رزئت الأمة الإسلامية مع إشراقة شمس، أمس السبت، برحيل الشيخ الدكتور محمد أيوب بن محمد يوسف، عن عمر يناهز خمسة وستين عامًا، وقد أحدثت وفاته المفاجئة، وغيابه عن محرابه، ومصحفه، موجة حزن واسعة اجتاحت أنحاء العالم الإسلامي. ولد الشيخ الراحل عام 1372 للهجرة، في مهبط الوحي، ومهوى الأفئدة، وبها نشأ وتلقى تعليمه الأولي، حتى حفظ القرآن الكريم، على يد الشيخ الجليل عبدالرحمن القارئ في مسجد ابن لادن التابع لجمعية تحفيظ القرآن الكريم سنة 1385 ه. ثم انتقل لمدينة الرسول عليه الصلاة والسلام ودرس المتوسطة والثانوية في المعهد العلمي، وتخرج سنة 1392 ه. التحق شيخنا الراحل محمد أيوب -رحمه الله- بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية وتخرج فيها قبل واحد وأربعين عامًا، حصل بعدها على الماجستير من كلية علوم القرآن الكريم، ثم توج مسيرته بحصوله على درجة الدكتوراه من ذات الكلية عام 1408 ه. وأصبح بعدها عضوًا بهيئة التدريس بقسم التفسير بكلية علوم القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية، وتم تعيينه في اللجنة العلمية بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. نقطة التحول في حياة شيخنا الجليل، حين صلى في محراب الرسول – صلى الله عليه وسلم – في المسجد النبوي عام 1410 ه، وعاد في رمضان لإمامة المسلمين هناك العام الماضي. أم المصلين في مسجد قباء لصلاتي التراويح والقيام وكان إمامًا لمسجد العنابية من عام 1394 إلى سنة 1403 ه. من أبرز الذين تتلمذ على أيديهم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ عبدالمحسن العباد، والشيخ عبدالله الغنيمان، والشيخ أبو بكر الجزائري. حصل الشيخ الدكتور محمد أيوب، على عدد من الإجازات في قراءة القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم من شيخ قراء المدينة حسن الشاعر. وشارك في كم هائل من الندوات والمحاضرات، وله تسجيلات قرآنية متلفزة وإذاعية. للشيخ محمد أيوب، صوت جميل يعانق القلوب بطهر ونقاء، وهو يتلو كتاب ربه، آناء الليل وأطراف النهار. وأمضى الشيخ الراحل سني عمره وهو يتنقل بين محاريب مساجد مدينة حبيبه – صلى الله عليه وسلم – حتى تحقق حلم حياته بإمامة المصلين بالمسجد النبوي الشريف. وبعد إمامة الشيخ محمد أيوب، لجماعة مسجده في صلاة عشاء الجمعة الماضية، رحلت روحه بعد سويعات من أدائه لتلك الفريضة العظيمة؛ لتكون خاتمته حسنة – بفضل الله وقوته وإحسانه – ووري الثرى، بعد صلاة ظهر أمس السبت، فكان قبره بجوار قبر أحبابه من صحابة رسول الهدى – صلى الله عليه وسلم – في بقيع المدينة. …. ليرحل الصوت الخاشع الذي طالما أبكى المصلين بتلاوته المؤثرة، وستبقى تسجيلاته الضخمة شاهدة على حبه لكتاب ربه.. رحم الله الشيخ الدكتور محمد أيوب، وجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأخلف أهله والمسلمين خيرًا، وبارك الله في أعماله وعقبه اللهم آمين.. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.