اشتهرت الرياض دون غيرها من المدن بميادينها الواسعة التي شكلت ساحات خضراء تزين جيد المدينة وتجبر المار على التوقف ولو برهة للتمعن في معاني الخضرة والجمال التي تحتويها، كثير من المفارقات يلحظها الزائر أو المقيم في العاصمة حول هذه الميادين التي تبلغ 30 ميدانا، فمنها ما يبدو كجنان خضراء وارفة، ومنها ما باتت أشبه بالمقابر تخنقها الأبنية والمساكن في دلالة واضحة على تفاوت الاهتمام بهذه الميادين التي تعتبر واحدة من العلامات التي تقاس بها حضارة وتنظيم المدن ورقي ساكنيها. أسماء دول ومدن حملتها تلك الميادين، ومنها ميدان القاهرة والذي رغم تميزه بوقوعه في قلب العاصمة وربطه للاتجاهات الأربع للمدينة عبر أكبر طريقين رئيسين "مكةالمكرمة والملك فهد" فضلا عن حلقة الجسور الباهية التي تطل عليه من أعلى، إلا أنه لا يلبي طموح المواطنين الذين يرغبون أن تتواكب تلك الميادين مع مستوى الطفرة العمرانية الكبيرة التي تشهدها العاصمة. "الوطن" تجولت في عدد من ميادين العاصمة ورصدت حالة من عدم الرضا بين مرتاديها سببها عدم اهتمام الجهات ذات العلاقة بها خاصة فيما يتعلق بالتشجير والنظافة. ففي جنوب العاصمة يفتقر ميدان صنعاء الذي يعتبر مدخلا رئيسياً لمدينة الخرج لأبسط معالم الحياة؛ حيث يرى فيه المواطن فيصل عبدالله منظر المقابر خاصة في طريقة وضع الأحجار التي تدل على افتقاره للجمال الطبيعي على حد تعبيره واتفق معه عبدالله عثمان المصمم والمصور الذي أشار إلى أنهم ظلوا لفترة طويلة ينتظرون انتهاء العمل في هذا الميدان، إلا أن الواقع يقول غير ذلك، مشيرا إلى أن القائمين على الأمر وضعوا عددا من المجسمات ليزينوا بها الميدان لكن يبدو أنها "وضعت والسلام" دون أن تضفي أي بُعد جمالي له. وتساءل عثمان من أين يأتي الجمال لمجموعة من الأسطوانات المركبة على شكل نباتات الصبار العملاقة، بل بدا الأمر للمارة كأنهم يعيشون في إحدى الصحاري لولا زحام السيارات التي يلاحظونها يمنة ويسرة. وحول نفس الميدان تقول منى أحمد "بحكم عملي أعبر من هنا يومياً وفي كل مرة أتوقع أن أرى بعض اللمسات الجديدة أو المختلفة لكني للأسف لا أجد إلا زيادة في الرمال الحمراء"، مشيرة إلى أنها تعجبت من هذه الأعمدة الحديدية المنتشرة في الميدان رغم أنها تجمع حولها كل الأوراق والأكياس الورقية والبلاستيكية الطائرة في ظل سهولة حركة الرياح. في المقابل، أكد مدير عام الحدائق وعمارة البيئة بأمانة الرياض المهندس توفيق بن عثمان الحماد ل "الوطن" أن الاهتمام بالميادين مؤشر وعلامة بارزة على تطور المدن وحضارتها باعتبارها المكان الحيوي والنشط داخل كل مدينة وفي كثير من دول العالم تعتبر الميادين إما ذات بعد تاريخي أو اجتماعي أو نقطة حيوية ونشطه داخل المدينة، وتابع "في مدينة الرياض يوجد عدد من الميادين الهامة والحيوية وأن أمانة منطقة الرياض عملت على وضع برنامج جديد لتطويرها وتأهيلها، يعتمد على عدد من النقاط الرئيسية منها البدء في تأهيل الميادين الحيوية والرئيسية التي تقع على طرق وشوارع رئيسية ودراسة الموقع من ناحية السلامة المرورية والاهتمام بإزالة جميع ما يعيق وضوح الرؤية لقائدي المركبات خاصة الأشجار الكبيرة أو اللوحات ودراسة الموقع مداخله ومخارجه ووضع التصاميم والمخططات بالاعتماد على طبيعة الموقع وموقعة على الخريطة. وأكد الحماد وجود 30 ميدان مشجر تزيد مساحتها الإجمالية عن 2.5 مليون متر مربع، فيما يجري العمل على إعادة تأهيل عدد منها وذلك بتطبيق معايير ومحددات التنسيق الحديثة للمواقع بما يحدث نقلة ايجابية نوعية في مظهر هذه المواقع، مشيرا إلى أنهم قاموا حتى الآن بتشجير 1650 طريق وشارع في مدينة الرياض ويجري الآن العمل على تشجير أكثر من 600 كم طولي من الجزر الوسطية المرصوفة والمنارة، إضافة الى إعادة تأهيل 54 شارع في الوقت الحالي.