الأغلبية يرغبون في تثقيف أنفسهم ويرغبون في الاطلاع على أمهات الكتب في شتى الفنون ، لإيمانهم العميق بأهمية القراءة ودورها في الثقافة وبناء الحضارات والمجتمعات … لكنهم يواجهون صعوبة في ذلك ويجدون صدودا من أنفسهم وعدم إقبال على القراءة ، على الرغم من وجود الرغبة لديهم ، فيصرون على القراءة بشتى الوسائل ويضعون وقتا معينا لها ويختارون المكان الهادئ ويقتنون الكتب المناسبة لرغباتهم ومع ذلك تبوء محاولاتهم بالفشل ، فيقفون حيارى من أنفسهم وخاصة عندما يرون غيرهم ينكبون على الكتب ينهلون منها ماشاؤا ، بينما هم على خلاف ذلك ! أقول لأحبتي لا تحزنوا ولا تتضايقوا فمن خلال استقراء للواقع واستقصاء لبعض القارئين وجدت أن أغلبهم يهوى القراءة فطرة ، كما نهوى اللهو والأنس والضحك والرياضة والمسلسلات وغيرها ، فحب القراءة في أساسه ينشأ مع الفرد منذ طفولته ويتعزز في مراهقته ، فيكون مغرما بالقراءة كما يكون أقرانه مغرمين بالألعاب وغيرها ، ويمكن أيضا اكتساب القراءة من خلال الممارسة ولكن في حدود ضيقة لذا لا تشغلوا أنفسكم ، ولاتجلدوا ذواتكم ، لعدم انكبابكم على الكتب ، فلكل شخص هوايته وفطرته ورغباته ولكل شخص مزاياه وإمكاناته … ولكل عزيز أقول : لا يعني عدم كونك قارئا متمرسا ألا تقرأ شيئا ! ( فما لا يدرك كله لا يترك جله ) فلا تحرم نفسك من قراءة كتاب بين فترة وأخرى بقدر المستطاع ، وإن كان المفطور على القراءة يقرأ كل أسبوع كتابا ، فيكفيك أن تقرأ كل سنة كتابا ، وإن استطعت الاستزادة فذلك خير ومما لفت نظري في شدة الإقبال على القراءة ماشاهدته قبل أيام في صالة انتظار إحدى المستشفيات ، إذ بنحلة نحيلة لا تجاوز سبع سنوات ، تقرأ كتابا قد صدر غلافه باللغتين العربية والانجليزية ! وبيدها قلم تداعبه بين الفينة والأخرى !! أعجبت بحالها وذكرت الله ( ماشاء الله بارك الله عليها ) وعزمت على معرفة السر ، وكيف استطاع والدها جعلها قارئة بهذا الشكل وبهذا العمر ، فتحينت الفرصة وعندما فرغ الكرسي المجاور له وثبت وثبة المتسائل، فسلمت عليه واستأذنته بالسؤال ، فأذن لي مشكورا . في البداية أبديت إعجابي بصغيرته وبحرصها على القراءة ، وأنه بحكم عملي وطموحي أرغب أن أستفيد من تجربتهم وطريقتهم في تحبيبها للقراءة إن كان لهم دور ، لأتمكن من تطبيقها في المدارس ولأنشرها للناس لعل الله أن ينفع بها شكرني وأبدى سعادة غامرة ، ثم قال لي : إن الأمر فطري وليس لنا دور في ذلك فهي محبة للقراءة منذ طفولتها ، وأنها تحرص على القراءة سواء من الكتب الورقية أو من الكتب الالكترونية … فسألته عن سر القلم وعن تعجبي من طفلة تصحب القلم في قراءتها فقال : هذه رواية باللغتين العربية والانجليزية وهي تقرؤها فإن أشكلت عليها كلمة وضعت عليها دائرة لتبحث لاحقا عن معناها في المعجم ! ماشاء الله .. قراءة عميقة بطريقة علمية لتستفيد مما تقرأ مع حرص على معرفة كل ماتقرأ ! شكرته ودعوت الله أن يحفظها له وأن يبارك لها فيما تقرأ .. ونصحته بأن يختار لها الكتب بعناية ، لأن كثيرا من القارئين غير الموجهين يقعون في مزالق فكرية ، ونهم القراءة يجعلهم لا يمحصون مايقرؤون فيختلط لديهم السم بالعسل ، فتكون هوايتهم نقمة عليهم والمناسب للأولاد في مثل هذا العمر أن يحرص الوالدان على اقتناء الكتب الجيدة التي لاتشوبها الأفكار الهدامة ولا الفلسفات الموبقة التي تجر غير المختص إلى مزالق الإلحاد وغيره فالقراءة سلاح ذو حدين إما أن تحسن التعامل معها فتتسلح بها وتدافع عنك وإما أن تسيء التعامل معها فتضيع بين أوراقها وتهلكك ! حمد المحيميد @halmohaimeed رابط الخبر بصحيفة الوئام: للمتثقفين فقط !