تطرق كتاب الأعمدة بالصحف السعودية الصادرة السبت للعديد من القضايا على الساحة السعودية حيث تناول الكاتب بالوطن على سعد الموسي مشاكل تنفيذ الطرق وقال ان هناك مآسي مخجلة واردة في بعض فقرات عقود الدراسات الاستشارية لبعض من أنفاق وكباري الأمانات،مؤكدا أنه اذا قمنا بسحب كل ما كتب على سائر المشاريع بلا استثناء سنكتشف أننا بكل الصراحة والوضوح ندفع المليارات في مشاريع قامت على دراسات منسوخة (بالكربون) من ذاكرة كمبيوترية بحجم الأصبع. علي سعد الموسى مهزلة لم يقرأها أحد دعونا نقرأ معا هذه المآسي المخجلة، والواردة في بعض فقرات عقود الدراسات الاستشارية لبعض من أنفاق وكباري أمانة هذه المدينة وأنا هنا لا أختص أمانتنا بالتحديد: فقط أكتب ما اطلعت عليه، وقد يكون ما لم نشاهده لغيرها أكثر خجلا وأدهى وأمر. في العقد الاستشاري لأحد الطرق المستحدثة في مدينة خميس مشيط يتطلب (حسن الهندسة)، (مراعاة مداخل ومخارج “كوبري” المحور الرابط إلى طريق البكيرية عند الكيلو الثلاثين)، وكأن البكيرية على الضفة الأخرى من المدينة. في العقد الاستشاري الآخر لمشروع قطع وتسوية لأحد مشاريع توسعة الطريق في مدينة (أبها) تلزم دراسة هذا المشروع، المقاول المنفذ (على الحظر التام لرمي مخلفات المشروع في مجرى وادي النيل) وكأن (أبها) في توأمة مع (بنها) المصرية. في العقد الاستشاري الثالث إشارة أقرب إلى (الفضيحة) لفقرة عن تقاطع (الطريق) مع طريق (الدلتا) الزراعي الرابط بين المنصورة وبين المحلة. وكلها مهازل فساد إداري مفتوحة على كل الاتجاهات، والفساد في بعض تعريفاته ليس أن (تسرق) فهم بشهادتي أنقياء أبرياء، بل أن تمرر كل هذه الكوارث في العقود الاستشارية دون أن تنتبه للمأساة المخجلة، هذا يعني أولا، أن هذه العقود الاستشارية الممهورة بالملايين مجرد (نسخ ولصق) من حافظة الكمبيوتر، ومقترنة أيضا، بفشل ذريع في المراجعة اللغوية على الأقل لحفظ ماء الوجه. هذا يعني ثانيا أن إدارات الحكومة لا تقرأ حتى دراسات استشارية من بضع أوراق معدودة حتى ولو كان أقلها أن تمسح (بالمبيض) هذه الفقرات الكوارثية. هذا، ثالثا، يعني ومع بالغ احترامي للإخوة الأشقاء في الدين والدم، أننا ندفع في هذه المشاريع أثمان وعقود المحاور الرابطة بين لوزان وجنيف أو بين شيكاغو وبيلواكي ولكننا في النهاية لا نحصل سوى على الكباري والأنفاق والطرق والمحاور الرابطة بين الدقهلية والغربية وبين بنها وشبين الكوم. نحن نأخذ دراسات مشاريعنا من المخزون الكمبيوتري، ومع احترامي، لمن لا تجربة له في هذه الأفكار والدراسات الهندسية. اسحبوا كل ما كتبت على سائر مشاريعنا بلا استثناء كي تكتشفوا أننا بكل الصراحة والوضوح ندفع المليارات في مشاريع قامت على دراسات منسوخة (بالكربون) من ذاكرة كمبيوترية بحجم الأصبع. جمعان الكرت توصيات المثقفين عجين لم يُخبز تعوّد المثقفون عند عقد اجتماعاتهم الخروج بكثير من التوصيات المضيئة للمسار الثقافي في وطننا الكبير، وتظل جُل تلك التوصيات رهينة الأضابير والملفات لحين يأتي مؤتمر آخر ليتم تداولها مرة ثانية وثالثة، وحين نستعيد الذاكرة عن بعض التوصيات التي تمخضت عنها تلك الاجتماعات التي حضرها نخبة من المثقفين والمثقفات على مستوى الوطن، نلحظ أنها في غاية الأهمية ومن بينها التوجيه بإنشاء مراكز ثقافية، وإنشاء أكاديمية خاصة للفنون، وتأسيس جوائز تقديرية في الآداب والفنون تستند في إعانتها من الدولة ورجال الأعمال، والاهتمام بثقافة الطفل، وإحياء الأسواق القديمة، وغيرها من التوصيات، وقد جاءت أبرز توصية فك الثقافة عن الإعلام لتتولى كل وزارة الأعمال المنوطة بها، وفي واقع الأمر أن التوصيات مضيئة ومهمة وستغير واقعنا الثقافي نحو الأفضل، إلا أنها بقيت كما هي، توصيات محاصرة في داخل الأدراج، لم تصل إلى مستوى التنفيذ، وإذا استمرت تلك اللقاءات والمؤتمرات التي تجمع أطيافا من المثقفين والمثقفات فسوف تعيد عجين التوصيات مرة أخرى وهكذا. وقد نتذكر ذلك في أعقاب اجتماع المثقفين القادم في المدينةالمنورة. وعودة إلى التوصية المتعلقة بالطفل نلحظ أن الطفل السعودي يعاني كغيره من الأطفال العرب يتشرب ثقافات متنوعة لا تمت إلى ثقافتنا بصلة لأن النتاج أجنبي وتتمثل في الأفلام والبرامج الإلكترونية التي تضخها القنوات ووسائل الاتصال الجديدة صباح مساء، وكثير منها تتعارض مع قيمنا الإسلامية وثقاتنا العربية السائدة، بمعنى أنها تتداخل وتتناقض مع ما يتعلمه الطالب في مدرسته، أو يمارسه في منزله، أو يشاهده في الشارع، وكي ننهض بفكر الطفل لا بد أن يكون لدينا قدرة على المنافسة بوضع البدائل، ولن تتحقق إلا بوضع استراتيجية على مستوى الدولة، وهنا يقع العبء الأكبر على التربية والتعليم بتفعيل المسرح المدرسي مع تخصيص جوائز للمبدعين في الوسط التربوي والتعليمي، ومشاركة وزارة الثقافة والإعلام في وضع جوائز قيمة لمنتجي الأفلام والبرامج ومؤلفي القصص والحكايات التي تُعزز القيم الحميدة وترسخ الأخلاق الفاضلة، ويمكن الاستفادة من القصص التراثية وتحويلها إلى أفلام مشوقة وممتعة، يمكن للطفل العربي مشاهدتها من خلال الأجهزة التقنية الحديثة. وتُعد في ظني بديلاً مناسباً عن تلك التي تمتلئ بها ذاكرات معظم الهواتف والأجهزة التي يمتلكها كثير من شبابنا وأطفالنا بمقاطع بعضها يتنافى وخلق مجتمعنا الكريم. وتتقاطع مع القيم التي يتلاقها في مدرسته. أما توصية إحياء الأسواق القديمة فقد نجحت تجربة إحياء سوق عكاظ وأصبح علامة تراثية وثقافية واجتماعية مميزة، وفي المقابل هناك أسواق لا تقل أهمية ومكانة عن سوق عكاظ كسوق حُباشة الذي يقع في العرضية يتوسط الموقع الجغرافي بين تهامة والسراة، وهذا السوق كما قالت كتب السير والتاريخ إن الرسول ابتاع فيه بتجارة السيدة خديجة. مما يزيد من أهمية السوق تاريخيا، فضلا عن استمرار بقائه مئات السنين، مما يتوجب إحيائه من خلال تشكيل لجنة علمية وتاريخية وأثرية تحدد موقعه ومن ثم تفعيل أنشطته ليصبح مزاراً ثقافياً وأثرياً، ومثله الأسواق الأخرى كسوق دومة الجندل في الشمال وسوق مجنه في وادي فاطمة بمنطقة مكةالمكرمة وغيرها ، آن الأوان لتوسيع مناشط الثقافة من خلال المراكز الثقافية حيث إن المركز يستوعب أنشطة متنوعة في الأدب والثقافة والفنون بأنواعها المسرح والتراث وغيرهما. من متطلبات العصر تحديد التخصص فوزارة ضخمة تحمل مهمتين كبيرتين هما الثقافة والإعلام تحتاج إلى تسهيل مهمة كل واحدة وتحديد اختصاصها، بدلاً من التداخلات التي تعيق العمل وتزيد من ترهل البيروقراطية.. ألم أقل بأن توصيات اجتماعات المثقفين ما زالت عجيناً رخوا تحتاج إلى فرن ساخن ليُسرع إنضاجها.. ومضة: مثلما تحتاج الشتلة إلى أشعة شمس وماء وهواء، أيضا الثقافة تحتاج إلى نقاء وصفاء وبياض وشفافية وهمم عالية. سعيد السريحي لجنة التعدي على حياة المواطنين إذا كانت التعديات التي تتمثل في البناء بدون تصريح أو البناء في أراضٍ مملوكة للدولة تعد مخالفة تستوجب الإزالة، وتمنح لجان المخالفات حق هدمها، فإن هدم أحد هذه التعديات على رأس مواطن جريمة تستدعي إزالة تلك اللجنة التي أقدمت عليها ومن هو مسؤول عنها كذلك، وتستوجب إعادة النظر في الطرق والآليات التي تتبعها أمانات المدن والقرى، وليس من المتقبل على الإطلاق أن تكون المحافظة على حرمة الأراضي الحكومية ذريعة للتعدي على حرمة حياة المواطنين. إن ما حدث في محافظة طريب في منطقة أبها حين أقدمت لجنة التعديات على هدم أحد المنازل المخالفة على رأس مواطنة وطفلها، ما أدى إلى إصابتها إصابة بالغة أدخلت على أثرها المستشفى، يكشف عن استهانة لا تغتفر من قبل تلك اللجنة بالأنظمة والقوانين المنظمة لعمليات الإزالة، وقبل ذلك بحياة المواطنين وكرامتهم. وإذا كانت هذه الجريمة قد ألجمت لسان رئيس لجنة التعديات، فرفض الحديث عن الحادثة لمحرر «عكاظ»، واكتفى بإحالته إلى الناطق الإعلامي لإمارة المنطقة لعله يخرجه واللجنة التي يرأسها مما أقدموا عليه من فعل، فإن ما صرح به الناطق الإعلامي للإمارة لا يعبر إلا عن ضعف الحجة وتهافت الدفاع عن تلك الجريمة، وذلك حين قال: «لجنة التعديات حرصت على تصوير المنزل مسبقا وتأكدت من عدم وجود أشخاص داخله، ومن ثم تمت إزالته، والمنطقة منطقة غابات، وهناك قرار من أمير عسير بعدم الإحداث فيها، وسبق أن تمت إزالة ثلاثة مواقع، من ضمنها نفس الموقع الذي أعيد بناؤه خلال أوقات الإجازات الحكومية». فهل تصوير المنزل كافٍ للتأكد من خلوه من السكان، وكيف لنا أن نصدق أن المنزل كان خاليا وقد كشفت الحادثة عن أن مواطنة وطفلها تم إخراجهما من تحت الأنقاض، وإذا كان الطفل قد كتب الله له النجاة، فتقرير المستشفى الذي نقلت إليه المواطنة يشهد بإصابتها. وقد فات على الناطق الإعلامي أن يفترض أن المواطنة كانت تختبئ في سرداب تحت المنزل حين تم تفتيشه، أو أنها تسربت إليه عبر خندق بعد أن تم التفتيش والتحقق من خلوه من السكان. ولم يكن يليق بالمتحدث باسم الإمارة أن يزج بمقام الإمارة في هذه الجريمة، فالسؤال إنما كان عن هدم المنزل على رأس مواطنة، وليس عن هدم منزل مخالف، والإمارة أكثر حرصا على حياة المواطنين، وحكمتها في التعامل مع التعديات تفرض على لجنة الإزالة ألف طريقة وطريقة للتعامل مع التعدي لا يمكن أن يكون من بينها هدم المنزل المخالف على رأس من يسكن فيه. حادثة محافظة طريب لا ينبغي لها أن تمر مرور الكرام، وما تقوم به بعض لجان التعديات أشد ضررا وخطرا من التعديات نفسها، ولذلك لا بد من العمل على كبح تصرفاتها والحيلولة دون استغلال بعض من يعملون فيها لصلاحياتهم، فيقدمون على ما يشبه الانتقام من المواطنين. رابط الخبر بصحيفة الوئام: أعمدة الرأي: لجنة للتعدي على حياة المواطنين