أكثر من 5 ساعات أمضاها مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، أول من أمس للوقوف على تدريبات "حماة الوطن" والاطمئنان على جاهزيتهم في مواجهة الإرهاب, وتكريم خريجي الدورات التخصصية في "قوات الأمن الخاصة" الذراع الأمني القوي والنخبة المتخصصة في التصدي للإرهاب. وشاهد الأمير بحضور القيادات الأمنية السعودية, فرضيات تحاكي الواقع في مواجهة المتسللين والفئة الضالة, وذلك في جبال وأودية "أبو الهشيم" بمنطقة "الحيسيّة" ذات التضاريس الجبلية الوعرة التى تبعد نحو 100 كيلو متر شمال غرب العاصمة. وكان الأمير محمد بن نايف حضر موقع التمرين على طائرة مروحيّة, وتنقّل بين مواقع العرض الذي استمر من الخامسة عصرا حتى العاشرة ليلا, وحضرته وسائل إعلام محلية وعالمية. تدريب نهاري وليلي واشتملت التمرينات على قسمين نهاري وليلي، لكيفية ملاحقة الإرهابيين والمعتدين المتحصنين في الجبال الوعرة والكهوف والمغارات التي يصعب الوصول إليها. كما اشتمل العرض على اقتحام المباني ومطاردة الإرهابيين في الأحياء والمنازل التي يمكن أن يتحصّنوا فيها, واستخدمت في التمارين الطائرات المقاتلة والعربات المصفّحة والقنابل المتفجّرة والذخيرة الحية والإنزال المظلي والكلاب البوليسية, في رسالة صريحة تقول: نحن قادرون على مواجهة الإرهاب, والتعامل مع الأعداء، في كافة التضاريس، وتحت أي ظرف. وبدا الأمير محمد بن نايف مسرورا بما شاهد, مناقشا ومستفسرا من القادة والجنود تارة, وتوجيههم في بعض التكتيكات تارة أخرى, وفي نهاية كل عرض يصافحهم ويشّد على أيديهم, ويبادلهم التحيّة, مثنيا عليهم بعبارات الشكر والتقدير على مايقومون به, متمنيا لهم التوفيق في مهامهم في الحفاظ على أمن ومكتسبات الوطن. الكاراتيه بالسلاح بدأ التمرين باستعراض لأفراد من قوات الأمن الخاصة الذين أطلقوا الرصاص في الهواء ترحيبا بالأمير, ثم استعرضوا مهاراتهم في تدريبات "الكاراتيه" وكيفية الهجوم والصد بالسلاح, وأظهروا كفاءتهم العالية في السيطرة على إرهابيين افتراضيين يحملون أسلحة نارية وبيضاء, كما شمل الاستعراض تدريبا جبليا في كيفية اقتحام مناطق وعرة والنزول منها بالحبال وتطهير الكهوف والمغارات من المتحصنين فيها, قبل أن ينتقل التمرين لموقع آخر تم فيه عرض فرضية في كيفية مداهمة مبنى يتحصّن فيه إرهابيون, وكيفية التعامل مع الكمائن التي يمكن أن توضع لرجال الأمن في مثل هذه الحالات, واشتمل العرض أيضا على عروض الرماية في أوضاع مختلفة والإسعافات الأولية للجرحى. أكل الثعابين بعدها انتقل الأمير محمد بن نايف لموقع آخر شاهد فيه عروضا حقيقية لقوة وجسارة أفراد قوات الأمن الخاصة، الذين يصعب أن يصمد أمامهم عدو، إذ بدا هؤلاء في بنى جسمانية قوية وصلبة، مرتدين ملابس توشحت بالسواد، فيما موهوا وجوههم بصبغات مقاربة لألوان الطبيعة, مستعرضين سرعتهم وعزيمتهم في الاقتحام والتسلّق بالحبال والمرور من بين الأسلاك الشائكة ووسط اللهب والقنابل المتفجرّة, والانتقال بين قمم الجبال الوعرة عن طريق الحبال، واقتحام المباني الشاهقة عبر الإنزال المظلي، وتطهير المواقع من إرهابيين مفترضين. وبدا الرجال مدربين جيدا على اقتحام المواقع الملغمة والسيطرة على المتفجرات, في حين تأتي مرحلة "التعايش الفردي" لتؤكد قدرة الأفراد على تحمّل كافة الظروف والعقبات، حين يستطيع كل فرد العيش مدة طويلة في أي موقع لا تتوفر فيه مقومات الحياة، بحيث يضطر لتدبير أمره والبقاء على قيد الحياة، كما أن المتدرب يسير لمسافات طويلة بحيث يكون قادرا على قطع أكثر من 100 كيلومتر في العملية الواحدة محملا بكامل تجهيزاته وعتاده في ظروف بيئية صعبة، وفي مناطق وعرة ومختلفة التضاريس. واشتمل العرض على كيفية اعتماد الجندي على نفسه في إيجاد مأوى في أي طبيعة وتضاريس يوجد فيها، ويقوم بحفر البئر للحصول على ماء الشرب, ويصطاد الحيوانات والزواحف ليقتات بها, ويمكنه أكلها نيئة كوسيلة أخيرة للبقاء، وهو مشهد طبقه أحد الجنود أمام الأمير محمد بن نايف حين أمسك بثعبان حي وقتله، ثم، وباستخدام أسنانه، بدأ بسلخه في ثوان وأزاح سمّه وابتلع جزءا منه نيئا, في صورة بدت شديدة التعبير لما يمكن أن يقدم عليه رجال الأمن دفاعا عن أرضهم. المتفجرات وأدخلت قوات الأمن الخاصة تدريبات الكلاب البوليسية في مهامها الميدانية في كشف وإبطال المتفجرات، والبحث عن الأموات والمصابين بين الأنقاض, كما اشتمل التدريب على استخدام الكلاب في عمليات اقتحام المباني والكهوف التي يتحصّن فيها الإرهابيون، والإيعاز لها باللغتين العربية والإنجليزية وعبر شفرات خاصة لتنفيذ ما يطلبه منها الجنود الذين ترافقهم عندما يقومون بعمليات الاقتحام والقبض على المطلوبين, وكذلك في أعمال البحث والتفتيش عن المتفجرات المخبأة, وفي عمليات الاقتحام والهجوم واقتفاء الأثر، والمشاركة في عمليات البحث عن المصابين والمتوفين في الكوارث الطبيعية مثل السيول والانهيارات. الاقتحام الشامل وأعقب هذه العروض التي جرت في مواقع وتضاريس مختلفة, عرض واقعي لاقتحام قرى محاطة بمختلف التضاريس يتواجد فيها إرهابيون، فيما يعرف ب"الاقتحام الشامل" بواسطة طائرات مقاتلة وعربات مصفحة وقناصين وإنزال مظلي واستخدام الكلاب في تطهير المواقع من المتفجرات. وبدأ الهجوم بتكتيكات مباغتة تطلق فيها القنابل الموجهة لأهدافها وتصيبها بدقة متناهية, فيما يكون للطائرات دور كبير في استطلاع المواقع من أعلى ومباغتة الأعداء بضرباتها الاستباقية, وفسح المجال للجنود بالتقدم والاقتحام ومطاردة فلول الإرهابيين في كافة التضاريس والسيطرة عليهم, وتمت هذه التدريبات قبيل غروب الشمس واستمرت حتى الظلام وذلك لتطبيق التدريبات ليلا ونهارا باستخدام كافة التجهيزات الحديثة. فرضية ليلية ونفذت فرضية ليلية بالمدرعات عن كيفية مباشرة المدرعات لمهام ليلية، حيث تتقدم بإضاءة تكتيكية وفق تشكيلات خاصة باتجاه الأهداف المحددة لها، وعند الاقتراب من الموقع تتعرض لإطلاق نار من قبل المجموعة المتحصنة في المواقع، لتبدأ المدرعات بإطلاق النار على الأهداف وتدميرها ومنع هروب المطلوبين بواسطة إحدى السيارات التابعة لهم والتي جهزوها سلفا لذلك, ثم تتقدم ناقلات الجنود على عدة محاور لنقل الجنود الى أقرب نقطة من الهدف لتطهيره والقبض على المطلوبين أحياء إن أمكن، ومن ثم تستدعى وحدات إبطال وإزالة المتفجرات للتعامل مع الأجسام المشبوهة، مثل المتفجرات والشراك المفخخة، وبعدها تقوم وحدة الخدمات الطبية بنقل المصابين والجرحى. بعدها شاهد الأمير محمد بن نايف عرضا حقيقيا لكيفية الإنزال المظلي الحر من الطائرات على ارتفاعات عالية في الظلام الدامس, حيث يهبط مظليون بالقرب من أهدافهم لاستطلاع الموقف والتمركز وإعداد خطط الاقتحام, فيما يكون آخرون قفزوا لمهمة تصوير المواقع المستهدفة, قبل أن تبدأ خطة اقتحام مواقع الإرهابيين, وتجلت في العرض قدرة المظليين على القفز الحر والتحكم بمظلاتهم والهبوط في الموقع الذي يريدونه بإحكام دون أن يشعر بوجودهم أحد. معاقل الشرف وفي نهاية التمرين الافتراضي، أقيم حفل خطابي رحب فيه قائد قوات الأمن الخاصة اللواء ركن محمد العماني بالأمير محمد بن نايف, وقال "إننا اليوم في معقل من معاقل الشرف والرجولة، نحتفل بمناسبة تشريفكم الذى جاء متزامنا مع الذكرى الخامسة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، مواصلا التنمية والعطاء التي بدأها المؤسس وأبناؤه رحمهم الله". ولفت العماني إلى ما يجده القطاع الأمني من اهتمام كبير من القيادة، بالتدريب والتصنيع والتجهيز والأداء, وإنشاء البنية التحتية على أعلى طراز، كاشفا عن موافقة الأمير محمد بن نايف على إقامة تمرين مشترك مع كافة القطاعات الأمنية، وأنه سيتم اختيار المكان والزمان المناسبين لإقامة التمرين. وقال إن تخريج هذه الدورات سيكون رافدا للعمل الأمني في مكافحة الإرهاب, مشيرا إلى أنه في العام الجاري أقيمت 60 دورة متخصصة تجاوز فيها عدد المتدربين ثلاثة آلاف فرد بمشاركة عدد من منسوبي قوى الأمن الداخلي والحرس الوطني والحرس الملكي ووزارة الدفاع والطيران والاستخبارات وبعض دول مجلس التعاون, إضافة لبرنامج الابتعاث في الدورات التخصصية والدراسات العليا داخليا وخارجيا في مجالات أمنية عديدة, مؤكدا على أن رجال قوات الأمن الخاصة على أعلى درجة من القتالية والثقة ليقوموا بمهامهم على أكمل وجه في حماية الوطن ومكتسباته. ثم ألقيت كلمة الخريجين عبروا فيها عن شكرهم للقيادة, وأكدوا جاهزيتهم لمواجهة المعتدين, أعقبها أداء نشيد خاص بقوات الأمن, ثم قسم التخرج. وفي نهاية الحفل كرّم الأمير محمد بن نايف الخريجين وأوائل الدورات التخصصية.