لاشك أن تشبّع سوق العمل وعدم حاجته للمزيد من خريجي التخصصات النظرية يعد من القضايا القديمة قِدم هذه التخصصات ، ومع ذلك فهذه القضية لاتزال تصافحنا سنوياً مع كل دفعة يتم تخرجها من تلك التخصصات ، ولايزال ضحايا هذه القضية من الطلاب الخريجين يعانون الأمرين من جراء وقوعهم في فخ البطالة ومأزق انتظار الوظيفة الموعودة . إن استمرار هذه التخصصات في قبول الأعداد الكبيرة من الطلاب سنوياً سيؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة ويساهم في ازدياد معاناة الطلاب وعدم حصولهم على وظائف تناسب تخصصاتهم مما يضطرهم إلى التسرب إلى وظائف أخرى أقل ماتوصف بأنها لاتمثل طموحاتهم ولاترتقي إلى مستوى الرضا الوظيفي الذي كانوا يأملون به بعد أن أفنوا أعواماً عديدة من أعمارهم في دراسة تلك التخصصات النظرية . وحيث أن النسبة الكبرى من خريجي التخصصات النظرية يحبذون المجال التعليمي ويسعون إلى الحصول على إحدى الوظائف الشاغرة فيه كونه هو المجال المتاح لهم فإنهم مايلبثوا أن يصطدموا بالواقع المرير وتلجمهم المفاجأة عندما يجدون أنفسهم مجرد أرقام تسلسلية في طوابير الانتظار الطويلة والتي قد تمتد لسنوات وسنوات . وأمام هذه الإشكالية المقلقة فإنه يصبح من الأحرى أن يتم إنشاء مراكز متخصصة في قياس مدى موائمة مخرجات التخصصات النظرية مع حاجة سوق العمل المحلي بحيث يشارك في هذه المراكز نخبة من أساتذة الجامعات ورجال الأعمال والجهات ذات العلاقة للخروج بتوصيات جادة لحل هذه الإشكالية والقضاء عليها . كما أن قيام الجامعات بتخفيض نسب القبول في هذه التخصصات قد يكون له مردود ايجابي في تقليص أعداد الخريجين الأمر الذي قد يؤدي إلى إمكانية استيعابهم في سوق العمل وإيجاد الوظائف المناسبة لتخصصاتهم بالسرعة الممكنة بدلاً من بقاءهم في طوابير الانتظار لفترات طويلة ، كما أنه قد يكون من الأجدى أن يتم إيقاف القبول في بعض الأقسام لسنة أو سنتين لحين حدوث الاحتياج الفعلي في سوق العمل وبذلك تكون الجامعات قد ساهمت بشكل أو بأخر في القضاء على بطالة الخريجين من الأقسام النظرية وساهمت كذلك في إعطاء الفرصة لسوق العمل لاستيعاب وتوظيف خريجي هذه التخصصات . حسن الشمراني رابط الخبر بصحيفة الوئام: التخصصات النظرية وسوق العمل