بدأت مشاعر القلق والذعر تتسرب إلى أروقة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، تحت وطأة الدعوات المتلاحقة لمقاطعة بطولة كأس العالم 2018 بروسيا. ويلتزم "فيفا" الصمت على المستوى الرسمي، لكن على المستوى الشخصي وداخل القاعات المغلقة يؤكد بعض من قياداته أن واقعة تسمم الضابط الروسي سيرجي سكريبال في إنجلترا، كانت القشة التي قسمت ظهر البعير، فيما يتعلق بالتوتر الذي يشوب علاقات الدولة الروسية خارجياً. و سيرجي سكريبال هو ضابط روسي سابق أدين في موسكو 2006، بتسريب معلومات استراتيجية للدولة البريطانية. وأشارت صحيفة آس الإسبانية إلى أن إنجلترا بدأت محادثاتها مع حلفائها في الغرب من أجل ترك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمفرده في المقصورة الرئيسية لملعب "لوزهينيكي"، الذي يستضيف مباراة الافتتاح، بين روسيا والسعودية، 14 يونيو (حزيران) المقبل. ولقيت دعوات المقاطعة التي أطلقتها الحكومة الإنجليزية ترحيباً كبيراً من الولاياتالمتحدةالأمريكية. وكانت الحكومة البريطانية ألمحت إلى أن هناك احتمالاً كبيراً بأن روسيا تقف وراء الهجوم بغاز الأعصاب، الذي تعرض له سكريبال وابنته يوليا في جنوبإنجلترا. وقالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي: "إما أن يكون هذا فعل مباشر من الدولة الروسية ضد بلادنا، أو أن روسيا فقدت السيطرة على غاز الأعصاب هذا ذي الآثار الكارثية، وسمحت له بأن يصل إلي أيدي أناس آخرين، على أي حال روسيا تقف خلف هذا". وبعد ذلك الحادث، قالت صحيفة ديلي ميل البريطانية في عنوان رئيسي لها: "كيف لنا أن نذهب إلى مونديال بوتين الآن؟". وأيدت الولاياتالمتحدةالأمريكية، إحدى القوى الفاعلة ذات التأثير الكبير في العالم، الاحتجاجات البريطانية، متأثرة بمزاعم التدخل الروسي في انتخاباتها الرئاسية عن طريق القرصنة الإلكترونية. وامتد الذعر العالمي من آلة الإعلام الكاذب والمفبرك في روسيا إلى دول أخرى في أوروبا مثل إسبانيا وفرنسا. وأوضحت أس أن روسيا تعاملت مع قضية سكريبال كما دأبت دائماً بالإصرار على إنكار الاتهامات وتحدي أصحابها أن يقدموا أدلة. وفي ظل هذه المستجدات، يشعر "فيفا" بقلق بالغ قد يصل إلى حد الذعر، في الوقت الذي يلتقط فيه رئيسه، السويسري جياني انفانتينو صوراً وهو يلعب الكرة مع بوتين داخل الكرملين. ورغم ذلك، يدرك إنفانتينو جيداً ما يدور حول المونديال المقبل من تهديدات، لكنه يتظاهر بأن كل شيء على ما يرام، حسبما أكد بعض من قيادات "فيفا" في زيورخ. ولكن تظاهر إنفانتينو لن يفيد بشيء، وستبقى المشكلة قائمة في أوروبا، ولا يوجد مؤشرات تشير بإمكانية انفراج الأزمة، بل على النقيض تشير الدلائل إلى احتمالات قوية بارتفاع وتيرتها، مما يشكل تهديداً كبيرا للمونديال. وأكثر ما يخشاه "فيفا" في الوقت الراهن هو نجاح المقاطعة الدبلوماسية لبوتين، مما يجعله وحيداً في مباراة الافتتاح، هذا بالإضافة إلى خطر آخر أكثر فداحة يتمثل في المقاطعة الكاملة للمونديال، في ظل تهديدات بعض الدول بالانسحاب.