يترقب عايش بن عبدالعزيز الحبيشي، مزارع من سكان مدينة العيص التابعة للمدينة المنورة، طلوع "نجم سهيل"، أو "نجم السبع" في السماء، وهما مؤشران يعرف بهما كبار السن قرب هطول الأمطار الموسمية سنوياً، حيث يشكل جريانها في الأودية والشعاب عنصرا أساسيا في نمو محصوله، وزيادة إنتاج "الروضة" التي يمتلكها في قرية الشبحة (40 كلم جنوب العيص) وهي أرض فضاء صالحة للزراعة، يزرع فيها أجود أنواع القمح، وهو ما يسمى ب "الزرعية". ويعتبر الحبيشي (80 عاماً) متخصصا في الزراعة، فهو يزرع القمح بعد هطول الأمطار التي تساعد على ازدهار زراعته، خاصة بين نهاية الصيف وبداية الشتاء. وهو إضافة إلى ذلك خبير في مراقبة الأحوال الجوية على مدار العام، ويعرف متى تنزل الأمطار، ومتى تشح، ويمارس عمله في الدكان الذي يملكه، والذي يقع وسط العيص، ويبيع من خلاله القمح منذ عقود، ويستخدم في ذلك "المد النبوي" ويعني به "المكيال" تأسيا بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يستخدم مثله. يقول الحبيشي ل"الوطن": "ورثت مهنة زراعة القمح من والدي وجدي، وأعتمد في الزراعة على نزول الأمطار الموسمية، وأظل في حالة ترقب على مدار العام، في انتظار الغيث، وقبل موعده أزرع الأرض بحبوب القمح الدقيق الأصلي المعروف لدى الجميع بفوائده الصحية، ويقبل المواطنون عليه أيام الشتاء لدوره في إمداد الجسم بالدفء". وأضاف أن "قمح "الزرعية" على نوعين، الأول الزرعية الحمراء ذات الفوائد الصحية، خاصة عند تناولها قبل العمل الشاق، والبرودة القارسة، وكان كبار السن قديما يطبخونها على شكل قرصان وفطير، نظراً لكثرة تنقلهم المستمر بحثاً عن مواقع هطول الأمطار، وأماكن تواجد الأعشاب والكلأ لمواشيهم، فلا يشعرون بالجوع لعدة أيام، أما النوع الآخر فيعرف ب"البيضاء"، ويتميز بفوائد صحية قيمة، ويكون خفيفا على البطن، ويمكن إضافة السمن والعسل إليه بكميات قليلة. وأشار إلى أن ندرة الأمطار خلال السنوات الماضية أدت إلى ضعف الإنتاج ب"الروضة"، مما يضطرره إلى شراء كميات كبيرة من الحبوب المستوردة لتوفير طلبات الزبائن الذين يصرون على شراء قمح الزرعية. وحول كيفية زراعة القمح قال الحبيشي "نقوم بتجهيز التربة وتنظيفها، وننشر الحبوب على كامل الأرض، ثم نحرثها بواسطة الحراثة، فتخلط الحبوب داخل مكونات التربة" مشيرا إلى أن الأرض تكون صالحة للزراعة بدون استخدام مواد كيميائية التي يكثر استخدامها الآن، مؤكدا أن القمح المستورد يحتوي على مواد ضارة بصحة الإنسان. وأضاف أنه بعد أن ينمو المحصول، يقوم بعملية الحصاد، وتعبئته في أكياس، ينقلها إلى دكانه، ثم يطحنها بالمطحنة الكهربائية، لتكون جاهزة للبيع. ويدعو الحبيشي أن يغيث الله البلاد والعباد بنزول الأمطار التي تتسبب في جريان الأودية والشعاب على روضته، ويعود لممارسة عمله في الانتظار، ممنيا نفسه بالغيث، والرزق الوفير.