احتفلت "منال عبدالله" وهي أم لطفلين بطلاقها، وعللت ذلك بأن الطلاق لبعض النساء يشبه الهروب من الجحيم، خصوصاً مع من ترتبط برجل ُمسيء لنفسه ولها, أو مدمن مخدرات، فإنها تعاقب على جريمة لم ترتكبها، وخلاصها منه يعد انتصارا لها يحق لها أن تعبر عن فرحها بالحلوى والورود وكل مظاهر الفرح. وتؤكد أنها لم تخالف العرف والعادة في احتفائها كونها تعتبرها مناسبة سعيدة بغض النظر عن نظرة المجتمع لتصرفها خصوصاً أنها لم تحصل على الطلاق إلا بعد صراعات استمرت طويلاً في ساحات المحاكم وتضيف عبدالله أنها أصبحت تشعر براحة كبيرة بعد صدور حكم المحكمة لمصلحتها حيث أصبح من حقها أن تعيش حياتها من جديد وبالشكل الذي تريده لنفسها بعيداً عن عبودية الزوج المتسلط – على حد تعبيرها -. وفسرت "منال" ظاهرة تقديم الحلوى والورود داخل المحاكم بأنها تعبير رمزي عن نجاحهن في إحدى معاركهن الحياتية، لأن الزوجة إن حاولت تخليص نفسها من رجل لا يقدر الحياة الزوجية تجد نفسها أمام إجراءات طويلة ومعقدة في المحاكم وتضيف أن الملفات المطروحة على القضاء تكشف عن مآس كبيرة تعيشها النساء في ظل العنف وغيرها من أنواع المعاناة. وهكذا أصبحت العلاقة الزوجية تتشابه في بدايتها ونهايتها، ولم تعد مظاهر الفرح والابتهاج بتقديم الورود والحلوى عند كثير من الناس عرفاً لارتباط الزوجية فقط، بل إن كثيرا من المطلقات يرين في طلاقهن مناسبة سعيدة يحتفين بها، بدعوى أن الحرية تستحق أكثر. وحينما كانت الحلوى تقدم لإعلان أساس للبنة الأولى في حياة الزوجية، أصبحت تقدم عند انهيار آخر لبنة من تلك البيوت، وأصبح من المألوف داخل أروقة المحاكم مشاهدة من يتبادل التهاني والتبريكات، ويقدمون بعض الورود والحلوى على الموظفين والمراجعين الذين يصادفونهم ابتهاجاً بحصولهم على حكم الطلاق. ويفسر بعض احتفال بعض السيدات بطلاقهن داخل المحاكم كنوع من كيد النساء، بينما اعتبره آخرون ردة فعل طبيعية للانفصال، وإرضاء للكبرياء المجروح، ونوعا من التنفيس الوقتي، وذهب آخرون إلى أن المطلقة تلجأ لهذا التصرف نكاية بالزوج المطلق، ودفع علامات الاستفهام نحوه، والإيحاء لمجتمعها ببراءتها من تهمة التسبب في انهيار بيت الزوجية، مصرة في الوقت نفسه على أن الطلاق لا ينقص من مكانة المرأة، وأنه انتصار لها موجب للفرح بأشكاله كافة. ويرى الباحث الشرعي بالمحكمة الشرعية بالمدينة المنورة عبدالعزيز السريحي أن ما يحدث من بعض النساء اللاتي يحتفين بطلاقهن في الأماكن العامة، والمحاكم الشرعية بتوزيع الورود والحلوى على المراجعين والموظفين نوع من كيد النساء، و"صيحة انتصار" ، حيث يلاحظ أن المتظاهر بالفرح والابتهاج يحرص على القيام بذلك أمام خصمه، مع أن الوقت معه أن يختار فرحته بعيداً عن الأماكن العامة، وفي مكان أنسب"، مشيرا إلى أن هذا الفعل مناف للمفارقة بالمعروف التي أُمر بها الزوجان. وأضاف "ولئن كان الطلاق مباحاً في الإسلام كحل نهائي لمعضلة مشاكل الأسرة المتجاوزة، فإن الإسلام يدفع أبناءه إلى أن يكون الطلاق "آخرَ العلاج "، وقد أقرته جميع الأديان باعتباره وسيلةً للتخلص من العلاقة بعد أن أصبحت عبئاً على جميع أطرافها"، مرجعاً انعدام الروح في الحياة الزوجية لضعف الوازع الديني والتلقي من الثقافات الأجنبية الأخرى. ويرى مشرف التدريب التربوي والمستشار بجمعية "أسرتي" بالمدينة المنورة إبراهيم الحربي أن تظاهر بعض المطلقات بالفرح نوع من العادات التي دخلت مؤخرا على مجتمعاتنا، ويقول "يجب أن نتعدى وصف هذا المشهد إلى ماهو أبعد من ذلك، إلى تشخيص واقع الأسر التي تعيش على خطوط ساخنة لا يتوقف عنها التوتر، وإلى ترشيد الأسرة لضوابط وقواعد السعادة في حال الصفاء والاجتماع، أو في حال الانفصال والطلاق". ويرى أن مثل هذه الأفعال تشير إلى ضعف تقدير لمكانة الحياة الزوجية مهما كان فيها من مرارات وعقبات، مشيرا إلى أن قداسة العلاقة الزوجية أكبر من أن تختم بحفل حلوى في أماكن عامة أو خاصة، لاسيما أن هناك متضررين آخرين من هذا الانفصال. وأكد الحربي أنه "لو افترضنا أن المرأة تعبّر عن شكرها وفرحها بالخلاص من حياة زوجية مليئة بالآلام، فإن للشكر والتعبير عن الفرح مظاهر وأشكالا أخرى أجمل وأذوق وأحفظ لمشاعر كل الأطراف، ومن يختمها بمعروف وصبر وضبط للنفس فهذا هو الربح الأكيد".