تنتشر جرائم العنف والاشتباكات بين متشددين مسلحين في ليبيا بعد أن تراجعت الاحتفالات بإسقاط الزعيم الراحل معمر القذافي العام الماضي ليحل محلها الواقع بكل قسوته إذ يحتاج الليبيون الآن إلى التركيز على بناء دولتهم الجديدة. وعلى الرغم من أن إطلاق النيران يتكرر بمعدلات أقل من معدلات إطلاقها احتفالا في الأسابيع التي تلت مقتل القذافي في أكتوبر، فإن أصوات الأعيرة ما زالت تسمع في ليل طرابلس حيث يقول عاملون في قطاع الأمن إن السرقات والاشتباكات وجرائم القتل في تصاعد. وفي الأسبوع الماضي أفادت تقارير بوقوع هجومين بقنابل في وسط طرابلس ويتكرر تبادل إطلاق النيران بشكل شبه يومي. وقال دبلوماسي غربي في العاصمة الليبية "بدأت البلاد تفوق من نشوة الانتصار. لا تتكرر الاشتباكات بين الميليشيات المتناحرة وحسب بل ونرى كمًا أكبر من التقارير عن جرائم في العاصمة، وأعتقد أن هذا بسبب إحباط الناس لأن وتيرة التقدم في البلاد أبطأ مما كانوا يأملون". وحظي المجلس الوطني الانتقالي الذي يدير ليبيا والمعترف به دوليا بالإشادة لأنه نجح في تشغيل كثير من الوزارات ووضع مسودة قانون للانتخابات يمنع قيادات المجلس من خوض الانتخابات التي تجرى في يونيو المقبل. لكن كثيرا من الليبيين كانوا يعتقدون أن إيقاع التقدم سيكون أسرع ويرون أن وزارتي الدفاع والداخلية فشلتا في دمج الميليشيات المتباينة المسلحة بكل أنواع السلاح بدءا بالمسدسات وانتهاء بالدبابات في قوات الجيش والشرطة. وفقدت الحكومة السيطرة على معقل سابق للقذافي الثلاثاء الماضي بعد أن قاد سكان انتفاضة مسلحة وهو ما يمثل أخطر تحد حتى الآن لسلطة المجلس الوطني. وستزيد الانتفاضة في بني وليد من شكوك الغرب في قدرة حكومة المجلس على فرض القانون والنظام وهما ضروريان لاستعادة صادرات النفط ونزع سلاح الميليشيات القبلية وحماية الحدود الليبية في منطقة ينشط فيها تنظيم القاعدة. ولعل من أوضح الأمثلة على هذا الشعور بالفوضى ونفوذ القذافي العالق حتى وهو ميت تلك الاشتباكات التي اندلعت في الآونة الأخيرة بين بلدتي الأصابعة وغريان المتجاورتين على بعد 80 كيلومترا تقريبا جنوبطرابلس. وعلى الرغم من تضارب الروايات يقول سكان من البلدتين اللتين تقعان على حافة الجبل الغربي إن اشتباكا بالأسلحة البيضاء وقع في سوق أسبوعية على طريق يربط بينهما. وخلال القتال الاخير أقسم المجلس العسكري لغريان بأنه يقاتل بقايا القوات الموالية للقذافي التي مازالت مختبئة في الأصابعة. ولكن في الأصابعة حكاية أخرى تحكى وتقول إن سكانا لا علاقة لهم بالقتال خطفهم مقاتلون من غريان وعذبوهم وإن أحدهم توفي من جراء التعذيب.