قالت منظمة التجارة العالمية إن "السياسات الاقتصادية الرصينة للسعودية ونظامها التجاري السليم مكَّنا المملكة مِن تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية العالمية بنجاح دون أن يدفعها ذلك للتراجع عن تحرير التجارة على الرغم مِن هبوط بعض المؤشرات الاقتصادية خاصة في مجال المشاريع الصغيرة المحلية في عام 2009". وأثنت المنظمة في ملاحظاتها الختامية حول أول مراجعة تجريها للسياسات التجارية للمملكة (جرت المراجعة في 26 و27 يناير، وصدرت الملاحظات أول من أمس) ، على السياسة التجارية للمملكة منذ انضمامها للمنظمة عام 2005 لغاية نهاية 2011، لكنها قالت إنَّ السعودية "تواجه تحديات قوية في كيفية الحفاظ على زخم الازدهار الاقتصادي" الذي حققته خلال السنوات الست الماضية. وأكَّدت المملكة في تقريرها أنَّ سياساتها الاقتصادية والتجارية تهدف إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي مِن 855.8 مليار ريال في عام 2010 إلى 1101.2 مليار ريال في عام 2014، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة السكان، ومكافحة التضخم عن طريق تحقيق استقرار الأسعار، والحفاظ على استقرار معدلات سعر صرف الريال، وتنويع مصادر ثروة الاقتصاد الوطني، وتنمية الموارد البشرية، وزيادة معدلات استخدام العمالة السعودية، وتعزيز الاندماج الاقتصادي مع الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي. وشجعت المنظمة المملكة على "مواصلة إصلاحاتها الهيكلية وإستراتيجيتها في التنمية"، التي وصفتها بأنها "ساهمت، جنباً إلى جنب مع ارتفاع إيرادات تصدير النفط، في الأداء الاقتصادي الإيجابي خلال الفترة قيد الاستعراض". وقالت المنظمة إنَّ السعودية "اتخذت خطوات كبيرة لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط والغاز، وأنجزت خطوات فعالة لضمان المساواة بين الأجيال في استغلال الموارد غير المتجددة مِن خلال تحسين التعليم والخدمات الصحية وتحديث بنيتها التحتية"، لكنها أشارت إلى أن التحدي الرئيس لعملية التنمية تتمثل في "كيفية تحقيق زيادة كبيرة في مشاركة القطاع الخاص (المحلي والأجنبي) في الاقتصاد، وكيفية حل مشاكل ضعف استيعاب اليد العاملة المحلية". ورحبت المنظمة لما أظهرته المملكة مِن "التزامات بناءة في النظام التجاري المتعدد الأطراف"، وشجعتها على تعزيز مشاركتها القيادية في نشاطات منظمة التجارة "بما يتناسب مع أهميتها المتنامية على الصعيد الإقليمي، والدولي، وليس آخراً كعضو في مجموعة العشرين، وما تتمتع به مِن نظام تجاري مفتوح يعتمد على التجارة" لتحقيق أهدافها في التنوع الاقتصادي. وقالت المنظمة إنَّ العديد مِن البيانات، والأسئلة، والإجابات، التي أثيرت خلال مناقشة السياسة التجارية للمملكة، سلَّطت الضوء على حقيقة "أنَّه ما زالت هناك داخل النظام التجاري السعودي وللسياسات ذات الصلة بالتجارة مجالات عديدة تنتظر تحقيق المزيد مِن التنظيم، والانسيابية، والتبسيط". وأشارت إلى أن تحقيق المزيد مِن التبسيط والتنظيم "سيساعد السعودية على تعزيز تجارتها الدولية وتحقق المزيد مِن المزايا". وأثنت المنظمة على سياسة المملكة في مجال الاستثمار، وقالت إن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السعودية لتحسين بيئة الاستثمار والأعمال كانت "إجراءات متقدمة"، لكنها طالبت "بتشجيع الشفافية في السياسات التجارية". وقالت: التجارة والاستثمار لا يحققان غاياتهما مِن دون شفافية كاملة". وحثت المنظمة السعودية إلى تعديل أنظمتها المتعلقة بالمشتريات الحكومية "لإزالة التفضيلات السعرية للمنتجات المحلية ومنتجات دول مجلس التعاون الخليجي". ودعت المملكة إلى الانضمام، في أقرب وقت ممكن إلى اتفاقية منظمة التجارة للمشتريات الحكومية (GPA). كما أثنت المنظمة على "الخطوات الفعالة التي اتخذتها السعودية لتحسين حماية الملكية الفكرية"، لكنها حثت على "تعزيز أنظمة إجراءات تنفيذ قوانين الملكية الفكرية"، وإيجاد المحاكم الخاصة لتنفيذ هذه القوانين. ورحبت المنظمة ببرامج المملكة لتشجيع الشركات الخاصة على الاستثمار في مشروعات زراعية في الخارج لأغراض الأمن الغذائي، ودعت الحكومة إلى استخدام هذه الاستثمارات كأساس لتعميق التعاون على أساس تبادل المنافع مع البلدان المُضيِّفة للاستثمار الزراعي. وفي مجال الطاقة، شجعت المنظمة السعودية "لمراجعة أسعارها المحلية لمنتجات الطاقة، في ضوء خططها الرامية إلى التحول إلى اقتصاد أكثر كفاءة في استخدام الطاقة". وما يتعلق بالخدمات، قالت المنظمة: على الرغم مِن التقدم في تحرير التجارة في الخدمات، "إلا أنه مازالت هناك قيود مفروضة على الملكية الأجنبية وحقها في الوصول إلى الأسواق في بعض المجالات، مثل وسائل الإعلام السمعية والبصرية، والنقل البري". وقالت المنظمة إنَّ الاختتام الناجح لأول مراجعة للسياسات التجارية للمملكة، والعدد الواسع للأسئلة والمداخلات التي طرحتها الدول الأعضاء، إنما هو مؤشِّرٌ واضح على الدور الهام الذي تلعبه السعودية في النظام التجاري متعدد الأطراف. وأضافت أنَّه في أعقاب الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وعدم الاستقرار الراهن في النظام الاقتصادي العالمي، فإن اتجاه السياسات التجارية والاقتصادية التي ستتخذها المملكة ستكون مهمة جداً لتطورها الاقتصادي المُقبل، وللاقتصاد العالمي ككل. وذكرت أنَّ المشاركة الفعالة والإيجابية للوفد السعودي برئاسة وزير التجارة والصناعة، الدكتور توفيق الربيعة، قدَّمت فهماً أفضل لتطور السياسات التجارية في المملكة مُنذُ انضمامها إلى منظمة التجارة عام 2005.