لعل الأشياء الصغيرة هي أكثر الأشياء تميزا وليس كل عين ترى. فالماء على سبيل المثال من أكثر الأشياء تداولا بين أيدينا بل لا غنى لنا عنه أكثر من يوم واحد وبمجرد شرب الماء فإنه ينتشر في الجسم مع أن المطعومات محل استقرارها في المعدة ثم تتوزع في الجسم والماء بمجرد أن تشربه تمتلئ خلايا الجسم بالماء فسبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى وكم في الماء من العجائب المدهشة وندبنا الله لتأمل فيه فقال (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) هل تساءلت يوما ما هي حقيقة الماء فإن قلت هو لتنظيف قلنا لك صحيح، لكن هل هذه حقيقته، وإن قلت هو لسقي الأرض أو لجمال الطبيعة أو لري من بعد العطش قلنا لك مثل ذلك وليس هي حقيقته فكل هذه استخدامات للماء. وحقيقة الماء هي الحياة: «وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ» وباقي هذه استخدامات للماء وتؤدي بمعنى أو بآخر للحياة. وفي أيامنا هذه الكثير يحار في حقيقة العيد فالبعض يقول: العيد باجتماع الأهل والآخر يقول العيد بالسفر والسياحة في الأرض والثالث يقول باللباس الأنيق، والسؤال المطروح ما هي حقيقة العيد؟ والجواب عن هذا في الجواب هذا: حقيقة عيدُنا فرحة بإتمام عبادة صومِنا وشكرٌ لربنا. وما نراه من أفراحٍ بالعيد والتوسعة على الأهل وصلة الرحم هي مظهر من مظاهر الفرحة والشكر بإتمام عبادة الصيام بالمعنى أو بآخر. وطبيعة فرح الإنسان أن يكون في مجمع من البشر وكثرة من الناس فالإنسان يحب أن يشارك غيره ويشاركه غيره في الفرح والسرور. ومن وصل رحمه فهو يعبر عن شكره لله لأن الشكر نوعان بلسان وبالجوارح وقل مثل هذا عن بقية فعاليات العيد «الشرعية» ستجد أنه تصب في هذا المعنى: وهو الفرحة بالعبادة والشكر لله. وأهمس في أذنك عزيزي البعيد عن مظاهر وفعاليات العيد سواءٌ كنت في حدود بلاد الحرمين مجاهدا ومدافعًا أو في سرير المستشفى مُتعالجا أو في الأرض ضاربا وعن المال باحثا أقول لك لا تتحسر على عدم مشاركة فعاليات العيد، فما هي إلا مظاهر تعبر عن الفرح والشكر بإتمام العبادة فافرح أنت بطريقتك الخاصة فالإنسان مُتكيف بطبعه. ووسائل التواصل قربت البعيد ومشاعر القلب هي أفضل وسائل التواصل. وإليكِ أنتِ يا من لم تتهيأ ظروف الحياة لك إلا بالجلوس في البيت بسكون واطمئنان واستكنان بعيدا عن صخب الحياة في الخارج لا تقل لي: لم أشهد العيد ولم أذق طعم فرحة العيد، فالفرحة بالعيد فرحة بالقلب، والذكي هو من يصنع من بيئته جنة له، ومن أدواته القليلة هرما يصيره معلما سياحيا لزوار البهجة في دنيا القلب، ودمتم بود. رابط الخبر بصحيفة الوئام: بهذا تكون فرحة العيد