لم تتوقع أم الطالبة روان أن تجد ابنتها تأكل ما انتهت صلاحيته ولم يعد صالحا للاستخدام الآدمي، وفتشت في المطبخ ومستودع منزلها علها تجد ما يماثله، ولكنها وجدته في حقيبة ابنتها التي قالت لها بكل براءة "اشتريته من امرأة تبيع عدة أنواع من الحلويات عند باب المدرسة". ولم تكن مفاجأة أبو محمد بأقل منها بعد أن وجد "شمة" مع ابنه طالب المتوسطة الذي أكد هو الآخر أن مصدرها مفرشة البائعة عند مخرج الطلاب. ورغم التحذيرات التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم مؤخراً عما يشكله الباعة المفترشون من خطورة بلغت ترويج المخدرات والدجل والشعوذة وتسويق المواد الإعلامية الممنوعة، إلا أن البائعات يتسابقن لحجز أماكنهن بجوار أبواب خروج الطلاب والطالبات أو تأجير تلك المواقع لغيرهن. ووجه عدد من أولياء الأمور نداءاتهم إلى الجهات ذات العلاقة بسرعة التجاوب مع مطالبهم بمنع تواجد تلك البائعات بعد تخلي الجهات الأمنية والخدمية عن مسؤوليتها تجاه البائعات والبائعين الجائلين. تقاذف المسؤولية ويتفق أولياء الأمور محمد المرواني، ناصر الحبيشي وتركي الشريف على انتشار هؤلاء البائعين والبائعات منذ عامين تقريبا وتقدموا بعدد من البلاغات عن طريق غرف العمليات في أمانة المدينة والشرطة والجوازات إلا أن بلاغاتهم عادة ما تنتهي بإرسال فرق دون مباشرتها. وذكروا خلال حديثهم إلى "الوطن" أنه مع انطلاقة العام الدراسي شوهدت عودة هؤلاء الباعة الجائلين وتم إبلاغ عمليات الشرطة والجوازات بذلك إلا أنهم تخلوا عنها وحملوا مسؤوليتها للأمانة في حين رفضت فرق الأمانة المباشرة بحجة أن البائعات الجائلات من المخالفات لنظام الإقامة والعمل. وأشار المرواني إلى أن "معظم المواد الغذائية والمشروبات التي يقدمها هؤلاء الباعة غير صالحة للاستخدام الآدمي وأن معظمها منتهية صلاحيتها"، وقال الحبشي "عادة ما يتعرض الطلاب والطالبات للتسمم بسبب تناولهم ما يبيعه هولاء الباعة لهم عند انصرافهم من مدارسهم". خارج الأسوار وفقاً لما أكده ل"الوطن" أحد القيادات التربوية بتعليم المدينةالمنورة -رفض الإفصاح عن اسمه- أن تعليمات الوزارة واضحة وصريحة وتمنع دخول مثل هؤلاء الباعة إلى المدارس وقال "إنه سبق أن تم التعميم لعموم مديري ومديرات المدارس بهذا الخصوص". وذكر أن ما يقدم لطلاب مدارس المنطقة من خلال المقصف المدرسي يعتبر وفق التعليمات والشروط الواردة من الوزارة بخصوص الأغذية الصحية وتخضع لإشراف مباشر من قبل إدارة الصحة المدرسية. مشيراً إلى أن المشكلة تقع خارج أسوار المدارس حيث ينتشر الباعة الجائلون الذين عادة ما يكونون من العنصر النسائي. عمالة مخالفة في حين أكد عدد من المعلمين والمعلمات أن تواجد مثل هؤلاء البائعات يشكل خطرا على صحة وسلامة الطلاب والطالبات، مشيرين إلى أن معظم هؤلاء الباعة الجائلين من العمالة المخالفة لنظام الإقامة والعمل. وكانت وزارة التربية والتعليم قد حذرت جميع مدارس البنين والبنات، من بائعات يفترشن بجوار مباني هذه المدارس ويروجن للمخدرات، إضافة إلى رصدها سلوكيات غير مشروعة كالدجل والشعوذة وتسويق المواد الإعلامية الممنوعة. وقالت الوزارة في تعميم موجّهٍ لجميع المدارس الحكومية والأهلية مع بداية انطلاقة العام الدراسي إن بعض الجهات المختصة رصدت سلبيات عدة على خلفية ظاهرة افتراش بعض السيدات بجوار المدارس، وبيعهن موادَّ غذائية ملوثة ومنتهية الصلاحية. وأشار التعميم إلى أن بعض إمارات المناطق بدأت في تنبيه الأمانات والبلديات لهذه الملاحظات واتخاذ إجراءات حازمة حيالها، ومعالجتها من خلال سرعة الإبلاغ عن مثل هذه السلوكيات للجهات المختصة، خصوصاً لدى الإدارة العامة للتراخيص والرقابة التجارية. وشدّد التعميم على ضرورة إبلاغ إدارة الصحة المدرسية بصورة من هذه البلاغات لمعالجتها وفق الأنظمة المتبعة في هذا الشأن، إضافة إلى دعم جهود الجولات الميدانية التي تنفذها أمانات المناطق من أجل مكافحة هذه الظاهرة موضحا أنه يتعين على مديري المدارس الإبلاغ الفوري، في حال ملاحظة باعة جائلين أو سيدات يفترشن أرصفة المدارس، للحد من خطورتها على الطلاب والطالبات. ومن خلال الجولة الميدانية التي قامت بها "الوطن" على عدد من المدارس، اتضح أن أغلب البائعات من الأفريقيات ومن كبيرات السن ويسعين لبيع مواد ممنوعة ك"الشمة والدخان في بعض المواقع، في حين يبيع بعضهن مواد غذائية فاسدة أو منتهية الصلاحية". مهام الجوازات إلى ذلك، أوضح الناطق الإعلامي بأمانة منطقة المدينةالمنورة المهندس عايد البليهشي أن البائعات والبائعين الجائلين غير السعوديين خارج اختصاص ومسؤوليات الأمانة ويعتبر من مسؤوليات جوازات المنطقة، وقال "عملت الأمانة خلال الفترة الماضية تحريا عن هؤلاء الباعة الجائلين واتضح أنهم غير سعوديين ومن مجهولي الهوية".