صفعة جديدة أضافتها، أمس، دول منظمة التعاون الإسلامي على وجه النظام الإيراني الذي بات في موقف حرج الآن، منذ تورطه في حرق واقتحام السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد، احتجاجا على القصاص من الشيعي نمر باقر النمر. فبعد أن كشف عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، في مقاله الشهير بصحيفة «نيويورك تايمز»، عورات نظام الملالي، وسوءاته وسعيه الدائم لإثارة القلاقل والفتنة في دول المنطقة، وتدخله السافر في الشؤون الخليجية بشكل عام والسعودية بشكل خاص – تلقت طهران لطمة قوية من وزراء خارجية 37 دولة في منظمة التعاون الإسلامي، في اجتماعهم الاستثنائي بجدة، حيث أدانوا بالإجماع التصرفات والاعتداءات الإيرانية، وتدخلات طهران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودعمها للإرهاب. وفي خطوة تدعم وجهة نظر المملكة في الدفاع عن سيادتها ومكانتها الدينية والدولية، جاء بيان المؤتمر واضحا وحاسما وحمَّل الوزراء نظام إيران المسؤولية الكاملة عن ما تعرضت له سفارة المملكة وقنصليتها. وكان دعم الأشقاء الخليجيين قويا ومؤثرا، وجسد مدى التضامن والتناغم في المواقف التي تمس كيان المنطقة وتهدد مستقبل شعوبها، حيث بدا الجميع كأنهم على قلب رجل واحد ضد كل الاستفزازات والانتهاكات الإيرانية لحقوق الجيران، وضد أي دولة تناصر وترعى الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله، ومهما كانت تبريراته ودوافعه. ولم تأت هذه الإدانة من فراغ وإنما من واقع مرير لتصرفات وممارسات إيرانية غير مسؤولة، تتنافى مع الأعراف والمواثيق الدولية والقوانين الإقليمية كافة، كما تتنافى تماما مع كل القواعد والتقاليد الدبلوماسية التي أقرتها اتفاقيات فيينا. فعندما يجتمع وزراء خارجية 37 دولة إسلامية، ويدينون التدخلات والممارسات الإيرانية، ويطالبون إيران بالتخلي عن هذه الممارسات، فهم في هذه الحالة يكشفون للعالم أجمع عن مدى رعونة النظام الإيراني، ويضعونه أمام المسؤولية، بل يحرجونه أمام المؤسسات الدولية والأممية، حتى يرتدع ويستفيق من غيبوبته التي تسيء إلى عضويته بمنظمة التعاون الإسلامي التي لا يقر ميثاقها تدخل أي دولة في شؤون دولة أخرى عضو بالمنظمة. ولم يذهب بعيدا وزراء الخارجية وهم يطالبون إيران بالحفاظ على وحدة الصف الإسلامي، وخاصة في ضوء ما تتعرض له الدول الإسلامية من هجمات واعتداءات إرهابية، وما تواجهه من تحديات اقتصادية صعبة تستلزم التكاتف والتوحد ضد الإرهاب والمذهبية والطائفية، التي يستغلها أعداء الإسلام جسرا لنهب ثرواتنا والتدخل في شؤوننا والتحكم في مصائر شعوبنا. إن الموقف الشجاع لوزراء «التعاون الإسلامي» يعد رسالة قوية لإيران وأذنابها في لبنان وسوريا والعراق، ويجسد إصرار أعضاء المنظمة على غسل أياديهم من ممارسات دولة محسوبة على المنظمة، تنتمى إلى الإسلام ولكنها وبكل أسف لا تتحرك على أرض الواقع بأدنى مبادئ الإسلام، وتسهم بخطواتها غير المحسوبة والمتهورة في تعميق شروخ الكيان الإسلامي السياسي.