لم تكن جولة إياب دور الثمانية لمسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال، دسمة في محتواها بالعرف الفني، لأن الإثارة في بطولات الكأس تأتي عبر تحقيق المفاجآت، وهو الأمر الذي لم يحدث في هذه الجولة. ولعلنا نرصد من خلال تحليلنا الفني الجوانب الفنية التي حوتها تلك اللقاءات، والتأهل المستحق للفرق المتأهلة، مع عدم إغفال ما قامت به الفرق التي خرجت من عطاء يحسب لها في نهاية الأمر. التعادل يصعد بالاتحاد لم يقدم الاتحاد كثيراً من الجهد ليتجاوز خصمه النصر المنهك ويتأهل إلى دور الأربعة، فقد تعادل في كلا لقاءي الذهاب والإياب، وكان دائماً ما يتأخر قبل أن يعود بعد ذلك، وهو أمر يفسر الحالة التي وصل لها الفريق فنياً، وبالتأكيد فإنها لم تغب كثيراً عن أذهان البلجيكي العجوز ديمتري. وبذل الاتحاد أقل مجهود أمام النصر للتأهل، وبالفعل نجح بذلك، لكن من الباب الضيق، وما حدث أمام النصر لن يتكرر أمام الهلال الجاهز للثأر الآسيوي، وإذا ما استمر أداء الاتحاد بهذا الشكل أمام الهلال فسيكون قد اكتفى من موسمه الحالي بإنجاز التأهل لدور الثمانية الآسيوي، وسيعني ذلك أن محمد نور وبقية زملائه سينالون إجازة مبكرة.. أما النصر فلا يبدو أنه يرغب في التخلي عن عاداته المتمثلة في الخروج المستمر خالي الوفاض من البطولات، لكننا قد نجد العذر له في تكالب بعض الظروف السيئة التي أحاطت به في الفترة الأخيرة من غياب الرئيس إلى استبدال المدرب إلى المشاكل داخل أروقة النادي ما انعكس ليقدم فريقاً يفتقد لأدوات النجاح سوى ما يقدمه بعض لاعبيه من اجتهادات لا تؤتي أكلها كل حين. وللإنصاف نقول إن النصر كان أحرص على التأهل شكلياً من الاتحاد، لكن قدر له الخروج من الدور الأول بانتظار ما يخبئه له القدر في الفترة المقبلة. الهلال الواثق لم يترك الهلال كثيراً من الخيارات للفيصلي فتجاوزه مرتين، وفرض شخصيته على خصمه الودود الذي تسببت قرارات الاتحاد السعودي في أن يجد نفسه في مواجهة بطل الدوري بلا مدربه الأصلي ولا لاعبيه الأجانب، لكنه على الرغم من ذلك لم يكن سيئاً بالمطلق، بل تعامل بجدية، إلا أن المنطق كان حاضراً هذه المرة. وشهدت مباراة الإياب بعض التحركات الفيصلاوية الحثيثة التي تعامل معها الهلال بجدية وأجهضها، ولعل الفرصة التي لاحت للاعبه عمر كسار كانت الأبرز في الشوط الأول، قبل أن يتحرك الهلال في الشوط الثاني ليبدأ انهمار الأهداف عبر عيسى المحياني وأحمد الفريدي قبل أن يختمها المصري أحمد علي، ليصعد الهلال بعدما فاز ذهاباً 2 /1 ليواجه خصمه الاتحاد في نهائي مبكر على خلفية قوة الفريقين وسطوتهما على معظم البطولات المحلية في السنوات الأخيرة. الأهلي.. الرابح الأكبر لا أحد يعلم ما هي الفائدة المرجوة من إقحام لاعب مهاجم في آخر 3 دقائق لفريق فائز في اللقاء، آخذين في الاعتبار اللغط الذي صاحب إشراكه. نقول ذلك بعد أن رأينا الشباب يخرج من البطولة رغم انتصاره في لقاءين، فيما صعد الأهلي بخسارتين. فبعد شد وجذب أعلن أن الأهلي كسب احتجاجه على مشاركة لاعب الشباب عبدالعزيز السعران في لقاء الذهاب واعتبر فائزاً 3/صفر رغم أنه خسر ميدانياً 1 /2. أما لقاء الإياب فلم يشهد شيئاً جديداً على الأرض لأن الشباب واصل تفوقه وتغلب بهدف ماجد المرحوم، إلا أنه حسابياً لم يكن كافياً للتأهل. ومن البداية كان الشباب أكثر تركيزاً من خصمه بغية التسجيل فيما ركن لاعبو الأهلي إلى النتيجة الورقية بالثلاثة فظهروا بشكل سلبي في فترات المباراة، ورغم تسجيل الشباب لهدفه مبكراً نسبياً إلا أنه لم يستطع مضاعفة الغلة بعد ذلك، وقد ساعد التحكيم السيئ للحكم السويسري على الإبقاء على نتيجة الهدف الوحيد رغم الجدل بأحقية الشباب بركلة جزاء على الأقل في المباراة، ليخرج الشباب بحسرة كبيرة فيما انطلقت أفراح الأهلي التي جاءت بعد ترقب كبير. الوحدة الشاب يبطل الاتفاق لم يكن أشد المتفائلين من الجانب الوحداوي يسمح لنفسه بكثير من الأمنيات بخصوص قدرة فريقه على تجاوز ثالث الدوري (الاتفاق)، خاصة أن الوحدة ضم في صفوفه كثيراً من لاعبي الفريق الأولمبي، وقاده أيضا مدرب الفريق الأولمبي بشير عبد الصمد. لكن الوحدة الشاب قدم نفسه بشكل محترم وواثق، وظهرت عناصره أكثر تركيزاً والتزاماً تكتيكياً بعيداً عن الانفلات الفني، وهو الأمر الذي سهله وجود مدرب يعرف لاعبيه بشكل جيد، فتغلب ذهاباً 2 /1، وهي نتيجة تم التقليل منها باعتبارها مفاجأة أو أنها أقيمت في ملعب الفريق، ليأتي لقاء الذهاب وكان من شقين، الأول ظهر أن الفريق في طريقه للخروج مبكراً وبهزيمة ثقيلة بعد أن وصلت النتيجة إلى تأخره 1 /4، إلا أن مهاجم الوحدة مختار فلاتة كان له رأي آخر فسجل هدفين جديدين أنهيا المباراة 4 /3 للاتفاق، وهي نتيجة أهلت الوحدة بجدارة. أما الاتفاق فلا يستحق لاعبوه كثيراً من الحديث الفني عما قدموه، لأن بعضهم ركنوا مبكراً إلى التأهل، ما سمح للمنافس بالتقدم قبل أن يسجل أكثر من مرة دون ردة فعل معتبرة، وقد يكون حكم مباراة الرد سامي النمري ظلم الفريق في عدم احتساب جزائية الأرجنتيني سباستيان تيجالي، ولكن الفريق لم يكن جديراً كثيراً بالتأهل إلى مربع الكبار هذه المرة كما كان الحال بالدوري.