قال الدكتور سعيد السريحي: إن جناية النقد الحديث واضحة، وقد تمثلت هذه الجناية فيما صمت عنه النقد الحديث من أعمال وليس فيما وقف عليه من أعمال، فالناقد الحديث لم يعد يصدر حكما بالقيمة، بل أصبح الناقد مفسرا للنص ومؤولا له، مشيراً إلى أن النص إذا لم يرتق لمستوى قابلية التفسير فإن موقف الناقد الحديث هو الصمت عنه. وبين السريحي خلال الأمسية النقدية التي نظمتها "لجنة إبداع" بنادي الطائف الأدبي الثقافي مساء أول من أمس تحت عنوان "في الشعرية"، أن تكاثر النصوص الرديئة جاء نتيجة لهذا الصمت عنها، مشيرا إلى أن النقد الحديث أصبح يكتفي بالانصراف عن النص، وقال إن الافتقار إلى البعد الفلسفي يمكن أن يكون مفسراً لذلك، وأضاف: إن القول بأصالة اللغة الشعرية وبأنها ليست لغة سطحية يمكن التعبير عنها بلغة أخرى، موضحاً أن "الأصالة تعود بأولويتها وأسبقيتها على أي لغة أخرى"، مشيراً إلى أن الحديث عن البنية السطحية والعميقة ينزع عن اللغة الشعرية أصالتها، وعند النظر إلى البنيتين نكتشف المفارقة، وقال إن اللغة الشعرية ليست مبحثا في أصالة اللغة الشعرية، والكثير من الدراسات التي تحدثت عن الشعرية نجد أنها تحدثت عن البنية العميقة باعتبارها أصلاً وليس نموذجاً، مشيرا إلى أن الهوية تعني الشيء في وجوده وليس الشيء في ماهيته، وأضاف أن هذه النظرة انتهت إلى أن الشيء يوجد ثم تصبغ عليه الهوية. وتحدث السريحي عن العلاقة بين الاسم والمسمى ذاكراً أن الاسم يدل على المسمى ولكل من الأسماء صفاته وهويته التي تميزه عن غيره والعلاقة درجات، مشيرا إلى أن الشعرية ينبغي أن تنطلق من الإيمان بأصالة اللغة الشعرية، والأصالة لا بد أن تستند إلى وعي فلسفي بمفهوم الهوية وما تم إنجازه في مجال اللغة من أن العلاقة هي العلاقة بين الاسم والمسمى، وبدون هذا البعد الفلسفي لا يمكن أن تكون الشعرية درسا حديثا بقدر ما تكون استعادة لدروس البلاغة. بعد ذلك داخل عدد من الحضور، حيث تحدث الدكتور عاطف بهجات عن التناص وارتباطه بالرؤية، والرؤية وارتباطها بالمنطق والفلسفة، مشيراً إلى أن ذلك يقتضي أن يكون هناك تصور مسبق لتتحقق الشاعرية. وتساءلت الدكتور وفاء خنكار: كيف يمكن أن نساعد لغة الشعر وكذلك الشاعر؟، وكيف له أن يتحرر من قيد الاسم إلى التصور المسمى؟. وفي ختام الأمسية قرأ السريحي قصيدة "تحية لسيد البيد" للشاعر محمد الثبيتي.