المتابع لعالم تويتر يجد أن السعوديين يتربعون على عرش هذه الوسيلة الجديدة ، سواء من ناحية الأكثر استخداما على مستوى العالم أو حتى الأكثر تأثيرا على مستوى العالم العربي. ولست بحاجة إلى أن أشغل القاريء بالنسب والإحصاءات فهي متوفرة في المواقع ، ولا بالأسباب فهي من اختصاص الباحثين. واللافت أن تويتر – خلاف كل المواقع الأخرى – قد استهوى كل الفئات العمرية والعلمية والعملية المختلفة ، وأذاب كل الفوارق في استعماله والاهتمام به. بل أصبح الديدن اليومي للكثيرين ، الذين هجروا فضاءات الشبكة العنكبية ، واختزلوا عالمهم ومعرفتهم وثقافتهم وتواصلهم عبر تويتر. وقد تتابع شخصيات هامة كأكاديميين او رجال أعمال أو كُتاب وسواهم ، وتَعْجَب حين تجد كثيرا منهم يغردون ، لا بشكل " يومي أو " ساعي " بل " لحظي" ، وفي ساعات متأخرة جدا من الليل تجد تغريداتهم حاضرة ، بشكل يوحي لك أن لك أنهم لا ينامون ولا يأكلون ولا يذهبون للعمل ، وليس لديهم التزامات أسرية ، وأنهم استعاضوا بتويتر عن كل مناشط حياتهم. وعلى الضفة الأخرى تجد الفئة الثانية التي ليس لديها حناجر لتغرد ، لكن لديها عينان وأنامل لتتابع كل ما يرد على تويتر سواء تحليق الفراشات أو تغريد البلابل ، أو نعيق الغربان. وهذه الفئة الصامتة قد تكسر صمتها بفعل ساكن أيضا ، وهو عمل الرتويت أو إعادة نشر التغريد في حالة الإعجاب. ومثلما تقضي الفئة المغردة وقتا طويلا لتطرب فضاء تويتر ، كذلك الفئة المتابعة بصمت ، تمكث وقتا غير قليل بل ربما أكثر لمتابعة ما تشدو به حناجر المغردين. غابة ضخمة من الأشجار ، تحمل أغصانها الملتفة ملايين من العصافير المغردة ، والتي لا تتوقف عن التغريد بمختلف الأصوات ، فمن يستطيع أن يسمع أو يميز فضلا عن أن يتأثر ؟ .وبخلاف الشخصيات " مليونية المتابعة " ، ليس هناك من تأثير كبير لشخصيات أخر، حتى ذوي الأرقام ما فوق 10 ألاف إلى 100 ألف ، وهم كثر في تويتر. وجرب أن تفتح صفحة شخصيات عالية المتابعة ، لتجد أن أغلب تغريداته ، تمر دون أثر من ( رد أو رتويت أو حتى تفضيل ) ، وهذه الثلاث هي مؤشرات التفاعل والتأثر في عالم تويتر. وقد يقتصر أثر كلماته على ثوان عدة تمر أمام بصر متابعين ما ، كما يمر في ذات الوقت أمام ذات الأعين مئات التغريدات والكلمات التي سرعان ما تتبخر من الشاشة ومن ذهن قارئها. أما صغار المغردين أو كتاكيت تويتر ، أو حتى بيضاته التي لم تفقس ، فلا عزاء لهم لا في الأثر ولا في الوجود..! ولعل أكبر مزية لتويتر هو في جمع الناس في وسم قضية واحدة ، فيما يعرف " بالهاشتاق " ، وهو نسخة مكررة ومختصرة مختزلة ، للمنتديات التي كانت تجمع في أروقتها المهتمين بموضوع مشترك. وبالمحصلة فكل يحدث نفسه وكل يغني على ليلاه . وكل يهدر دم وقته ، أمام الشاشات الذكية ، ليكتب ويقرأ ويصخب ، بينما قطار حياته واقف في الخارج أو حتى منحرف عن مساره. ختاما : تويتر حوت ضخم ، إما أن يبتلعك وإما أن تصل على ظهره إلى جزيرة الأمان ، يحدد ذلك مستوى وعيك وتعاملك معه ، كما وكيفا ووقتا. إضاءة : ما أجمل أن تعيش حياتك ، لا حياة الآخرين ..! رحمة العتيبي تويتر الكاتبة: @SaadRahma رابط الخبر بصحيفة الوئام: «تويتر» العالم الوهمي