شفية العنزي رزقت بخمسة من الأبناء الذكور، وأربع من الفتيات أصغرهن في المرحلة الثانوية تقول: "في الزمن الماضي كان الأزواج يفضلون الكثرة في الإنجاب، نظرا لسهولة العيش، وبساطة الحياة من جميع الجوانب، فلم يكن في السابق ذلك الكم الهائل والإرهاق في التربية كما هو الآن". وتستطرد العنزي قائلة: "ابنتي الكبرى لديها الآن طفل وطفلة، ورغم ذلك دائما تشتكي من صعوبة تربيتهما، وقضاء متطلباتهما، وهما لا يزالا دون سن السابعة، ولم تكن هذه الحالة لدي في السابق نظرا لسهولة الحياة. وهكذا اختلفت الحياة عما كانت عليه في السابق، وتغير الكثير من الاعتقادات، ومن ذلك اعتبار كثرة الإنجاب سندا في الحياة وعزوة للأهل، .. كثير من السيدات يفضلن تنظيم الإنجاب، وعدم الكثرة، نظرا للتغيرات العصرية، ولصعوبة التربية، فضلا عن المشاكل الصحية التي تتعرض لها السيدات بسبب تكرار الإنجاب وكثرته، وفي الوقت الذي يفضل فيه بعض الأزواج كثرة الأبناء، تعتبر بعض الزوجات كثرة الإنجاب أمرا خارجا عن العقلانية، خاصة في ظل ظروف وصعوبة غلاء المعيشة، التي قد تقف حاجزا أمام الرضوخ لطلب الزوج، وتحقيق رغبته في إنجاب المزيد من الأطفال. وتشارك "شقية" الرأي أم سلمان (ثلاثينية) حيث تقول "بالنسبة للزوجة لا أعتقد أنها تفضل كثرة الإنجاب، لأن ذلك قد يؤثر عليها صحيا، ويضعف من مقاومة جسدها للأمراض، خاصة في ظل الإيقاع السريع للحياة، الذي أثر على تناول الغذاء الصحي للمرأة الحامل، وبات العديد من السيدات يهملن هذا الجانب الذي يؤمن الحياة السليمة للأم والطفل". وترى أن الإشكالية تكمن في التضارب في الآراء بين الزوج والزوجة، وعدم الاتفاق على فكرة الكثرة في الإنجاب، أو تنظيم النسل، الذي قد يجعل الزوج منجرفا وراء العادات والتقاليد البالية، كالسعي مثلا لإنجاب صبي، أو أن تدفع الزوجة ثمن عقلانيتها في تنظيم النسل بجائزة يحملها لها زوجها على طبق معتم، وهي الضرة الولود. حمود الحبلاني متزوج ولديه أربعة من الأبناء، أكبرهم ابن تسع سنوات، وأصغرهم ابن سنة يقول: "كثرة الإنجاب مرهقة للطرفين سواء للرجل أو للمرأة، وكذلك للمجتمع، فقد يفقد الأب السيطرة في تربية الأبناء وتوجيههم نظرا لكثرتهم". ويقول: "أذكر صديقا لي في مجال عملي يشتكي دائما من عدم سيطرته على أبنائه، الذين يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، ومن الطريف ما يذكره لنا أنه يخطئ أحيانا في أسمائهم". وللرشاقة والمحافظة على لياقة الجسم دورها في عدم رغبة السيدات في كثرة الإنجاب، حيث تقول خلود الساير (معلمة): "أنا ضد فكرة كثرة الإنجاب، وغير مقتنعة بأن أنجب أكثر من أربعة"، وتؤيد فكرة التنظيم، والتباعد بين فترات الحمل، حيث تقول: "قلة الإنجاب أو التنظيم يساعد المرأة مستقبلا على المحافظة على رشاقتها، وبالتالي لا تعرض نفسها إلى خطر الضرة، وتستطيع المحافظة على نضارة بشرتها، والاهتمام بزوجها، وهذا الحال قد يختلف تماما، بل ويتراجع في حال أكثرت السيدة من الإنجاب". من جانبها أكدت أخصائية النساء والولادة بمستشفى الفيصل الدكتورة هدى البشير على أن "تكرار الحمل ولفترات متقاربة وكثرة الإنجاب غير المنظم يؤثر على صحة الأم والجنين. وأضافت أن تقارب فترات الحمل يرهق المرأة، ويعرضها للكثير من المشاكل الصحية، ومنها فقر الدم نتيجة تغذية الجنين في رحم الأم، وتفقد السيدة الحامل مخزونها من الحديد، كذلك أثناء عملية الولادة، حيث تكون المرأة معرضة لنقص الدم، ومن الأمور الهامة التي يجب النظر إليها نقص الكالسيوم، وهشاشة العظام التي قد تنجم من الحمل المتكرر، ولفترات قصيرة، كما أن تكرار الحمل قد يؤدي إلى تغير وضع الجنين في الرحم نتيجة لارتخاء العضلات، ومن الأوضاع الخطيرة التي تتعرض لها الأم الوضع المستعرض للجنين، والوضع المقعدي، الذي قد يؤدي في النهاية إلى لجوء الطبيب إلى العملية القيصرية إنقاذا لحياة الأم والجنين". وأكدت البشير أن المشاكل الصحية والنفسية التي يتسبب فيها تكرار الحمل، وكثرة الإنجاب كثيرة، منها تمزق الرحم، والسكر، وارتفاع ضغط الدم، وكلها تؤدي إلى مضاعفات سلبية على الأم والجنين.