تعتزم وزارة التجارة والصناعة تنفيذ حزمة إجراءات جديدة في ظل سعيها الحثيث للتصدي لظاهرة التستر التجاري ومواجهة هيمنة العمالة الوافدة على بعض الأنشطة التجارية، أكد ذلك مسئولون في الغرفة التجارية الصناعية في مكةالمكرمة، وأشاروا إلى أن ذلك سيعمل على الحدِّ من تزايد حوالات العمالة إلى الخارج، وخفض تزايد ونمو حجم المؤسسات الوهمية، وبالتالي خفض نسبة البطالة بين الشباب. تضمنت الخطوات الجديدة (12) آلية لمكافحة التستر التجاري والتضييق عليه بشكل جاد، عبر التنسيق بين تسع جهات حكومية ممثلة في: وزارة التجارة، الشؤون البلدية والقروية، الشئون الاجتماعية، العمل، الزراعة، التعليم العالي، وزارة الداخلية، وزارة الثقافة والإعلام، مؤسسة النقد العربي السعودي. من جانبه أوضح ماهر بن صالح جمال، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكةالمكرمة، أن تزايد حجم حوالات العمالة الوافدة في المملكة إلى الخارج بشكل سنوي، ليس إلا أحد مؤشرات نمو حجم التستر التجاري، التي يجب أن توضع في عين الاعتبار، لافتًا إلى أن الاقتصاد الوطني يفقد سنويًّا بسبب التستر أكثر من 300 مليار ريال. وقال إن تزايد تحويلات العمالة الأجنبية للخارج بمبالغ كبيرة تفوق مرتباتها ومستحقاتها المالية السنوية، ناتج عن ممارسات غير نظامية واحتكار لسوق التجزئة وقطاع الخدمات والمقاولات والعديد من الأنشطة الأخرى التي يعزف السعوديون عن العمل فيها، مبينًا أن ما يصل إلى أكثر من 60–70 في المائة من العمالة السائبة الموجودة في الشوارع، هي نتيجة لضخامة عدد تلك المؤسسات الوهمية التي يقتصر دور مالكها على إخراج ترخيص ورقي فقط ومسمى، ودون أن يكون له أي قيمة مضافة على الاقتصاد الوطني. أضاف جمال: "نحن لا نستبعد أن تكون هناك مساهمة من بعض الشركات الكبرى التي دخلت السوق السعودي تحت مسمى التمثيل التجاري في تزايد حجم قضايا التستر التجاري، والتي نجد أن معظم عمالتها من أبناء جلدتها، ودون أن تُلزم بتحقيق نسب سعودة تساعد على حل مشكلة البطالة بين أوساط الشباب والفتيات السعوديات"، لافتًا إلى أن الأمر ينطبق على بعض تلك الشركات الأجنبية التي تعمل بأسماء سعودية، والتي بهذا الأمر جمعت بين التهرب الضريبي والتستر التجاري. ونوه جمال بأهمية تشجيع الشباب السعودي، الذين يمثلون المورد البشري الوطني، على العمل في بعض الأعمال التي تحترفها العمالة الوافدة، وكذلك تشجيعهم ودعمهم على إنشاء المؤسسات الصغيرة الخاصة بهم، بالإضافة إلى أن على الدولة أن تعمل بشكل عملي على الربط بين سياسة التخطيط الإنمائي وبين سياسة التخطيط للمورد البشري الوطني، وبما يحقق تزايد المشاركة بالتنمية وتناقص البطالة. أشار رئيس غرفة مكة إلى أن القطاع الخاص يجب أن يكون شريكًا في وضع الحلول، حيث إنه المتضرر الأكبر بعد الاقتصاد الوطني من جريمة التستر التجاري، وهو الذي تتحتم مشاركته ليضع الحلول التطبيقية بعيدًا عن أي حلول قد تقدَّم على شكل نظري وتكون غير قابلة للتطبيق، مردفًا: "يجب على أجهزة الدولة أن يكون لديها بعض المرونة مع متطلبات القطاع الخاص، وهي التي بدورها ستسهل من مهام العاملين في القطاع وتكشف عن أولئك الواقعين تحت جرم التستر". أوضح محمد بن عبد الصمد القرشي، نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكةالمكرمة، أن مشكلة التستر التجاري لم تقتصر آثارها على الاقتصاد الوطني من حيث تزايد أعداد العمالة الوافدة على حساب العمالة الوطنية، أو من حيث نمو حجم احتكار بعض السلع، وزيادة حجم معاناة العديد من المؤسسات الإنتاجية من ضعف قدرتها على المنافسة مع مؤسسات تمارس التستر. أضاف: "أثار التستر السلبية امتدت لتصل إلى الحياة الثقافية والاجتماعية والبيئية والصحية، وغيرها من أوجه الحياة الأخرى"، مردفًا: "من الآثار السلبية: ذلك النمو للأقليات الذي أثَّر بالتالي على البنية الديموغرافية، إيجاد الملاذ الآمن للعمالة الهاربة من أصحاب العمل، تزايد أعداد المخالفين لنظام الإقامة، توافر أموال ذات مصادر مخفية بعيدة عن سبل المراقبة، إيجاد وسط ملائم لانتشار الجريمة والتجارة غير المشروعة". وقال إن مخاطر نمو حجم التستر التجاري تتسبب في تشويه حساب الإيرادات العامة للدولة، وعدم وضوح معدلات البطالة الفعلية بشكل صحيح، وأيضًا تشويه معدلات التضخم ومعدلات النمو الاقتصادي والسياسة النقدية وتوزيع الموارد، وغيرها من الموارد الرئيسة التي تُبنى عليها سياسات واستراتيجيات المملكة. وعرض القرشي بعضَ الأمور التي يجب أن تؤخذ في الحسبان عند التوجه لمكافحة التستر، منها: أن يتم خلق مناخ مناسب يستند إلى الشفافية والوضوح في طرح مناقصات الأعمال في كل من القطاع الحكومي أو الخاص، تحفيز أشكال الكشف عن مصادر الدخل من كافة الأنشطة، داعيًا إلى أهمية التفريق بين الاستثمار الأجنبي القائم على معايير صحيحة والتستر التجاري. ونوه بأن لا يؤخذ في الاعتبار أن معظم الاستثمار قائم على قضية إجرامية تتمثل في التستر، مردفًا: "ولكن يجب ألا نغفل أن الاستثمار الأجنبي من الأولى توجيهه نحو الصناعات الثقيلة التي تخدم الاقتصاد الوطني، وتزيد من مهارات الشباب السعودي، وتفتح المزيد من الفرص الوظيفية في عدة مجالات متخصصة قد لا تكون موجودة في القطاعات الصغيرة والمتوسطة". وقال إيهاب بن عبدالله مشاط، نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكةالمكرمة، إن أكبر مساوئ تزايد حجم المؤسسات الوهمية العاملة تحت مظلة التستر التجاري، إضعاف فعالية السياسة النقدية في المملكة، وأوضح أن هذه الأنشطة التي تعمل بشكل خفي تسببت في رفع معدلات الطلب على السيولة النقدية، نظرًا لأن التعامل يتم نقدًا بين جميع الأطراف، ولا يحتفظ أي منهم بسجلات أو فواتير أو آلات تسجيل نقاط البيع المرتبطة بالمصارف، مشيرًا إلى أن معظمهم يتعاملون شفهيًا حتى لا ينفضح أمرهم ويتم ضبطهم جنائيًّا. وأفاد مشاط أن من آثار التستر التجاري السلبية: مزاحمة الوافدين في مجال الأعمال المناسبة للمواطنين بصورة غير مشروعة، الإسهام في نمو البطالة لتزايد أعدادهم وارتفاع معدلات زمن البحث عن وظيفة، زيادة حالات الغش التجاري، تهرب الوافدين من دفع الرسوم التي يطلبها نظام الاستثمار الأجنبي. ولفت مشاط إلى أن هناك علاقة وثيقة بين مشروع السعودة والتستر التجاري، وقال: "السعودة والتستر التجاري وجهان متضادان لن يتحقق الأول ما لم يتم الحد من الآخر، وذلك لأن العمالة الأجنبية سيطرت على المحال التجارية الصغيرة ووظَّفت أبناءها بها، وهو الأمر الذي حدَّ بشكل كبير من فرصة دخول الكثير من الشباب السعودي إلى عالم الأعمال التجارية.
رابط الخبر بصحيفة الوئام: إجراءات لمنع هيمنة العمالة الوافدة على بعض الأنشطة التجارية