ما إن أنهى "أبوالكلام" العامل بإحدى محطات تعبئة الوقود ملء خزان السيارة لأحد الزبائن، حتى تحرك الزبون فجأة وانطلق دون دفع الحساب. أما العامل "محمد" فقد فوجئ بعد انتهاء التعبئة لسيارة أخرى بالسائق يعترف له بأنه لا يحمل مالا، ويعده بالعودة بقيمة الوقود في وقت آخر. في المقابل يتعرض السائقون أيضا لمواقف مثيرة في محطات بيع الوقود، ومنهم المواطن محمد الغامدي الذي اكتشف ذات مرة أن عامل محطة الوقود "يعلق" جهاز التعبئة، وذلك بترك "العداد" مرتفعا، دون وضعه على "الصفر"، وعندما واجه المواطن العامل بذلك، علل بأن هناك من يهرب بعد تعبئة الوقود، فكان لابد له أن يحتال على الآخرين ليعوض العجز الحاصل لديه نتيجة هروب البعض قبل دفع الحساب. قصص مثيرة يعيشها العاملون في محطات الوقود التي تعمل على مدار الساعة، وخاصة تلك التي تقع على الطرق السريعة، فغالبا ما يدفع العاملون في تلك المحطات ثمنا باهظا نتيجة العمل في أوقات متأخرة من الليل، والتعامل مع أصناف مختلفة من البشر. مختار حسين أحد العاملين في محطة وقود تقع على طريق الطائفالرياض السريع يروي قصصا غريبة واجهته على مدى 12عاما، وهي فترة عمله في المحطة، يقول "من أغرب القصص التي تواجهني بصفة مستمرة هو حضور بعض الأشخاص للمحطة، وتعبئة سياراتهم، ومن ثم وضعي أمام الأمر الواقع، بإخباري أنهم لا يملكون نقودا، طالبين مني السماح لهم بالمغادرة على أن يعودوا له بالمبلغ في وقت لاحق" مشيرا إلى أنه يرضخ للأمر الواقع في أحيان كثيرة، وخاصة عندما يكون السائق كبير السن، وغالبا ما يدفع هو الثمن لأن أغلبهم لا يعودون. وقال زميله عبدالرشيد "من أكثر المشكلات التي تواجهنا التعامل مع بعض الأشخاص الذين يأتون في ساعات متأخرة من الليل، ومنهم بعض المراهقين الذين يحاولون إيذائنا، أو نعبئ لهم سياراتهم، ثم يهروبون من المحطة قبل دفع الحساب"، مشيرا إلى أنه يحاول إعاقة من يحاول الهروب بقذف سيارته بالحجارة، حتى وإن أدى ذلك إلى تحطيم زجاجها. وفي المقابل لا يتحرج بعض العاملين في محطات الوقود من التحايل على الزبائن من خلال "تعليق" محرك جهاز تعبئة الوقود لتضليل الزبون، وإيهامه بتعبئة كمية من الوقود غير الكمية الحقيقية، والحصول على ثمن الكمية الوهمية. يقول صلاح العتيبي إنه تفاجأ ذات يوم بعامل محطة يطالبه بثمن تعبئة كامل خزان الوقود، وعندما تحرك بمركبته تفاجأ بأن عداد الوقود منخفض، وعند عودته للعامل ومواجهته، اعترف بأنه علق العداد لكي يعوض بعض العجز الذي حدث لديه بعد هروب سائق بالحساب، مشيرا إلى أنه استعاد نقوده، وأبلغ المشرف على المحطة وهو مقيم، فتعهد بمحاسبة العامل وعدم تكرار ما بدر منه. ويعترف إحسان (عامل بإحدى المحطات) أن حالات التهرب من دفع قيمة الوقود قليلة، وربما نادرة، مشيرا إلى أن بعض المحطات تلجأ إلى الحجارة كوسيلة لعقاب المتهربين من الدفع، وفي المقابل تقدم محطات أخرى وسائل مختلفة لجذب قائدي السيارات للتعامل معهم، بعضها يخفض سعر ليتر الوقود من 45 هلله إلى 43 هلله، والبعض الآخر يمنح السائق علبة مناديل مقابل كل عشرة ريالات يملأ بها وقودا. من جهته قال الناطق الإعلامي لشرطة محافظة الطائف المقدم تركي بن ظافر الشهري إن "تعبئة المركبات والهروب دون دفع الثمن كتصرف يصدر من قائد أي مركبة، وكذلك قيام العمال بمحطات الوقود برشق المركبة بالحجارة كردة فعل لذلك التصرف أمر مخالف من الطرفين، ويعاقب عليه القانون". وأكد أنه "في المجمل العام هذه التصرفات لا تعد ظاهرة، قياسا على ما هو مسجل رسميا خلال العام المنصرم من بلاغات وردت إلى غرفة العمليات، أو مراكز الشرطة بمحافظة الطائف، فعددها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وارتكبت من قبل مراهقين، أو صغار في السن".