حسم القرار التاريخي الذي وافق عليه مجلس الوزراء اليوم، والخاص بفرض رسوم على الأراضي البيضاء، داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، ملفا شائكا، ظل لسنوات طويلة سببا رئيسيا في ارتفاع أسعار العقار بالمملكة. وأراح القرار الذي جاء بناء على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وزارة المالية كثيرا، ورفع عنها عبئا ثقيلا؛ كونه صدر من مجلس الوزراء، الذي طلب بدوره إعداد الآليات والترتيبات التنظيمية للقرار، والرفع بها إلى رئاسة الوزراء؛ تمهيدا لإحالته إلى مجلس الشورى لاستكمال الإجراءات النظامية لتطبيق القرار. وتأتي هذه الخطوة، تتويجا لجهد كبير، وعمل دؤوب، قام به مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير محمد بن سلمان، لترجمة أهداف الحكومة وتطلعات الملك إلى واقع ملموس. ويمثل القرار أيضا استجابة سريعة لتوصيات خبراء المجلس، ويقطع الطريق، كما يؤكد العالمون ببواطن الأمور، على تجار العقار والأراضي البيضاء المعروفة باسم «الأراضي الميتة» من التلاعب بالأسعار وإشعال أزمة الإسكان، حيث ثبت للخبراء أن هؤلاء كانوا السبب الرئيسي وراء مضاعفة الأسعار خلال السنوات الأخيرة، قبل أن يتصدى لهم مجلس الشؤون الاقتصادية بالضوابط والقوانين المدروسة. وتكمن أهمية القرار التاريخي لمجلس الوزراء في أنه جاء من أعلى سلطة وبتوصية من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي أصبح مشرعا للتنمية ولشؤون البلد الاقتصادية وهذا سيساهم في الحد من استغلال الأراضي بشكل سيئ، والإضرار باقتصاد البلد لصالح فئة بعينها، تبقي على هذا النوع من الأراضي لسنوات، بهدف بيعها لاحقا بأعلى الأسعار، دون أدنى اكتراث بخطورة بقاء هذه المساحات الشاسعة من الأراضي داخل المدن الكبرى دون تنمية أو استثمار، مما يؤدي إلى حرمان شريحة كبيرة من المواطنين من حق السكن المناسب، وبالتالي استمرار أزمة الإسكان، التي وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، منذ أن تولى الحكم، بسرعة العمل على حلها. ويرى متابعون للقرار أنه سيقضي في القريب العاجل – فور تطبيقه بعد العرض على «الشورى» – على مقولة «العقار لا يأكل ولا يشرب»، وغيرها من الشعارات التي يرفعها تجار الأراضي، في إشارة منهم إلى عدم الخسارة في حال بقاء الأراضى دون بيع وتداول، معتقدين أنها في جميع الأحوال لن تخسر، وإن لم تربح لن تنقص، كما يقولون. ويؤكد كثير من الخبراء والمهتمين بشؤون الأراضي والعقار، أن فرض الرسوم سيهبط بأسعار هذا النوع من الأراضي خلال السنوات المقبلة، ويساعد على استقرار السوق، وثبات الأسعار، ومنح المواطن محدود الدخل فرصة العثور على مسكن ملائم، وهو الهدف الأساسي للحكومة خلال الفترة القادمة. وكان ملف رسوم الأراضي البيضاء مطروحا منذ سنوات قبل أن يتم تحريكه بشكل رسمي، إذ انتهى اجتماع عدد من العلماء في الهيئة مع وزيري الإسكان والعدل الدكتور شويش الضويحي والدكتور محمد العيسى، في مقر الهيئة في الرياض في سبتمبر 2014 بالتأجيل والرفع بالملف إلى المجلس الاقتصادي الأعلى الذي تم إلغاؤه ولم تحسم هيئة كبار العلماء السعودية موقفها تجاه فرض رسوم على الأراضي البيضاء. وجاءت توصية مجلس الاقتصاد والتنمية (المشكل حديثا) والذي يرأسه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان اليوم تأكيدا لتحرك المجلس وتفعيله والبدء بأهم الملفات وهو ملف الإسكان والذي بدأ التحرك حياله بالاطلاع على تقرير وزارة الإسكان وما قدمته خلال 4 سنوات ليتم في مساء نفس اليوم إعفاء وزير الإسكان في 11 من مارس الحالي. وفور موافقة مجلس الوزراء على توصية المجلس الاقتصادي، طغت على مواقع التواصل الاجتماعي نظرة التفاؤل حيال أزمة السكن والتحركات التي يقوم بها مجلس الاقتصاد والتنمية بهدف إيجاد آلية ورسم خطوط عريضة عبر تخفيض أسعار العقار وتقديم تسهيلات للمواطنين لبناء المساكن. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قد أصدر أمرا ملكيا ضمن حزمة قرارات وذلك بتخصيص 20 مليار ريال لدعم مشاريع الكهرباء والمياه في مخططات المنح بمختلف مناطق السعودية، وتأهيلها لتلبي احتياجات المواطنين. وأقر مجلس الوزراء اليوم قيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإعداد الآليات والترتيبات التنظيمية للرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، ورفع ما يتم التوصل إليه إلى مجلس الوزراء تمهيدا لإحالته إلى مجلس الشورى لاستكمال الإجراءات النظامية في هذا الشأن بشكل عاجل. يذكر هنا أن مجلس الاقتصاد والتنمية يعتبر أحد أهم القرارات السامية التي أصدرها الملك سلمان مؤخرا، ضمن العملية الإصلاحية الاقتصادية. ويتوقع الخبراء أن يكون لهذا الجهاز الحكومي الوليد دور مهم في رسم وإعادة تشكيل الخارطة الاقتصادية والتنموية بالمملكة، بما يقدمه من خطط ودراسات وتوصيات تستهدف توسيع قاعدة الاقتصاد، وتنويع المداخيل. ويعد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأداة الحقيقية نحو تطوير العملية التنموية في السعودية، ويعمل المجلس حاليا على تعزيز جهود الدولة في استمرار الانتعاش الاقتصادي بوتيرة ثابتة، وسط تفاؤل بأن تحقق الخطط التنموية أهدافها الشاملة في مستويات قياسية من التقدم والازدهار. ويعكف المجلس حاليا على وضع الخطوات الجادة للأسس العملية لتطبيق التنمية المستدامة، وسط توقعات أن يصل النمو الاقتصادي الكلي في المملكة إلى 2.5 في المائة خلال عام 2015، رغم تراجع عوائد النفط، وما يحمله هذا التراجع من توابع وتحديات. رابط الخبر بصحيفة الوئام: #مجلس_الشؤون_الاقتصادية_والتنمية يُنهي مقولة "العقار لايأكل ولايشرب" ويواصل السعي لإنهاء أزمة السكن