أطل الداعية السعودي الدكتور علي بن حمزة العمري على جمهوره، من خلال برنامجه الجديد الذي يحمل عنوان "الجمال في الإسلام"، ويدور النقاش فيه حول جوانب الجمال المختلفة في الإسلام. ووفقاً للموقع الإلكتروني لمجموعة MBC – جهة البث - فإن مضامين البرنامج "ستتناول الجمال في الإسلام وبعده النفسي؛ وأثره الاجتماعي على الأفراد والمجتمعات، إضافة إلى كيفية فهم الجمال والشعور به وتطبيقه سلوكا يغير من واقع النفس ويصلح الذات ويحل كثيرا من المشكلات. كما تسعى حلقات البرنامج إلى تخفيف الهموم وربط العلاقات بطريقة الود والمحبة؛ مما يساهم في تخفيف جوانب العنف البدني واللفظي، إضافة إلى حسن العلاقة مع الله ومع ما في الكون. خط التماس في الشكل الفكري والاجتماعي الثقافي لطبيعة المضمون المقدم للداعية العمري– ضيف البرنامج الدائم في قالب حواري تلفزيوني يقوده الزميل خالد العتيبي– يعود إلى الاستفادة من مرجعية "القيم الجمالية في الإسلام" التي طرحها وأصلها بشكل واسع الزعيم الروحي للحركة النورسية التركية الأستاذ فتح الله كولن (احتلّ المرتبة الأولى في قائمة أهم مئة عالم في الاستطلاع الذي أجرته سنة 2008 مجلة "فورين بوليسي"، وانعقدتْ مؤتمرات دولية في الجامعات لدراسة أطروحاته ونظرياته الدعوية والفلسفية والإصلاحية والتربوية). والحركة النورسية التركية أو أصحاب النور، هي حركة دينية لا تختلف عن الحركات التجديدية التي شهدها العالم الإسلامي منذ منتصف القرن الثامن كالسنوسية والمهدية، وتنتسب الحركة إلى مؤسسها سعيد النورسي (1873-1960) المعروف ب (بديع الزمان) وقد ظهرت النورسية في أواخر العشرينات من القرن الماضي، ثم انتشرت بحيث صار لها أتباع ومؤيدون في تركيا وخارجها منذ الخمسينات والستينات من القرن الماضي. وبوضوح تام يلحظ سيطرة الطرح الفلسفي والفقهي للمفهوم الجمالي الإسلامي الذي بدا حاضراً من الحلقة الأولى للبرنامج، وهو طرح لم يتعود عليه حقيقة الحِراك الشرعي والاجتماعي السعودي خاصة والخليجي عامة، لأنه طرح أقرب إلى حالة المتصوفة الذين كذلك كانت لهم رؤية في مفهوم الجمال بالإسلام. وبالرغم من المحاولات الجادة، سواء من المقدم أو الضيف لتذليل الفكرة الرئيسية التي يرتكز عليها البرنامج، إلا أنه يفهم من خلال الخلفيات الفكرية والفقهية التي ينوي القائمون على البرنامج طرحها، استخدام أسلوب "تمرير الرسائل السريعة" في ثلاثين دقيقة – وهي مدة البرنامج اليومي- التي تختلف توجهاتها طبقاً لطبيعة الفكرة الممررة، والتي ربما لا يكون بعضها متوافقاً خاصة مع الحالة العلمية الشرعية المحلية. ويبدو من الطرح أن البرنامج سيقدم على إثارة جدل واسع، وهو ما تنبأ به المقدم حينما قال:" نحن قادمون على جدل كبير من خلال طرح الموضوعات محلياً". من الرسائل التي مررت في الحلقة رؤية الإمام مالك في نظرته للمعازف والتي استند عليها الداعية العمري: أنها من "اللهو الباطل إن كانت اشتهرت بين الناس، وأما يسيره وقليله بين الناس فلا بأس به"، ولم يكتف حينما قال إن الرؤية الفقهية المقاصدية للإمام مالك لم تأخذ حقها في الدراسة والمطالعة والمحاصصة الفقهية في الخليج العربي والتي شبهها "بحالة الجفاف النوعي الفقهي". واستمرت "الرسائل السريعة" لتصل إلى الحقوق القضائية والشرطية في"التعامل مع السارقين"، حيث قال: "من الجمال في الإسلام أن نعفو عن السارق إذا لم تكن له سوابق إجرامية، أو كانت المرة الأولى له من باب التسامح الجمالي في الإسلام". ولم تكن هذه هي الرسالة الوحيدة التي مررت في سياق البرنامج، بل دعا إلى ضرورة تعميد منهج دراسي لمادة "الجمال"، يدرس للطلبة والطالبات من السنة الدراسية الأولى في المدارس.