على مدى سنوات كانت إيران شبح الدمار الأكبر في المنطقة.. سياسيًّا ثم دينيًّا.. وعزز برنامجها النووي والهالة السياسية والإعلامية حوله هذه النظرة.. كانت دول المنطقة والخليج تحديدًا قلقه جدًّا من ذلك، وكان كل مسؤول خليجي يبدي قلقه من سياسات إيران في الوقت ذاته، ثم يبدي تخوفه من مستقبل المنطقة عندما تتم إيران برنامجها النووي. وقَّعت إيران اتفاق إطار سيئًا جدًّا لها، ولم يكن يرقى لسنوات الترقب وجولات المفاوضات الطويلة.. حتى قلق دول المنطقة لم يستحق أن يكون على اتفاق مثل هذا.. من تخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي، وتخصيب 3.67% فقط من اليورانيوم لمدة 15 سنة، وتخفيض مخزونها من اليورانيوم، وإغلاق منشأة فوردو المركزية، وكذلك إبقاؤها في حالة من عدم الوصول للقنبلة النووية، والسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش في أي وقت بأي مكان تشتبه في أنشطته، كما حمل أحد البنود منع إيران من بناء أي منشأة نووية جديدة قبل 15 سنة.. والكثير من البنود التي تظهر أن إيران وقعت إتفاق ولو أنه اتفاق إطار سيمهد لجولات مفاوضات جديدة للاتفاق النهائي إلا أنه اتفاق تضمَّن أسسًا أظهرت حالة من الضعف الإيراني الكبير.. لكن أيضًا لا يمكن الوثوق بالحالة الإيرانية الحالية، وكما جرى في تجربة نووية سابقة بكوريا الشمالية، فسيتوقع من إيران انتهاكات وخروقات لاتفاق الإطار أو حتى الاتفاق النهائي فيما بعد، تنتهي هذه الانتهاكات بعقوبات بسيطة لكنها في النهاية تحقق تقدما جيدا لإيران ومشروعها النووي. حالة الضعف هذه التي ظهرت بها إيران بحسب شكل الاتفاق تفسر تمامًا موقفها العاجز في اليمن، فبعد بدأ غارات التحالف تعرضت إيران لضربة سودانية موجعة بانضمام السودان للتحالف الإقليمي وإقفال جميع المراكز والمرجعيات الإيرانية في السودان، ردّت إيران بتحريك آلاتها الإعلامية والسياسية خارج المحيط اليمني محاولةً التأثير من خلالها على مسار التقدم السياسي والعسكري لضربات تحالف عاصفة الحزم.. في لبنان يصرخ حسن نصر الله أمين عام حزب الله قائدًا حملةً إعلامية مضادة لعاصفة الحزم بدلًا من الحوثيين، بتعزيز من إعلاميي محور الممانعة الذين ملأوا الفضائيات اللبنانية ضجيجًا كبيرًا ساخطًا على عمليات عاصفة الحزم.. سياسيًّا دعت إيران في أكثر من مناسبة دول التحالف لوقف العمليات العسكرية وللجوء للحوار الذي كان يرفضه جناحها الحوثي المستهدف بالعمليات العسكرية، وقدمت طلبا "استنجاديا" للسلطان قابوس سلطان عمان للتوسط لوقف العمليات العسكرية في اليمن. كما عملت لضرب مشروع قرار جامعة الدول العربية بإنشاء قوة عربية عسكرية مشتركة بتحريك حكومتي العراقولبنان لرفض القرار. كل العوامل في اليمن وافقت نفس الشكل الضعيف الذي ظهرت به إيران من توقيعها على الإتفاق النووي.. حتى عسكريًّا، بعد الاستهداف التام من قوات التحالف لمخازن الصواريخ والأسلحة ومستودعات الذخيرة والمناطق الاستراتيجية ونسف جسور الدعم والإمداد والتهريب، وحظر المجالات الجوية والبحرية والبرية أمام أي محاولة دعم، أصبح الحوثي في عزلة تامة عن الاقليم وعن إيران قد تقود إلى عملية اجتياح بري تقضي تمامًا على وجوده. أصبحت المنطقة كلها تلفظ إيران وتحالفت لضرب مشروعها التوسعي بدايةً من اليمن، وسيزيد الاتفاق النووي الذي وقّعته من قوة ترابط دول التحالف والتقاء مصالحها ضد إيران، وستُحجر إيران في عزلتها التي بدأت بتحالف عاصفة الحزم.. ثم سنعود لنفهم أن نووي إيران جمع قوى المنطقة ضدها، ولم يكن هذا النووي في صالحها بشكله الذي وقعت عليه. رابط الخبر بصحيفة الوئام: كيف أصبحت إيران ضعيفة