جاءت جائزة مكة للتميز وفق رؤية حكيمة لأمير منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل للوصول إلى العالم الأول، فهي جائزة خصصت لتشجيع الإبداع والمبدعين، وتحفيز ودعم الجهود المخلصة وإبرازها، وتأصيل المبادئ الإسلامية في إتقان العمل وجودته، والبعد عن الفوضوية والعشوائية في الأداء. كما سعت لإظهار الإبداعات الحضارية في كافة المجالات الحياتية: الإدارية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والبيئية والعملية والتقنية وغيرها، وقبل هذا كله لخدمات الحج والعمرة، نظراً لأهمية مجالهما في خدمة الإسلام والمسلمين، الذين يفدون كل عام إلى الأماكن المقدسة لأداء الحج والعمرة. وتستند هذه الجائزة على الأسلوب العلمي في تقييم الأداء، وتأتي ترشيحاتها وفق معايير دقيقة تتطلب توفر عنصري الابتكار والأصالة، للوصول إلى الهدف الأسمى، وهو تطوير المجتمع وخدمة الوطن والارتقاء به إلى مصاف الأمم المتقدمة وتحقيق توجيهات ورؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في بناء وطن يشع بالإنجازات الحضارية التي تحقق رسالة الإسلام السامية، ومبادئه وقيمه وأخلاقه، وتستند إلى شرائعه وأحكامه. وقد ساعدت هذه الجائزة - بحمد الله تعالى ومنذ العام الماضي - على إذكاء روح التنافس بين الأفراد والمؤسسات لتحقيق منجزات إبداعية متنوعة، كان لها أكبر الأثر في النهوض والارتقاء بالمجتمع. وها هو التاريخ يسطر يوماً آخر من أيام الطوافة المجيدة، هو الثلاثاء 18 جمادي الآخرة 1431 حيث جاء تتويج مؤسسة جنوب آسيا بجائزة مكة للتميز عن خدمات الحج والعمرة، كأفضل مؤسسة مقدمة للخدمة في موسم حج عام 1430ه ولحفاظها على الاستثمار لمردودات المؤسسة لخدمة مستحقيها، وتقديمها الخدمة لأكثر من 443 ألف حاج يمثلون 27% من نسبة القادمين لأداء فريضة الحج، إضافة إلى خدمتها لعدد 15 دولة وبعثة حج، وتميزها بالكفاءة في عملية التصعيد من وإلى المشاعر وريادتها للاستثمار وبناء المؤسسة للمقر الرئيس لها. تلك إبداعات خدمية تراكمية تكونت عبر سنوات من الجد والعطاء والعمل الدؤوب، فهذه المؤسسة اعتادت على الوثوب إلى القمة بقيادة إدارية حكيمة، حققت الكثير من الأهداف النبيلة، ليس فقط في مجال خدمات الحج والعمرة بل تعدت ذلك إلى خدمة المجتمع المكي بأكمله. ومن ثمرات ذلك إنشاء برنامج (التجارب الناجحة) الذي تسابق من خلاله المطوفون في مكاتب الخدمة الميدانية لابتكار خدمات متميزة تحقق أقصى درجات الراحة والطمأنينة للحجاج، حيث تخضع تلك التجارب لعملية تمحيص ودراسة من قبل لجان علمية متخصصة للتأكد من جدواها ومن ثم تعميمها على بقية مكاتب الخدمة الميدانية. فهناك على سبيل المثال، تجربة إنشاء مركز للتائهين من قبل مكتب الخدمة الميدانية رقم (2) والذي يرأسه المطوف عبدالعزيز سراج محمد حسين، ويقوم بخدمة مجانية لكافة الحجاج من استقبال وضيافة ومساعدة التائهين للوصول إلى مقارهم وهي تجربة إنسانية فريدة. وهناك تجربة تفويج الحجاج لجسر الجمرات عن طريق مجسمات توضح للحجاج المسارات الأساسية في الدخول والخروج من وإلى الجسر، وهي تجربة ناجحة طبقها رئيس مكتب الخدمة الميدانية رقم (12) المطوف محمود كمال ناصر، ورئيس مكتب الخدمة الميدانية (35) المطوف سمير عبدالرحمن سقاط. ناهيك عما تقدمه المؤسسة من عربات - الركشا - في موسمي رمضان والحج لنقل الحجاج كبار السن عبر ساحات الحرم وفي المشاعر المقدسة، فضلاً عن عشرات الابتكارات الأخرى الناجحة التي لا يتسع المجال لذكرها، وكان لها أكبر الأثر في تقديم خدمات متميزة. كما أن ابتكار نظام العقد الموحد لتطوير اقتصاديات المهنة أثمر عن عوائد اقتصادية جمة، رفعت من قيمة السهم والمبلغ المقطوع إلى حد وفر أمنا اقتصاديا وحياة كريمة للمطوفين والمطوفات في المؤسسة. وأعتقد أنه لو تمت الاستفادة من هذه التجارب وتطبيقها في بقية مؤسسات الطوافة لاختصرنا الكثير من المسافات في الارتقاء بمهنة الطوافة. فهنيئاً لمؤسسة جنوب آسيا ممثلة في رئيس مجلس إدارتها عدنان محمد أمين كاتب ونائبه الدكتور رشاد محمد حسين وجميع أعضاء مجلس الإدارة والمطوفين والمطوفات والعاملين بالشؤون المالية والإدارية بهذا الإنجاز الرائع، وتلك الصورة المشرفة التي رسموها عبر قطرات العرق والسهر والجهد والمثابرة.