يقول مدراء تنفيذيون إن شركات انتاج النفط الصخري بدأت تقلص عمليات الحفر بوتيرة سريعة قد تدفع انتاج النفط الأمريكي الخام للانخفاض أسرع من المتوقع في غضون أشهر في إطار السعي لخفض التكاليف لمجاراة الهبوط الحاد في أسعار الخام والمنافسة مع منتجي النفط في منطقة الخليج. وسلم نحو عشرة رؤساء تنفيذيين لشركات تحدثوا لرويترز أو تكلموا في مناسبات عامة بأنهم فوجئوا بحجم التخفيضات في الانتاج وسرعتها وأشاروا إلى أن موجة انخفاض الأسعار الحالية تحتلف عما مروا به من قبل في حياتهم المهنية. فالشركات تعمل على خفض التكاليف بدرجة أكبر وأسرع من ذي قبل مع زيادة اهتمام مستثمري وول ستريت بالانضباط المالي لا بمجرد زيادة الانتاج. وتقول بعض الشركات إن طبيعة النفط الصخري تسهل مهمة الشركات في تأجيل أعمال الحفر والانتظار حتى تتحسن الاسعار. وتشهد الآبار التي كانت السبب في طفرة الطاقة الأمريكية على مدى السنوات العشر الأخيرة نضوبا سريعا ولذلك سينخفض الانتاج الاجمالي ما لم يتم حفر آبار جديدة على الدوام ومواصلة استخراج النفط الصخري. وقال بروس فينسنت الذي تقاعد من منصب الرئيس التنفيذي لشركة سويفت انرجي هذا الشهر بعد أن أمضى 40 عاما في صناعة النفط "الشيء الذي فاجأني … هو أن الشركات كبيرها وصغيرها .. القوي منها ماليا والضعيف ماليا كلها خفضت الانفاق الاستثماري بوتيرة أسرع مما شهدته من قبل." وقبل بضعة أسابيع فحسب كان الرأي السائد بين المطلعين على بواطن هذه الصناعة والمحللين هو أن انتاج النفط الأمريكي سيواصل ارتفاعه لعدة أشهر رغم انخفاض أعداد الحفارات بسبب ارتفاع انتاجية الحقول النشطة وقوة الدفع الذاتية لعمليات الحفر. وفي الماضي كان بوسع المنتج الذي لديه عقد حفار أن يستمر في الحفر. أما الآن يضطر منتجون لدفع رسوم لفسخ هذه العقود وقال فينسنت إن هذا الأمر عجل بالانخفاض الحاد في عدد الحفارات. * النفط المحبوس في الصخور في الماضي كان المنتجون يشعرون بأنهم مضطرون لمواصلة الانتاج حتى مع تراجع السوق خشية أن يسحب المنافسون الذين يملكون آبارا في الخزان نفسه ما يتبقى من نفط. ولم يعد هذا الأمر يمثل خطرا لأن النفط في هذه الحالة يظل محبوسا في الصخور. وقد أعلنت شركات عديدة تخفيضات في عمليات الحفر بنسب تتراوح بين 25 و70 في المئة وتخفيضات في الانفاق بقيمة إجمالية لا تقل عن 25 مليار دولار. وذهب البعض إلى مدى أبعد. فقد أوقفت شركة ماجنوم هنتر ريسورسيز كل عمليات الحفر وأخطرت شركات الخدمات أنها لن تستأنف العمل ما لم تنخفض تكاليف العمل فيها بنسبة 40 في المئة وذلك حسب ما قاله الرئيس التنفيذي جاري ايفانز في مؤتمر عقد في هيوستون. وفي ضوء هذا الانخفاض ومعدلات الانخفاض في حفر آبار النفط الصخري التي تبلغ نحو 60 في المئة أو أكثر سنويا يتوقع ايفانز أن يبدأ الانتاج الأمريكي في التراجع "خلال الشهرين المقبلين". ويردد عدة مديرين تنفيذيين آخرين أصداء رأيه إلى حد كبير رغم أنهم يقولون إن انتاجهم سيصمد أو يرتفع ويتوقعون أن يأتي جانب كبير من الانخفاض من اغلاق الآبار الأقدم ذات العائد المنخفض. وبافتراض أن الكثير من عقود الحفر سينفذ مازالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تتوقع أن يرتفع الانتاج الاجمالي هذا العام إلى 9.42 مليون برميل في اليوم في مايو آيار على أن يبدأ التراجع في يونيو حزيران. وقال محللون لدى آي.أتش.إس إنه بعد أن تضاعف انتاج النفط الخام الأمريكي تقريبا منذ عام 2008 من المتوقع أن يستقر – برغم أنه لن يتراجع بالضرورة – في النصف الثاني من العام الحالي. وسيؤدي انخفاض الانتاج مع ارتفاع استهلاك البنزين إلى خفض الزيادة في الامدادات العالمية المقدرة بنحو 1.5 مليون برميل يوميا وربما يسمح بارتفاع أسعار النفط الخام بعد انخفاضها بنسبة 50 في المئة منذ منتصف عام 2014. وفي حين يتوقع بعض المحللين أن يستمر الانخفاض لبعض الوقت بل يتنبأ سيتي بنك بأن تبلغ أسعار النفط الأمريكية أدنى نقطة لها عند 20 دولارا للبرميل يعول المطلعون على خفايا الصناعة على انتعاش أسرع للأسعار بفعل عاملين يدفعان الانتاج الأمريكي للانخفاض. أحد هذين العاملين هو الانخفاض الأسرع من المتوقع في عدد الحفارات العاملة. وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات حقول النفط يوم الجمعة إنه تم تعطيل ما يقرب من 50 حفارا ليصل إجمالي الحفارات البرية الامريكية إلى 1250 وهو المستوى التي تنبأت إدارة معلومات الطاقة بأن الصناعة ستصل إليه في أكتوبر تشرين الاول. وقال جاك ستارك رئيس شركة كونتننتال ريسورسيز في مؤتمر لآي.اتش.إس عقد في هيوستون هذا الشهر "حدث رد فعل سريع حقا ربما أسرع مما شهدته على الاطلاق." * الأيسر والأصعب وأسطول الحفارات وحده ليس أفضل وسيلة للتنبؤ بالانتاج لأن أطوال الآبار ووتيرة استخراج النفط من الصخور على امتداد البئر ظلت ترتفع بسرعة لزيادة الانتاج. ومع ذلك بدأت الشركات في الأسابيع القليلة الماضية تحجم عن تكسير الصخور في الآبار لضمها إلى شبكة الانتاج أو ما يعرف بالاكتمال وهي عملية تمثل في العادة 60 في المئة من اجمالي تكلفة البئر. وقالت شركة ديفون انرجي كورب في مؤتمر بالهاتف لإعلان نتائج الربع الأخير من العام الماضي إنها خفضت عدد أطقم العاملين في عمليات الاكتمال في حوض ايجل فورد النفطي إلى أربعة من تسعة بينما قالت شركة أناداركو بتروليوم إنها خفض العدد بمقدار الثلث. وتقول شركات الانتاج التي اعتادت على سعر 100 دولار للبرميل إنها تهدف لخفض التكاليف لكي تظل رابحة من استخراج النفط من الصخور عند سعر 40 دولارا للبرميل أو أقل. ويحتاج العمل في بعض الأحواض لسعر 70 دولارا للبرميل الآن. ويبلغ سعر الخام الأمريكي الآن نحو 51 دولارا للبرميل. والسبيل لخفض التكاليف هو الضغط على شركات الخدمات التي تستغني الآن عن آلاف العاملين وذلك من أجل خفض الأسعار والاعتماد على التكنولوجيا للاسراع بعمليات الحفر وتحسين انتاجية الآبار. وقال ستارك "شركات الخدمات تجد دائما سبيلا لمواصلة نشاطها … وسيستمر نشاط النفط الصخري وستستمر هذه النهضة." ويقول مدراء أمريكيون إنهم سيخرجون أفضل حالا من موجة التراجع ويصبحون أقدر على التنافس مع السعودية أكبر المنتجين الأعضاء في منظمة أوبك. ويعتقد كثيرون أن السعودية سمحت لأسعار النفط بالانخفاض ورفضت خفض الانتاج لإخراج منافسيها من منتجي النفط الصخري من السوق. وقال مدير تنفيذي بارز في صناعة النفط الصخري طلب عدم نشر اسمه "أطرف شيء فيما نحن فيه اليوم هو أننا عندما نخرج من هذا الوضع سيكون السعوديون قد جعلوا صناعة النفط الأمريكية أقوى مما هي عليه الآن." رابط الخبر بصحيفة الوئام: مع هبوط الاسعار .. انتاج النفط الصخري الأمريكي ينخفض بشكل حاد