يبدو أن مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال خبأت لنا نهائيا بطابع خاص، تجلى بتأهل قطبي مدينة جدة الاتحاد والأهلي إلى نهائيها. فبعد بداية فاترة لدور الثمانية، تصاعد الرتم الفني لغالبية الفرق، وظهرت الإثارة وتطايرت الأجهزة الفنية على خلفية الهزائم القاسية، والنتيجة النهائية أن نهائيا غير عابر سيسدل الستار على المسابقة، فمجرد وجود الاتحاد والأهلي في أي لقاء سيكون حافزا للمتابعة، فكيف إذا تعلق الأمر بآخر بطولات الموسم لفريقين لم يحققا أي إنجاز في الموسم الحالي. الاتحاد يحجّم الهلال كما توقع كثيرون فإن ثلاثية الذهاب الاتحادية حسمت الأمور مبكرا في كلاسيكو الكرة السعودية، وإضافة إلى الثلاثية التاريخية فإن الهلال استغنى عن خدمات مدربه "العنيد" جابرييل كالديرون بشكل مفاجئ، واستعان بمدير الكرة سامي الجابر بشكل موقت لما تبقى للفريق من لقاءات، كما أنه افتقد خدمات لاعبيه أسامة هوساوي وياسر القحطاني للإصابة، والسويدي "المطرود" كريستيان ويلهامسون، وهكذا وصل الهلال إلى جدة يتقدمه معجم من التبريرات لخروج الفريق المتوقع حتى قبل أن تنطلق صافرة حكم الإياب، لكن كل ذلك لم يمنع المجتهد عيسى المحياني من خطف هدف مبكر أعاد كثيرا من الروح للهلال ولو إلى حين، لكن الأمر لم يتعد ذلك الهدف، فبدا الهلال مفتقدا كثيرا من أدوات التفوق، فمن تباعد الخطوط إلى انعدام الجدية في الفريق وغيرها. من جهته لم يشأ محمد نور وزملاؤه أن يجازفوا كثيرا في لقاء كهذا، على الرغم من أن ذلك كلفهم التراجع في أوقات كثيرة من اللقاء، وربما لو كان الاتحاد في ظروف أخرى للقن الهلال درسا قاسيا إلا أن الأمور مرت بسلام. ونصّب العجوز البلجيكي ديمتري دافيدوفيتش نفسه نجما للقاءين حيث استعان بالمهاجم نايف هزازي بديلا للمحترف الجزائري عبدالملك زيايه، ولم يخيب هزازي نظرة مدربه فخطف هدفا جميلا كفل التعادل لفريقه، وحرم الهلال من فوز معنوي له ولمدربه الجابر. وأظهر لنا اللقاء الحالة الذهنية التي وصل إليها لاعبو الدوري السعودي بعد موسم شاق وممل بتفاصيله، علما بأن الفريقين يعدان الأفضل بين فرق الدوري، إلا أن الفارق تجسد في أن الاتحاد كان يمتلك دافعا للفوز، وهو الأمر الذي افتقده لاعبو الهلال، وكان الدافع يتجسد في تحقيق بطولة قبل انتهاء الموسم، فيما حقق الهلال بطولتي الدوري والكأس، ومع ذلك فإن الهزيمة أمام الاتحاد قادت إلى طرد المدرب الهلالي، وإلى الغضب الجماهيري من الخسارة الجديدة أمام الاتحاد. الأهلي يتعملق أخيرا انتهت المغامرة الوحداوية على يد الأهلي. وقبل أن نعرج بالحديث عن الوحدة، من الإنصاف أن نتحدث عن الطرف الفائز وهو الأهلي الذي يبدو أنه في طريقه إلى العودة لطريق المنافسة الجدية، ولن يجد أفضل من مشواره الحالي ليعول عليه مستقبلا. واستطاع مدرب الأهلي، الصربي ألكسندر أليكس، ومنذ قيادته للأهلي ترتيب أوراق الفريق بشكل منظم، وظهر الفريق على يديه فريقا يعرف ماذا يريد، وتحسب للمدرب جرأته وشخصيته التي فرضها على لاعبيه بمن فيهم المحترفون، وكانت النتيجة أن بدأ الفريق يرتدي لباس الجدية والقوة بمرور الوقت. وجاء لقاء الذهاب بين الفريقين بجانب سلبي، تمثل في تلقي الأهلي هدفين، وجانب إيجابي تمثل في عودة الفريق وفرضه شخصيته بتسجيل هدفي التعادل على أرض الخصم. وفي الإياب ظهر أن الأهلي تعلم الدرس جيدا، ولم يسمح لخصمه المجتهد بمزيد من المغامرات، فتوالت الأهداف حتى بلغت الأربعة رد عليها الضيف بهدف الشرف. الوحدة من جانبه لم يخرج حزينا كحال سابقه الهلال، لأن الفريق شارك بلاعبين لم يلعبوا للفريق الأساسي، وأشرف عليه مدرب الفريق الأولمبي في النادي أيضا، وواجه ظروفا صعبة تمثلت في قرار هبوطه إلى الدرجة الأولى، وعلى الرغم من ذلك لم يخيب شبابه الظن بل وتجاوزا ذلك بمراحل.