ما زالت كثير من الشواهد التاريخية والأثرية في المملكة تعيش تحت خطر العبث والتشويه والسرقة. وعلى الرغم من الجهود المتواصلة التي تقوم بها هيئة السياحة والآثار في أداء مهامها، إلا أن كثيرا من الأماكن التاريخية والقرى الأثرية خصوصا جنوب المملكة يحرسها مواطنون باتفاق شفوي بينهم وبين أحد مسؤولي فروع هيئة السياحة في المناطق، دون مرتب شهري أو تعاقد رسمي مع حراس القرى. الشاب صالح جرادان الزهراني المكلف من قبل مدير الآثار والمتاحف بمنطقة الباحة بحمل مسؤولية مفاتيح "قرية مسعودة الأثرية" غرب محافظة المخواة التابعة لمنطقة الباحة، وذلك لفتح بوابات سور القرية الأثرية للباحثين والسياح الذين يترددون على القرية بشكل دائم يقول: منذ قرابة شهرين تقريبا أنهت إدارة الآثار والمتاحف بالباحة بناء سور يحيط بقرية ومقابر "قرية مسعودة الأثرية" وعند الانتهاء من العمل وإيصاد البوابات بالأقفال سلم مدير الآثار والمتاحف بالمنطقة بدر عصيدان المفاتيح لي، واعتبرت هذا يعني أنني ربما سأحظى بوظيفة حارس القرية الأثرية لاسيما أنني شاب متخرج من الثانوية وعاطل عن العمل، وأنني جار القرية الواقعة أمام منزلي ففاجأني عصيدان بأن ذلك غير ممكن، مع التأكيد عليّ بالاحتفاظ بمفاتيح أبواب سور القرية لفتح أبوابها أمام الزائرين حتى تتوفر الوظيفة. وأضاف الزهراني: هناك كثير من الباحثين والزوار الذين يزورون القرية بشكل دائم، ففي الأسبوع الماضي جاء وفد إيطالي ومعهم سعوديون، مما اضطرني إلى البقاء قريبا من القرية، تاركا ارتباطاتي الأخرى، للالتزام بفتح أبواب القرية للزوار والدخول معهم ومساعدتهم في التعرف على القرية ومحتوياتها، مؤكدا "أنه تحول مع الوقت إلى حارس ومرشد سياحي يعمل بالمجان". الزهراني أشار إلى أن "قرية مسعودة" و"قرية عشم" إلى الجنوب منها كانتا تحتويان على كثير من النقوش والقطع الأثرية، لم يعد منها الآن إلا شواهد قليلة جدا تعد على أصابع اليد الواحدة. وأعاد السبب إلى أن إدارة المتاحف لم تولِ القريتين ما يكفي من اهتمام، مؤكدا أن توفير حارس لكل مكان أثري سوف يعوض كثيرا من الإهمال. يذكر أن "قرية مسعودة" في محافظة المخواة يعود تاريخها إلى أوائل العصر الإسلامي كما جاء في كتاب "مخلاف عشم" لمؤلفه الأستاذ حسن فقيه. وهي عبارة عن مجموعة قرى مهدمة وتضم مقابر كثيرة تتوزع على مساحة واسعة من الأرض. كما تحتوي على بئر تم بناؤها على طراز مدهش، وهي لم تنضب حتى هذه اللحظة. وبالانتقال إلى "مريغان" في محافظة تثليث التابعة لمنطقة عسير، فقد شكا محماس بن ملهي القحطاني وابنه قبلان من المعاناة نفسها، حيث يجدان نفسيهما مجبرين على مرافقة الزوار والسائحين والباحثين، سواء كانوا أجانب أم مواطنين لإرشادهم إلى الأماكن التي تحوي النقوش الأثرية. يقول محماس: كثير من السياح والزائرين والباحثين سواء من الأجانب أو من الجامعات السعودية يأتون إلى مريغان بمحافظة تثليث حيث يوجد نقش أبرهة على الصخرة الكبيرة والشهيرة هناك كما يحتوي المكان على كثير من النقوش الأثرية تعود لآلاف السنين. وأضاف: دائما ما نجد أنفسنا أنا وولدي وكثير من ساكني "مريغان" رغم مشاغلنا والتزاماتنا مجبرين على مرافقة الزوار لندلهم على النقوش ونعطيهم نبذة عنها وعن أسماء الأماكن، وكل ذلك دون مقابل. وأبدى محماس تأمله هو الأهالي بأن تستحدث وظيفة حارس آثار أو نحوها، حتى يكون هناك مسؤول فعلي يحافظ على هذا الإرث التاريخي الذي لو استمر إهماله وعدم حراسته فلربما سرق أو شوه. من جهته أكد مسؤول السياحة والآثار بمنطقة الباحة بدر عصيدان أنه لم يعد هناك وظائف اليوم تحت مسمى حارس آثار، وقال: إننا ننتظر قرارا مشابها يصدر من الوزارة كمراقب آثار وهو ما تسعى الوزارة لاستحداثه، علما أننا قد رفعنا بأوراق الشاب صالح جرادان الزهراني، وطالبنا بإيجاد وظيفة له لحراسة القرية الأثرية هناك. بينما لم نجد ردا من مسؤول السياحة والآثار بمحافظة بيشة، حول آثار حراسة آثار "مريغان".