تلجأ العديد من الأسر التي تمتهن التسول إلى اصطحاب الأطفال الرضع والصغار دون سن العاشرة لاستدرار عطف المارة والمتسوقين، إلا أن هذا السلوك يشكل خطراً كبيراً على صحة الأطفال لا سيما الرضع، حيث إنهم يكونون عرضة للجفاف وتخلف النمو العقلي وربما التعرض للوفاة، وذلك بفعل الحرارة العالية لأشعة الشمس التي يتعرضون لها أثناء التسول على جنبات الطرق وفي ساعات الحر الشديدة. يصنف عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الملك سعود بالرياض الدكتور رزق الريس، انتشار التسول بالأطفال في السعودية على أنها جريمة اتجار بالبشر تتعارض والمعايير والاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان، فضلا عن مناقضتها للتشريعات الوطنية التي تؤكد على كرامة الإنسان وآدميته، وضرورة ضمان تمتعه بالحياة الكريمة بعيدا عن الامتهان. يقول الدكتور الريس، ل"الوطن" إن أكثر من 27 حالة تسول بالأطفال في الجبيل تم رصدها أول من أمس فقط، أي في يوم واحد، وهذه صورة تؤكد الإدارة المنظمة لتلك الحالات، فيجب على الحكومة سرعة التدخل لفرض عقوبات مغلظة على المتسولين بالأطفال تطبيقاً للقوانين والاتفاقات الدولية بهذا الشأن، موضحاً أن الجهة المعنية بتنفيذ الاتفاقات الدولية هي وزارة الشؤون الاجتماعية. معتبراً التسول بالأطفال في مثل ظروف مناخ المملكة خلال هذا الفصل شديد الحرارة والغبار وعالي الرطوبة، يعتبر نوعا من الاتجار بالبشر، وامتهانا لكرامة الإنسان، وضارا بصحته، ومهدرا لحقوقه، ومشوها لصورة المملكة، وسمعتها الدولية والإقليمية في هذا الشأن، ومخالفا للاتفاقية الثانية التي أصدرت فيها المملكة قانونا يحرّم الاتجار بالبشر، وهذا الوضع مأساوي لهؤلاء الأطفال وضار بصحتهم وكرامتهم، وانتشار التسول بالأطفال يستدعي تدخل الحكومة. من جانبه حذر أخصائي طب الأطفال ببرنامج الهيئة الملكية في الجبيل الدكتور هاني المعداوي من خطورة تعرض الأطفال الرضع المتسول بهم إلى ضربات شمس قد تودي بحياتهم، أو إصابتهم بحالات جفاف حاد. وقال ل"الوطن" إنه يجب ألا يتعرض الرضيع لدرجة حرارة تزيد عن 32 درجة ولمدة محدودة لا تزيد عن 30 دقيقة كحد أقصى وفي أوقات مناسبة خلال ساعات الصباح الأولى أو قبيل الغروب، مؤكدا أن تعرض الرضع لدرجات حرارة عالية – كما هو الحال مع المتسولات – من شأنه أن يؤدي إلى نقص سوائل الجسم التي يستحيل تعويضها من خلال الرضعات أو ما يشربه الطفل من مياه عادية أو عصائر. واستمرار حالات الجفاف لدى هؤلاء الأطفال يؤثر على النمو العقلي لديهم، وقد يؤدي إلى الوفاة. وتشير إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية على موقعها الإلكتروني إلى أن نسبة عالية من المتسولين المقبوض عليهم هم من الأجانب، إذ تتراوح نسبة السعوديين من المتسولين بين 13_21% بينما تتراوح نسبة الأجانب من المتسولين بين 78_87% من خلال إحصائيات آخر ثمان سنوات، في إشارة واضحة للنسبة العالية التي يمثلها المتسولون الأجانب، إذ يستغلون التكافل والبر والرحمة التي يحض عليها الدين الإسلامي في استدرار العطف. يشار إلى أن برتوكول الأممالمتحدة يعرف الاتجار بالبشر بأنه تجنيد ونقل وإيواء أو استقبال الأشخاص من خلال وسائل التهديد، أو استخدام القوة أو غيرها من أساليب الإكراه، والاختطاف والتزوير والخداع وسوء استخدام السلطة أو موقف ضعف أو إعطاء أو استلام دفعات مالية، أو خدمات للحصول على موافقة الشخص على أن يسيطر عليه شخص آخر من أجل استغلاله.