الرياض - الوئام لن يمر الوقت كثيرا بين تصريحات ومواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأفراد حكومته حتى تشهد التخبط والارتباك في السياسة العامة لأنقرة، المهم أن الرئيس التركي يحفظ ماء وجهه أمام الشعب، والذي سرعان ما ينكشف بوقوع أزمات لم تشهدها تركيا من قبل، آخرها الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي عصفت بالليرة التركية أمام الدولار الأمريكي نتيجة تلك السياسات المرتبكة من أردوغان ونظامه. واقعة أخرى ربما تكشف وجه أردوغان المتخبط وتناقض حكومته، بعد تصريحات من دبلوماسيين أتراك بشأن الأزمة والأحداث على الساحة اليمنية، خاصة بعد الصراع الدائر بين الجيش اليمني المدعوم من التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، ومليشيات الحوثيين المدعومين من إيران، وإعلان السفير التركي باليمن، ليفنت إيلر، دعم بلاده للحكومة اليمنية في مواجهة تلك الملشيات. لكن في الواقع ما يفرضه الرئيس التركي نفسه بدعمه لجماعات العنف المسلح في الدول العربية وفتحه قنوات تركيا وآلياتها الإعلامية لأبواق جماعة الإخوان، توكل كرمان التي ما لبثت أن نست أزمات أهل اليمن الطاحنة وراحت تتاجر بقضايا أخرى بتدخلات في شأن الدول العربية، وآخرها أزمة اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي عندما ظهرت في مظاهرات باسطنبول تؤجج ضد المملكة العربية السعودية لتزييف الحقائق. واقع أردوغان يكشف مدى التخبط والارتباك والتناقض في وضع سياسات واضحة تسير عليها القيادة السياسية التركية في التعامل مع الأحداث الخارجية، لاسيما وأنه في الوقت ذاته جابت المظاهرات المؤيدة للمليشيات الحوثية المجعومة من إيران الأراضي التركية. وفي 8 يوليو الماضي خرجت مظاهرات بمباركة أردوغان وحكومته في إسطنبول، ورفعت صور زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي، ورددت هتافات مناهضة لقوات التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية محرضين على حماية الحوثيين ووقف القتال ضدهم. مظاهرات تركيا الممولة والمدفوعة من وسائل إعلام إخوانية قطرية، تسببت في حالة جدل واستياء واسعة في أوساط الدول العربية، بعد سقوط عباءة الدفاع عن المسلمين، بأن تلك التظاهرات تأتي من قبيل تنفيذ دور تركيا المكلفة به كونها أحد أضلاع مثلث الشر في المنطقة، والذي يضم أنقرة وطهران والدوحة، وبما أن الحوثيين مدعومين من إيران فإنه ليس من المستغرب أن نجد تظاهرات مؤيدة لهم بمدينة اسطنبول. تزامنت تلك التظاهرات مع ظهور قيادات حوثية في مدينة إسطنبول، بل إن بعضها عقد اجتماعات مع قيادات الإخوان المقيمين في أنقرة، لبحث الأوضاع التي تشهدها اليمن، على الجانب الأخر يخرج الإعلام الرسمي التركي، لينقل عن السفير التركي في اليمن، يؤكد فيه دعم أنقرة للحكومة اليمنية برئاسة عبدربه منصور هادي، كما يعلن استعداد لتقديم كافة أنواع المساعدات والتسهيلات لليمنيين، حيث يأتي تلويح أنقرة بتقديم مساعدات تركية إلى اليمن، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أنقرة مؤخرا. التصريح التركي، يأتي كمحاولة للتغطية على الدور السعودي الإماراتي الذي يقدم مساعدات إنسانية إلى الشعب اليمني عبر مركز الملك سلمان، والهلال الأحمر الإماراتي، إلا أن التصريح أيضا يؤكد حالة التخبط التركي بشأن الأوضاع في اليمن خلال الفترة الحالية.