منذ أن اندلعت المواجهات العسكرية في ليبيا، تعهدت المملكة برفع إنتاجها لتعويض أي نقص في إمدادات النفط الليبية. وبمجرد أن سقط النظام الليبي الأسبوع الجاري، بدأت التكهنات بتراجع إنتاج المملكة وشركة أرامكو السعودية النفطي مع عودة النفط الليبي إلى الأسواق، إلا أن خبراء نفطيين أوضحوا ل"الوطن" أن رجوع الإنتاج الليبي قد يستغرق وقتا أكثر مما تتوقعه الأسواق، الأمر الذي يعني أن الإنتاج السعودي لن يتأثر حتى نهاية العام المقبل على أقل تقدير. وستحتاج ليبيا بين سنة ونصف إلى 3 سنوات بحسب التقديرات حتى تستعيد كامل إنتاجها النفطي ما قبل فترة الحرب، والذي كان يقدر بنحو 1.5- 1.6 مليون برميل يوميا. وفي يناير الماضي، أي قبل بدء المواجهات بين نظام القذافي والثوار، أنتجت ليبيا 1.49 مليون برميل يومياً طبقاً للبيانات الرسمية التي قدمتها الدولة لمنظمة أوبك. وفي فبراير، اندلعت المواجهات، وانخفض الإنتاج إلى 1.27 مليون برميل قبل أن يهوي في مارس إلى 290 ألف برميل بعد فقدان مليون برميل، ثم أخذ الرقم في الانخفاض حتى وصل إلى 40 ألف برميل الشهر الماضي. وتحتل ليبيا المرتبة ال17 ضمن أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، وهي عضو بمنظمة أوبك وتختزن أراضيها أكبر احتياطي نفطي بالقارة الأفريقية، فيما يتوجه نحو 85% من صادراتها نحو أوروبا. وأوضح الخبير النفطي والتنفيذي السابق بشركة أرامكو السعودية الدكتور سداد الحسيني أن أعمال الحفر والتنقيب للشركة، التي ارتفعت بصورة كبيرة هذا العام والمحتمل ارتفاعها بصورة أكبر في العام التالي، لن تتأثر بعودة النفط الليبي نظراً لأن أرامكو السعودية تعتمد في استراتيجيتها الإنتاج على المدى الطويل، ولهذا فإن أي زيادة في أعمال التنقيب حالياً هي تستهدف في الأساس خطط الشركة الاستراتيجية، وليس تعويض نقصان إنتاج ليبيا من النفط وحسب. وفيما يتعلق بالإنتاج الليبي، أوضح الحسيني أن الدعم الأوروبي سيساعد كثيراً في تسريع عودة الإنتاج إلى ما كان عليه ولكن لا تزال هناك بعض الأمور العالقة، إذ إن العاملين الأجانب في الشركات الأوروبية كانوا قد غادروا ليبيا. كما أن العديد من تلك الشركات لن تعاود الإنتاج حتى تتمكن من مفاوضة حكومة مستقرة حول العقود النفطية. وأوضح الحسيني أنه في ظل كل هذه الظروف فإنه من المعقول جداً القول بأن الإنتاج قد يصل إلى 300 ألف برميل بنهاية العام الجاري. وقال الخبير النفطي وكبير الاقتصاديين في شركة انرجي كابيتال مانجمانت الأميركية الدكتور أنس الحجي إن ليبيا ستحتاج على الأقل إلى 3 سنوات حتى تعود إلى مستوى الإنتاج نفسه قبل الحرب. وأوضح محلل سياسي سعودي في الرياض (رفض الإفصاح عن اسمه) أنه لا توجد مخاوف قوية بشأن إنتاج المملكة النفطي، حيث إن إنتاج ليبيا لن يعود إلى مستواه السابق قبل 3 سنوات من الآن، وهذا إذا سارت الأمور بشكل جيد واستقرت هناك، إذ لا تزال هناك مخاوف من عدم تعاون القبائل الموالية للقذافي مع المجلس الانتقالي الليبي. كما تقدر شركة "وود ماكنزي" الاستشارية أن ليبيا تحتاج إلى نحو 3 سنوات لاستعادة طاقتها الإنتاجية الكاملة. وفي تصريحات نقلتها وكالة بلومبيرج أمس، أوضح باولو سكاروني الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية، وهي أكبر مستثمر أجنبي في ليبيا، أن الشركة ستحتاج ما بين 6 إلى 18 شهراً لكي تعاود الإنتاج من حقولها في ليبيا. وستقوم الشركة حالياً بالتركيز على زيادة إنتاج الغاز الطبيعي من ليبيا لتصديره إلى إيطاليا نظراً لاقتراب فصل الشتاء، الذي تزيد فيه الحاجة إلى الغاز من أجل التدفئة. وأوضحت شركة الخليج العربي (أغوكو) أول من أمس أنها جاهزة من الناحية الفنية لاستئناف الإنتاج في حقلي نفط بالغرب بطاقة إنتاجية تصل إلى 250 ألف برميل يوميا. وكان رئيس مؤسسة النفط الليبية السابق شكري غانم صرح الأسبوع الجاري بأن البلاد ستكون قادرة على استئناف بعض الإنتاج النفطي خلال بضعة أشهر، وإن كان الأمر سيحتاج إلى 18 شهرا للوصول إلى مستوى الإنتاج قبل الحرب.