لا تكاد جذوة الجدل بين الكتاب الإلكتروني ومزاحمته لنظيره الورقي، تهدأ حتى تشتعل من جديد من خلال آراء متباينة، حول جدوى كل منهما، وإمكانية إزاحة أحدهما للآخر، حيث يعتبر الناقد الدكتور عبدالرحمن المحسني أننا في زمن القراءة الإلكترونية، مشيرا إلى أن اندفاع الشباب للقراءة عن طريق الأجهزة الذكية مؤشر إيجابي؛ فالجيل الجديد يقرأ كثيرا. وقال "إن الفيس بوك الذي يجمع قروبات من قراء مختلفي التوجهات يحفزهم الشباب للقراءة، وهي ليست قراءات هامشية بل تثقيفية تسهم في صناعة الوعي، وقد تحولت الأجهزة إلى مكتبات فكرية متنوعة"، مضيفا أن الشاعر والكاتب والعالم كلهم أصبحوا يقصدون الفيس بوك لطرح رؤاهم إضافة للمسارب الأخرى كاليوتيوب وتويتر. وأكد المحسني أن فعل القراءة الإلكترونية قد تجاوز فعل القراءة التقليدية، وأصبحت الكتب هدفا للباحثين عن التوثيق، ولمن لا زالوا يرتبطون بود عاطفي مع الكتاب. وحول نشر الكتب إلكترونيا، أوضح أنه لا زال متأخرا كثيرا، فأغلب دور النشر لا تنشر الكتاب إلكترونيا بجانب نشره ورقيا رغم قيمة النشر الإلكتروني الذي سيعطي العمل بعدا أوسع بكثير من أرفف مكتبات يعلوها الغبار بانتظار قارئ. ويرى المحسني أن هاجس الخوف من سرقة الأعمال المنشورة إلكترونيا ما زال يسيطر على الكثير، قائلا "هو خوف مشروع، لكني أعتقد أنه غير مبرر للإحجام عن النشر الإلكتروني. وطالب المحسني بأن تتوصل التقنية إلى آلية لحفظ الحقوق، لافتا إلى أن المعرفة المعاصرة عند البعض قد أصبحت ملكا مشاعا للإنسانية ولم يعد هناك من ضرورة للاهتمام بالحقوق. الأديب والكاتب حمد القاضي كان له رأي مخالف، معتبرا أنه لا توجد وسيلة تهدد وسيلة أخرى، فلا تقاطع بين وسائط المعرفة. وأضاف القاضي، الذي أصدر أخيرا كتابا بعنوان "الثقافة الورقية في زمن الإعلام الرقمي"، أن هناك تكاملا بين وسائط المعرفة، وكل قارئ يختار الوسيلة التي يستقي منها معلوماته؛ فالطائرة لم تلغ السيارة، والراديو لم يقض على التلفزيون. لكن القاضي عاد ليؤكد أن الكتاب الورقي أكثر موثوقية من "الرقمي"، قائلا "إن الكتاب الورقي محفوظ بطبعته وصفحاته ولا يأتيه العبث، بينما المادة الرقمية معرضة للمسح وغيره، نافيا ما يقال حول عدم وجود جيل قارئ". وقال "القارئ موجود سواء من يقرأ عبر الورق والحبر، ومن يقرأ عبر الشاشات والزر، وقراء المطبوع حاضرون لدينا ولدى غيرنا، ولولا أن هناك قراء كثر من مختلف الأطياف لما دارت تروس المطابع، وأصدرت دور النشر عطاء المحابر، ولما أنشئت المكتبات ولما رأينا الإقبال الكبير على معارض الكتب ونحن حديثو عهد بمعرض الرياض الدولي للكتاب، حيث رأينا كيف كان الإقبال عليه كبيرا، بل فاق الأعوام السابقة".