خلال حضوري لجلسة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي عقدت مؤخرًا، اطلعت على رؤية المملكة لعام 2030، ولا أبوح سراً إن قلت لكم إنني شعرت بعدم الخوف على مستقبل أبنائي الصغار ومن بعدهم ، طالما يوجد بمملكتنا الحبيبة مثل هذا الرجل، صاحب العقل الواعي المستنير والأفكار والرؤى المستقبلية التي تتخذ من التخطيط السليم والدراسة المتعمقة منهجًا ودستورًا. فمن ينصت بدقة إلى كلمات سمو الأمير محمد بن سلمان، ويتفحص ملامح وجهه، وهو يشرح رؤية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يرأسه لمستقبل المملكة بعد أقل من عقدين مقبلين، سيدرك من الوهلة الأولى وطنية محمد بن سلمان، ورغبته وحرصه على إقامة دولة سعودية جديدة تقوم على أكتاف وسواعد السعوديين، بعيدًا عن برميل النفط وأسعاره المتقلبة، وبعيدًا عن العمالة الأجنبية وأخطارها الاجتماعية ونتائجها السلبية. لقد شعرت بالفعل أنني والحضور أمام رجل دولة من طراز فريد، تتوفر به الكثير من صفات القيادي الناجح والواثق قبل أي شيء من كل خطواته، وليس ذلك بغريب على شاب تربى فى مدرسة سلمان بن عبد العزيز الحياتية والعملية، وهو ما كان يراهن عليه خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، عندما وضع كل ثقته في ابنه محمد، وكان الأخير أهلاً لها، بعد أن أثبت للجميع قدرته الفائقة على صنع المستحيل، وتحويل دفة اقتصاد وطن نفطي، إلى وطن آخر مختلف يستند إلى قاعدة صلبة من الاقتصاد المتنوع. نعم ..الآن أشعر، أنه من حقي ومعي كل من ينتمي لجيلي، أن نفخر وبشدة، أننا على أبواب دولة سعودية عصرية جديدة يقيمها شاب من أحفاد الملك المؤسس، الذي صنع دولة كبيرة، بعقله الواسع ورؤيته الثاقبة، وقدرته على قراءة الغد واستشراف المستقبل. ويمثل الإعلان عن رؤية المملكة 2030 في هذا الوقت، وفي تلك الظروف التى تجاوز فيها عجزالموازنة حاجز ال100 مليار دولار، ليؤكد على شيء واحد لا ثاني له، وهو أن المملكة ودعت عشوائية التخطيط للأبد، وأنها جادة بالفعل فى تدبير هذا العجز ببرامج تنموية صناعية وإنتاجية، لا تهدف إلى تغيير حياة المواطن السعودي فحسب، وإنما إحداث تغيير جذري في فلسفة التعامل مع الأثرياء أو القادرين والذين يستهلكون موارد الدولة بشكل مكثف، بحيث يتم توفير الخدمات لهم بسعر مدعوم جزئيًا، على أن تتم الاستفادة من تلك الخطوة وعوائدها لخدمة الفقراء ومحدودي الدخل، حيث تشير التقديرات الأولية لخطة التحول الوطني، إلى توفير نحو 100 مليار دولار من تحريك أسعار بعض السلع وخدمات المياه والكهرباء والخدمات الأخرى لصالح سد العجز ودعم المحتاجين فعليًا. وما تشديد ولي ولي العهد على بدء العمل بالخطة من الآن، إلا تأكيد آخر على مدى قوة المملكة اقتصاديًا وقدرتها على تنويع إيراداتها، كما يجسد ثقتها الكبيرة بسياستها النقدية والمالية، بالإضافة إلى ثقة القيادة في الشعب الطموح، الذي قرر بالفعل صناعة وطن جديد بعد الخامس والعشرين من أبريل الحالي، وهو اليوم الذي أبهر فيه محمد بن سلمان العالم برؤية المملكة، التى سيتجاوز بها السعوديون عصر الاعتماد على النفط، إلى عصر آخر، يتقلص به حجم البطالة، والتضخم، وتزداد فيه معدلات النمو، وفوق هذا وذاك تتحقق العدالة الاجتماعية بمفهومها الشامل، وتصبح المملكة في سنوات معدودة قادمة من أغنى وأقوى الدول التي تعتمد على موارد غير نفطية، بخطط مدروسة وبرامج تنفيذية مجدولة زمنيًا، وأجهزة إدارية ورقابية عالية الكفاءة تعتمد في عملها على المكاشفة والشفافية. إن ما قدمه الأمير محمد بن سلمان من رؤية، سيبقى التاريخ شاهدًا على كل تفاصيلها ونتائجها، ولا ينقص هذه الخطة الآن سوى أن يستوعب أهدافها كل مسئول فى بلادنا، لأنه الأقرب إلى تفعيل كل برامجها وتحويلها إلى واقع ملموس. @alharthi1400