وجه الأمير الوليد بن طلال وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، عقب إدلاء الأخير بحوار تليفزيوني حول الميزانية الجديدة للدولة. جاء ذلك خلال خطاب رسمي وجهه الأمير الوليد لوزير المالية وأرسل صورة منه لخادم الحرمين الشريفين، وولي العهد، وولي ولي العهد، يعلق فيه على ميزانية العام الجديد والماضي وتعامل وزارة المالية مع الأحداث والتحديات التي ذكرها الدكتور العساف. ووجه الأمير الوليد كلامه لوزير المالية متسائلاً: لا أدري لماذا كل هذه الحساسية من معاليكم شخصياً ومن وزارة المالية حول تفعيل الصندوق السيادي (بكامل) الأموال المتوفرة، وليس فقط (لجزء) منه وكأن المطالبة بتفعيل الصندوق يعتبر خيانة في حق الوطن والمواطن. وجاء نص الخطاب: تابعت لقاء معاليكم على التليفزيون السعودي فور إعلان ميزانية الدولة للعام المالي الجديد وفي الواقع هناك نقاط عديدة لا بد من التطرق لها، لأنه كما ذكرتم في تصريحكم بأن الميزانية تعلن في ظل ظروف اقتصادية ومالية ودولية تتسم بالتحدي، موضحا أنه يرى أن ظروف التحدي الاقتصادية والمالية الداخلية هي أهم وأكبر بكثير من ظروف التحدي الدولية لذا وجب طرح كل الأمور في نقاش عام لأن هذه أمور تتعلق بمصير الدولة الاقتصادي ولا يجب التعاون بها وهي: العجز في ميزانية 2014، والعجز المتوقع في ميزانية 2015، وأسعار النفط واعتماد الدولة على 89% – 90% من إيرادات ميزانيتها على البترول، الصندوق السيادي، موضحا أن جميعها أمور تهم المواطن بل وتهم وتمس الأجيال القادمة. وأبدى الوليد ملاحظاته على الميزانية موضحا أنه لا شك أن إيرادات الدولة التي أعلنت في الميزانية السابقة اعتمدت تساوي الإيرادات مع المصروفات ب855 بليون ريال سعودي، مبينا أن الإيرادات الفعلية في عام 2014 وصلت فعليا إلى 1046 بليون ريال أي بزيادة 22% عن الميزانية، وبطبيعة الحال تلك الزيادة يرحب بها إلا أنها ليست بسبب إنتاجية الوطن بل إنها بسبب الزيادة في أسعار البترول عن الأسعار المتوقعة عند إعلان ميزانية العام الماضي لكن المفاجئ بل المستغرب هو زيادة المصاريف عن ما أعلن في ميزانية العام الماضي من 855 بليون ريال إلى 1100 بليون ريال أي بزيادة 28% فهل يعقل أن يكون هناك زيادة في المصاريف بهذا الحجم؟! بحيث لم يتم فقط تأكل من الزيادة في إيرادات الدولة بل لأكثر من ذلك لدرجة أنه وجد عجز في ميزانية العام الحالي 2014 بقدر 54 بليون ريال. وأضاف الخطاب كيف يتم كل ذلك مع أن التوقعات كانت تشير خلال عا 2014 إلى أن انخفاض سعر البترول أت لا محالة؟ فلماذا زادت المصاريف بنسبة 28% ولم يتم ترشيدها خلال العام الحالي وكما قلتم في كلمتكم "فهذه أموال الشعب السعودي"؟؟ فكيف نفرط بها؟. وأوضح الخطاب أنه لو تمت السيطرة على المصاريف وحتى من دون ترشيد النفقات لكانت مصاريف الدولة في عام 2014 تساوي 855 بليونًا، وذلك حسب ما أعلن في الميزانية السابقة لكلن عجز ال54 بليون ريال قد تحول إلى فائض قدر 191 بليون ريال "1046 بليون وهو الإيراد الفعلي لخزينة الدولة يطرح منه مصاريف الميزانية المعلنة السابقة البالغة 855 بليون ريال والتي للأسف لم يتم الالتزام بها. وأشار الخطاب إلى أن طالما خادم الحرمين الشريفين قد طالب في كلمته أمام مجلس الوزراء بترشيد المصاريف للعام المالي الجديد، ألم يكن من باب أولى أن يتم تطبيق ذلك الأمر الإيجابي على ميزانية الدولة لعام 2015 بدلا من زيادتها رمزيا من 855 بليونًا إلى 860 بليون ريال أي بزيادة رمزية قدرها 5 بلايين ريال؟ وذلك فقط حتي يتم القول إنها أعلى ميزانية في تاريخ البلاد وهل الفخر هو في زيادة المصاريف والنفقات في وقت انخفض فيه سعر البترول إلى النصف تقريبا، والذي تعتمد عليه ميزانية الدولة ب89% -90% مع أن الخطط الخمسية الست الماضية أي لثلاثين عاما متتالية قد طالبت بكل وضوح بتنويع مصادر الدخل؟! أفلا يعتبر ذلك إخفاقًا للحكومة في تنويع مصادر الدخل للوطن والمواطن؟ الاعتراف بالحق فضيلة أخي معالي الوزير وهذا خطأ لا يمكن قبوله نهائيا. وتابع الخطاب ألم يكن من الأفضل أن تكون ميزانية الدولة هي القدوة والمثل الأعلى للوزراء والوزارت في ترشيد المصاريف من خلال عمل تخفيض، ولو كان رمزيا في ميزانية الدولة بدلا من أن يكون الارتفاع رمزيا؟ مع أن المنطق والمعقول كان يتطلب أن يكون التخفيض ليس فقط رمزيا بل أكثر من ذلك لكنني أعلم جيدا أن الظرروف الإقليمية حولنا قد لا تسمح بذلك على الأقل حاليا أضف إلى ذلك بأن العجز المتوقع لعام 2015 هو 145 بليون ريال، وقد يزيد لو استمرت أسعار البترول بالانخفاض بالإضافة إلى الانهيار الذي تم خلال الشهور القليلة الماضية، والذي للأسف لم يظهر أي مسؤول حكومي يشرح للشعب السعودي ما هي خطط المستقبل إلا بعد ضغط كبير مني شخصيا ومن الإعلام السعودي. أما بالنسبة للصندوق السيادي: فلا أدري لماذا كل هذه الحساسية من معاليكم شخصيا ومن مقام وزارة المالية في المملكة حول تفعيل الصندوق السيادي بكامل الأموال المتوفرة وليس فقط لجزء منه، وكأن المطالبة بتفعيل الصندوق السيادي يعتبر خيانة في حق الوطن والمواطن، فعندما صرحتم في المقابلة التليفزيونية بأن المملكة تدير احتياطاتها عن طريق مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" على شكل صندوق سيادي وأن الاختلاف في أسلوب الإدارة وأن العائد على الاحتياطات بالمملكة يمثل أو يزيد على عائد الصندوق السيادي النرويجي، وأشرتم إلى أنه في ال5 سنوات الماضية كان العائد "مناسبا" على احتياطي الدولة قد وصل إلى 11% وفي العشر سنوات الماضية كان العائد بين 7%-8% وقلتم أيضا إن معظم أصول الدولة مستثمرة في أدوات قابلة للتسييل سريعا فإن تقارير مؤسسة النقد العربي السعودي تشير إلى أن غالبية أصول مؤسسة النقد العربي السعودي مستثمرة في سندات حكومية أمريكية وأوروبية والجميع يعلم أن تلك السندات كان عائدها كحد أقصى 2.4% خلال تلك الفترة، أي بكلام آخر تقصدونه هو أن الجزء الصغير المستثمر من احتياطيات الدولة الضخمة هو الذي به عائد جيد وقد يماثل عوائد بعض الدول المفعلة لصناديقها السيادية التي تستغل كامل احتياطاتها مثل مملكة النرويج وجمهورية سنغافورة ولا داعي للذهاب بعيدًا فلدينا مثالين حيين هما دولة قطر وإمارة أبو ظبي اللتان لدي علاقات وثيقة مع قيادتهما السياسية بل وحتى مع إدارات صناديقهما السيادية، والتي تستثمر أموالها بطريقة حكيمة ومنظمة جدا وتعطيهم عوائد جيدة جدا، وهي أعلى من العوائد "المناسبة" لبلادنا والحقيقة هي أن نسبة العائد عن إجمالي استثمارات المملكة هو 2.4% لعام 2013 وللربع الثاني من 2014 وليس 7%-8% كما ذكرت معاليكم في المقابلة التليفزيونية. معالي الوزير.. الصندوق السيادي مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى لأن السحب من احتياطات المملكة في العام الحالي بلغ 54 بليون ريال والسحب المتوقع للعام القادم هو 145 بليون ريال أي في سنتين فقط سيتم سحب ما مجموعة قرابة 200 بليون ريال من احتياطي الدولة المسخرة لميزانية الدولة البالغة 1.5 تريليون من مجمل الرقم المعلن لدى مؤسسة النقد العربي السعودي 2.7 ترليون إذ أن باقي المبلغ من ال2.7 تريليون تدار من مؤسسة النقد العربي السعودي لصالح صناديق محلية أخرى، وإذا ما تمت إضافة استثمارات صندوق الاستثمارات العامة في سوق الأسهم السعودي وحسب ما ذكرتموه في المقابلة التليفزيونية فأنها تصل تقريبا إلى 500 بليون ريال، لذا فأن مجموع مبالغ الصندوق السيادي القابل للتفعيل الفوري لمصلحة ميزانية الدولة هو 2 ترليون ريال يطرح منه في أسوء احتمال 199 بليون ريال وهو 54 بليونًا التي سحبت في عام 2014 و145 بليونًا التي ستسحب في عام 2015 أي ما تبقى هو 1.8 تريليون ريال سعودي وهو مبلغ لا يستهان به أبدا أبدا. وتابع الخوف الكبير لا بل الكارثة الكبرى هو استمرار وزارة المالية باستنزاف احتياطيات كل الدولة بالسحب المستمر حتى لا يبقى منه شيء مثلما كان الوضع منذ زمن ليس ببعيد حيث انخفضت احتياطيات الدولة إلى الصفر، وبالتالي نقوم بالاقتراض حتى نصل إلى مرحلة الخطورة التي كنا فيها أيضا منذ فترة ليست بطويلة عندما تعدت قروض الدولة 100% من الدخل القومي ألا تذكرها معالي الوزير؟ ألا ترى معي أن لا القيادة العليا في المملكة إذا ما تم إيصال تلك المعلومة لهم بصراحة مطلقة ولا الشعب السعودي المخلص يرغب في العودة لتلك الفترة؟ وأضاف: لذا فإن الحل الأنسب والأفضل هو تفعيل الصندوق السيادي بكامل تلك الأموال سواء كانت 2 تريليون أو 1.8 ترليون بعد خصم العجز لعام 2014 البالغ 54 بليون ريال والعجز لعام 2015 البالغ 145 بليون ريال بطريقة فعالة وعاجلة ونعم الاستثمار للمدى الطويل بحيث لا يتم المساس بتلك الأموال نهائيا لأن الهدف هو تحقيق أرباح ما بين 8% و10%سنويا وهذا ليس بالمستحيل أي ويمكن أن تكون العوائد للدولة دون المساس برأس المال بين 160 – 200 بليون ريال سعودي لو كان المبلغ الإجمالي 2 تريليون ريال أو حتى لو كان المبلغ 1.8 تريليون ريال سيكون العائد من 144 إلى 180 بليون ريال وهذه المبالغ تعتبر رافدا لا يستهان به لميزانية الدولة. وأوضح: طبعا موضوع إدارة ذلك الصندوق السيادي هامة جدا فهناك حلين ممكن أخذ أحدهما أو حتى كليهما الأول تشكيل جهاز استثماري من كبار الاقتصاديين وكبار السياسيين في الدولة أما الحل الثاني فالتعاقد مع شركات عالمية وهي نفس الشركات التي تطرقتم لها في المقابلة التليفزيونية. وشدد على أن الموضوع ما عاد يحتمل أي تأخير لأننا وصلنا إلى نقطة الخطر كما أنه مستعد لمقابلة وزير المالية ولكن ضمن اجتماع عمل يشارك فيه الآخرون للوصول إلى نتيجة حاسمة لأن الطريق الذي نسير فيه حاليا خاطئا وليس صحيحا. رابط الخبر بصحيفة الوئام: الوليد بن طلال للعساف:لماذا لا تفعلون الصندوق السيادي بالكامل