما دفع أمام المحكمة بأنه غير مذنب، موضحا أن الكثير من الأقوال التي نسبتها إليه المباحث الفيدرالية غير صحيحة. ثم شهدت الجلسة التالية التي عقدت في ديسمبر 2018، رفض القاضي هيلرشتاين طلب محامي الدفاع الجيد الإفراج عن كوراني مقابل كفالة مالية، حيث رد مكتب المدعي العام الأميركي في مانهاتن بأنه “دوافع كبيرة للهرب من البلاد فضلا عن أن يشكل خطرا أكبر على المواطنين”. اعترف كوراني، اللبناني المولد، في التحقيقات الفيدرالية بأنه شارك في معسكر تدريب تابع لحزب الله عندما كان في السادسة عشرة من عمره، وتم تعليمه إطلاق النيران من بنادق هجومية من طراز AK-47 وقاذفات صواريخ محمولة على الظهر. وأضاف أنه تمكن من المشاركة في هذا المعسكر التدريبي بسبب صلات عائلته بمسؤول كبير في حزب الله. ودخل كوراني إلى الولاياتالمتحدة في عام 2003، وبعد 5 سنوات، حسب أقواله، تم تجنيده للانضمام إلى منظمة الجهاد الإسلامي، جناح حزب الله المسؤول عن أعمال التجسس المضاد والأنشطة الإرهابية خارج لبنان، وفقا لما تضمنته عريضة الاتهام. وذكر ممثلو الادعاء أن جوازات سفر كوراني تظهر قيامه برحلات إلى لبنان مرة واحدة على الأقل في الفترة من 2005 إلى 2015. وأفاد في اعترافاته أنه خلال زيارته للبنان عام 2011، حضر أحد معسكرات تدريب منظمة الجهاد الإسلامي، حيث درس تكتيكات عسكرية وتلقى تدريبا على استخدام الأسلحة. وفي نيويورك، أمضى كوراني أياماً في استطلاع الأهداف المحتملة لهجمات إرهابية، بما في ذلك مبنى فيدرال بلازا، الذي يضم مكاتب FBI في نيويورك ومنشأة تابعة للحرس الوطني للجيش الأميركي في مانهاتن وأحد مرافق الخدمة السرية في بروكلين. واعترف كوراني أيضا بأنه “مكلف” بتقديم معلومات عن الأمن في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك. وأعرب كوراني عن اعتقاده بأن “الخطة” ربما تكون أن يقوم بعملية تفجير انتحارية، وأن ضابط الاتصال المسؤول عنه أو الوسيط اللبناني كان قد سأله ذات مرة عما إذا كان قام بتسجيل مقطع فيديو يتضمن “وصيته”، موضحا أنه طالما شعر بأن جماعة الجهاد الإسلامي يمكن أن تضحي به في أي وقت. وتعليقا على التطورات القانونية في قضية كوراني، سواء فيما يخص الفخ الذي وقع فيه محاميه السابق بروفيسور دنبوو أو التكتيك الجديد الذي يتبعه محاميه الحالي شاخت، قال بروفيسور ستيفن غيلرز، خبير الأخلاقيات والأستاذ في كلية الحقوق بجامعة نيويورك، إن عملاء FBI “لم يستدرجوا بروفيسور دينبو بوعود كاذبة وإنما تركوه يترك موكله يسقط في الفخ”، موضحا: “إن مهمتهم هي العمل على إدانة المذنبين وليس تثقيف المحامين وتوعيتهم”.