شهدت الدورة الثانية والثلاثون للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، في اجتماعها بالرياض الاثنين الماضي، حدثا استثنائيا بإعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان خليجي واحد، والذي يعد من أبرز القرارات التي اتخذتها قمم مجلس التعاون منذ قيامه قبل أكثر من ثلاثة عقود. وكان قادة دول المجلس رحبوا باقتراح الملك عبدالله، في خطابه الافتتاحي للدورة. وبعد تبادل الآراء في المقترح، وجه القادة المجلس الوزاري بتشكيل هيئة متخصصة يتم اختيارها من قبل الدول الأعضاء بواقع ثلاثة أعضاء لكل دولة، يوكل إليها دراسة المقترحات من كل جوانبها في ضوء الآراء التي تم تبادلها بين القادة، وتكون اجتماعات الهيئة في مقر الأمانة العامة، ويتم توفير كل ما تتطلبه من إمكانات إدارية وفنية ومالية من قبل الأمانة العامة. وحقق مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال مسيرته العديد من الإنجازات، إضافة إلى التنسيق والتعاون والتكامل في المجالات كافة، وسط تطلعات وآمال مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتحقيق المزيد من الإنجازات في المجالات كافة. ومن أبرز مسارات العمل الخليجي المشترك، تأتي الاتفاقية الاقتصادية لعام2001 ، والتي نصت ديباجتها على أن الهدف هو تحقيق مراحل متقدمة من التكامل الاقتصادي بين دول المجلس من خلال وضع برنامج للعمل الاقتصادي المشترك في مرحلته الجديدة في إطار زمني محدد، وانسجاماً مع متطلبات المرحلة الجديدة من العمل المشترك. ولم يقتصر التكامل والاندماج بين دول المجلس على الجوانب الاقتصادية فهناك قرارات عديدة مهمة في مجالات أخرى أسهمت، بشكل أو آخر، في الدفع نحو المرحلة الجديدة في مسيرة مجلس التعاون، منها على سبيل المثال إقرار المجلس الأعلى في شهر ديسمبر 1994م مشروع الاتفاقية الأمنية لدول المجلس، كذلك إقراره لاتفاقية الدفاع المشترك بين دول المجلس في ديسمبر 2000 ، واتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الإرهاب في عام 2003 ، والتي تمثل خطوة جماعية مهمة من دول المجلس لمواجهة الإرهاب. كذلك ما تحقق مؤخراً مثل تدشين مشروع الربط الكهربائي في ديسمبر 2009م , وتأسيس هيئة التقييس وإنشاء الأمانة الفنية لمكافحة الإغراق وغير ذلك. وفي مجال التعليم والتعاون العلمي هناك الخطة المشتركة لتطوير التعليم, ومشروع استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية في دول المجلس. أما التعاون في مجال الموارد البشرية فتحقق بعض أهم الإنجازات والتي منها المساواة في مجال العمل في القطاعين الحكومي والأهلي, والمساواة في التقاعد والتأمين الاجتماعي, ومد الحماية التأمينية لمواطني دول المجلس العاملين في الدول الأعضاء الأخرى. كما شاركت دول المجلس، ممثلة بالأمين العام، في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991م. وتتمسك دول المجلس بمبادرة السلام العربية، التي أقرها مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002 . وأكدت قمة الرياض، التي عقدت في مارس 2007 ، على تمسك جميع الدول بالمبادرة وتفعيلها كأساس لأي تحرك يهدف إلى تحقيق السلام العادل والشامل في إطار الشرعية الدولية، انطلاقاً من القناعة بأن السلام خيار إستراتيجي للأمة العربية. كما رحبت دول المجلس بخطة"خارطة الطريق"، التي تنص على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والتوصل إلى إقامة دولة فلسطينية، وتنفيذ الالتزامات التي بنيت على أساس مؤتمر مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وقرارات الشرعية الدولية. كما ساندت دول مجلس التعاون جهود اللجنة الرباعية الدولية راعية عملية السلام، والمجتمع الدولي لتنفيذ خطة خارطة الطريق، بالتوافق مع أسس مبادرة السلام العربية. وفي الشأن الصومالي أولى مجلس التعاون اهتماماً كبيراً بالوضع في الصومال، حيث عبر عن أسفه لاستمرار الصراع ومسلسل الأزمات والعنف الدائر هناك. وفيما يتصل بعلاقات اليمن مع مجلس التعاون، أعرب المجلس عن مشاركة الجمهورية اليمنية في توثيق عرى التعاون والتنسيق الأخوي في إطار العمل الجماعي لمجلس التعاون، تقديراً منه للدور المهم الذي تضطلع به الجمهورية اليمنية والمسؤوليات التي تتعامل معها في إطار أمن واستقرار ونمو الجزيرة العربية، حيث أقرت قمة مسقط لعام 2001 قبول اليمن في عضوية أربع مؤسسات. المغرب يرحب بقرار الشراكة الرباط: واس أشادت الحكومة المغربية بمستوى العلاقات المتجذرة التي تربطها بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ورحبت في هذا الإطار بقرار المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي في دورته الثانية والثلاثين التي عقدت في الرياض إنشاء صندوق خليجي للتنمية يبدأ بتقديم الدعم للمشاريع التنموية في المغرب والأردن بمبلغ مليارين ونصف مليار دولار لكل دولة منهما. وقال بيان للخارجية المغربية في تعليق على الحدث: إن المملكة المغربية تلقت باهتمام كبير وتقدير عميق قرار قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الصادر عن الدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى التي احتضنتها مدينة الرياض يومي 19 و20 ديسمبر الجاري بشأن إرساء شراكة متقدمة بين المغرب ومجلس التعاون الخليجي. وذكر أن المغرب يرى في إقرار القمة تشكيل عدد من اللجان المتخصصة في هذا الشأن الآلية الكفيلة بإرساء شراكة نموذجية وتكاملية بين المملكة المغربية ومجلس التعاون الخليجي.