أكد وزير النقل رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية الدكتور جبارة بن عيد الصريصري أن جميع الإجراءات المتخذة في مشروع قطار الحرمين السريع ارتكزت على قواعد الشفافية والعدالة المتعارف عليها دوليا في مثل هذه المشاريع والحرص على التصميم والتنفيذ وفق أعلى المواصفات والمقاييس وبالمستوى الذي يحقق تطلعات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسعيهما المتواصل لخدمة الحرمين الشريفين. ويتكون مشروع قطار الحرمين السريع الذي تم توقيع عقد المرحلة الثانية منه مؤخرا، من خمسة وثلاثين قطارا وثلاثمئة وخمسة وثمانين عربة، فيما يعد أحد أكبر مشاريع النقل بالسكك الحديدية السريعة على مستوى المنطقة والعالم، ويعتمد في تنفيذه على تقنية متطورة وتأهيل عال وخبرات كبيرة في مجال البناء والتشييد كما هو الحال في عدد من دول العالم خاصة في أوروبا والصين والولايات المتحدة واليابان، ويتطلب دقة عالية واستثمارات ضخمة وهو ما جعل معظم بلدان العالم تلجأ لأسلوب الاستثمار الحكومي المباشر من ميزانياتها أو من خلال التعاون الإقليمي كما هو الحال في دول الاتحاد الأوروبي، وهذا هو الطابع السائد في بناء مشاريع القطارات السريعة التي تعمل بواسطة الكهرباء حيث إن تكلفة بناء واستخدام هذه القطارات تعادل ما يزيد على ضعفي تكلفة القطارات التقليدية. وأوضح الصريصري في بيان أمس أنه لضمان الوصول إلى أفضل العروض المالية والفنية لتنفيذ المشروع قامت وزارة النقل ممثلة في اللجنة المشرفة للمشروع بطرحه في منافسة عامة على مستوى دولي شاملة جميع الشركات المتخصصة في القطارات السريعة وقد تولت لجنة على مستوى عال من الوزارة والمؤسسة العامة للخطوط الحديدية، وصندوق الاستثمارات العامة وبيوت خبرة دولية متخصصة تقييم ودراسة العروض وفق منهجية ومعايير دولية تضمن الشفافية في التقييم والمقارنة. وأشار إلى أنه قد تم النظر بالعروض في ضوء معطيات العرض الفني لكل ائتلاف المكون من مجموعة من الشركات المتخصصة في تصنيع وتشغيل القطارات السريعة والتأكد من استيفائها لجميع الشروط والمتطلبات، وبناء على نتائج العروض الفنية وبنفس الأسلوب السابق تمت دراسة وتحليل العروض المالية للائتلافات التي اجتازت العرض الفني واختيار أفضلها، حيث كان الائتلاف الفائز أقل الأسعار. وقال إنه بمقارنة سريعة بتكاليف تنفيذ مشاريع مماثلة في عدد من الدول يوضح ما أشرنا إليه من حقائق، فعلى سبيل المثال بلغت تكاليف تنفيذ مشروع ربط باريس ببروكسل بخط حديدي بطول 88 كلم بدأ تشغيله في عام 1997 نحو 1.5 مليار يورو أي ما يعادل 6 مليارات ريال وذلك في أسعار ذلك العام، كما بلغت تكاليف إنشاء 200 كلم للقطار السريع في بلجيكا الذي يقل طول مساره عن نصف مسار قطار الحرمين الشريفين والذي تم تشغيله على مراحل ابتداء من عام 1997 نحو 5.5 مليارات يورو أي ما يعادل 22 مليار ريال في أسعار ذلك العام، وهو ما يعني أن تكلفة الكيلو متر الواحد في مثل هذه المشاريع آنذاك تصل إلى 70 مليون ريال، ناهيك عن الاختلاف الكبير والواضح في التضاريس والطبيعة الجغرافية والظروف المصاحبة لذلك بين تلك الدول والمملكة ومعلوم أنه لو نفذت هذه المشاريع هذا العام لكانت تكاليفها أكبر بفعل عامل التضخم. وأضاف أن أعمال مشروع قطار الحرمين السريع تعد الأصعب والأدق مقارنة بالمشاريع السابقة حيث إنها تشمل تنفيذ الخط الحديدي وتصنيع وتشغيل المعدات وأنظمة الاتصالات والإشارات وكهربة الخط وتوريد أسطول النقل وتشغيل وصيانة المشروع لمدة 12 سنة وإنشاء مركز تدريب متخصص بهدف توظيف السعوديين وتوطين هذه الصناعة. إضافة إلى طول الخط الحديدي البالغ 450 كم وكثافة التشغيل ومناخ المملكة وتدفق حركة القطارات خصوصا في مواسم الحج والعمرة مما يتطلب وضع مواصفات فنية عالية الجودة تضمن سلامة التشغيل وسرعة التنفيذ. وأبان الصريصري أن المشروع حظي منذ بداية انطلاقته بمتابعة وتغطية إعلامية واسعة، كما شهد حضورا قويا في العديد من المؤتمرات والفعاليات الاقتصادية والصناعية والمعارض المتخصصة التي تنظم داخل وخارج المملكة، وكان موضع إكبار وتقدير من الجميع لخطط الحكومة الرامية إلى إدخال هذا النمط المتطور من وسائل النقل في تيسير تنقل المواطنين والحجاج والزائرين بين المدينتين المقدستين اللتين تشهدان أضخم وأقدس تجمع بشري من نوعه على مستوى العالم، وإشادة بالشفافية والعدالة التي اتبعت في جميع مراحل هذا المشروع.