أثارت عبارة "عنف شرعي وعنف غير شرعي" التي وردت في إحدى أوراق العمل في ندوة "آلية التعامل مع حالات العنف والإيذاء ضد الأطفال في المنشآت الصحية" أمس جدلاً واسعاً بين الحاضرين وتساءل أحد الحضور عما إذا كان هناك نوعان من العنف أحدهما شرعي وآخر غير شرعي. وأورد استشاري طب الأطفال والأمراض المعدية وعضو فريق الحماية بالمديرية العامة للشؤون الصحية الدكتور عبدالله الجذيلي في ورقته بعنوان "آلية التعامل مع العنف ضد الأطفال في القطاع الصحي" في الندوة التي نظمتها الشؤون الصحي بالرياض أول من أمس تعريفاً بأن العنف هو كل استخدام للقوة بطريقة غير شرعية من شخص بالغ في الأسرة ضد أفراد آخرين منها "ورد الحاضرون بأن هذا التعريف يتيح للآباء ممارسة العنف بحجة أنه عنف شرعي، فأجاب الدكتور الجذيلي أن القوة المقصودة في التعريف هي القوة الخارجة عن النظام والشرعية. ومع عدم اقتناع الحضور مطالبين بتغيير التعريف أجاب الجذيلي بأن هذا التعريف دولي ولا يمكن تغييره. وتساءل عدد من الأطباء عن إذا ما كان العلاج الشعبي بالكي يعتبر عنفا يمارس ضد الأطفال وذلك في الحالات التي تتضرر من الكي وتصل لحالات حرجة تستدعي العلاج الطبي هل يتم الإبلاغ عنها كحالة عنف، أجاب رئيس فريق الحماية من العنف والإيذاء بصحة الرياض واستشاري الطب الشرعي الدكتور سعيد الغامدي أنه كثيرا ما تأتي حالات تصل لمرحلة خطيرة بسبب الكي والاعتقاد بأنه علاج وتحتاج لتوعية مكثفة للوقاية من ذلك, أما اعتباره أحد أنواع العنف الذي يمارس ضد الأطفال فذلك يعتمد على الحالة والوضع الصحي لها. وأكد الجذيلي في ورقته على إلزامية التبليغ عن حالات العنف التي ترد إلى المستشفى حتى لو كان بالشك، وأشار إلى قرب صدور نظام عقوبات خاص بالأطباء الذين لا يبلغون عن حالات العنف، مبيناً أن بعض الآباء يعتقدون أن أبناءهم ملكية شخصية لهم ويحق لهم إذاؤهم وللأسف إذا أحضر الزوج أو الأب أو الأخ المرأة أو الطفل المصابين للمستشفى يقول إنه حادث فيصدق فورا ولا يشكك في كلامه. وأضاف أن حالات العف التي سجلت أخيراً تشير إلى تعرض 79% من الإناث للعنف بينما الذكور 21%، 87% سعوديا، 13% غير سعوديين، فيما يحتل الزوج المرتبة الأولى في ممارسة العنف بنسبة 53% والخادمات 10% والأب 13%. وأضاف أن أغلب حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال تكون من السائقين، كما أن المجتمع السعودي يمر بتغيرات كثيرة تقود للعنف أبرزها تزايد حالات الطلاق المستمرة، وكثرة الأبناء مع ازدياد الفقر. من جهته، طالب الأكاديمي بكلية الملك فهد الأمنية وعضو لجنة الحماية الأسرية في الرياض العقيد الدكتور عبدالحكيم الحربي بإيجاد مظلة تعمل تحتها جميع الجهات المعنية بالعنف الأسري لمنع الازدواجية في العمل والوصول إلى نتائج وإحصاءات صحيحة يمكن من خلالها معرفة الوضع الحقيقي لحالات العنف. وأكد الباحث في مركز أبحاث مكافحة الجريمة الدكتور محمد صقر في ورقته "الإعلام والعنف ضد الأطفال" وجود عنف ضد الأطفال وقال: إن الإيذاء بكافة أشكاله ضد الأطفال يحدث بصورة دائمة بنسبة 21% وأحيانا 24% على نصف العينة. وبين أن دراسة عن الظاهرة في المجتمع السعودي أجريت على عينة من الذكور في مناطق الرياضومكةوالدمام أشارت إلى أن الإيذاء النفسي هو الأكثر بنسبة 33%، يليه الإيذاء البدني 25%، والإهمال بنسبة 23%. وبينت دراسة أخرى عن ظاهرة إيذاء الأطفال في المجتمع أن الرياض هي المرتبة الأولى في إيذاء الأطفال تليها جدة ثم مكةالمكرمة وبعدها الطائف، ثم الدمام، فيما تتراوح أعمار الأطفال الذين تعرضوا للإيذاء من قبل الآباء من 7 إلى 12 سنة، وألقى باللوم على الإعلام في جعل المشاهد يعتاد على مظاهر العنف. وردا على سؤال "الوطن" حول اكتشاف حالات العنف النفسي التي لا تبدو ظاهرة مثل حالات العنف الجسدي وآلية التعامل معها، قال الدكتور ماجد العيسى من برنامج الأمان الأسري الوطني أن حالات العنف النفسي هي الأكثر انتشارا ولكنها لا تكتشف إلا في وضع متأخر. وأشار إلى أن هناك حالات لا تصل للقطاع الصحي إلا بعد أن تظهر عليها مشكلات سلوكية تقودها إلى الانتحار أو التسبب في جريمة، ولا يصل منها إلا النذر اليسير، مما يصعب معها حصر الحالات.