أصبح وجود العاملة المنزلية (الشغالة) حلماً يصعب تحقيقه رغم أنه ضرورة ملحة لا تستغني عنها أغلب الأسر السعودية خصوصاً حينما تكون ربة المنزل موظفة. وفي ظل شح العمالة، وطول فترات انتظارالاستقدام التي باتت تتجاوز 6 أشهر بعد أن كانت لا تزيد عن الشهرين. وفي ظل غياب الرقيب والحرية التي ينعم بها سماسرة السوق السوداء والحاجة التي أجبرت الكثيرين من مواطنين ومقيمين على اللجوء لهم بعدما أصبحوا الخيار الوحيد الذي يمكن من خلاله الحصول على شغالة، ظهرت سوق سوداء للمتاجرة بالعمالة المنزلية تديرها مكاتب غير متخصصة وغير مرخص لها، وسماسرة من الأفراد أغلبهم من النساء، حيث تقوم المرأة بتأجير العاملة التي تحتاج إليها سواء بالإيجار اليومي أو الشهري. وقد أدت هذه السلوكيات إلى تزايد أجور العمالة المنزلية أضعافاً مضاعفة فأصبح من غير الممكن الحصول على شغالة عن طريق نقل الكفالة قبل أن تدفع ما يقارب 20000ريال بينما لم تكن كلفة استقدامها تتجاوز 8500 ريال. كما ظهرت بعض المكاتب والسماسرة الذين يقومون بتأجير العمالة المنزلية ولكن بما لا يقل عن 3000 ريال شهرياً بينما راتبها في الأصل لا يتجاوز 650 ريالا. وتأجيرها بشكل يومي بمبلغ 200 ريال أي بما لا يقل عن 6000ريال شهرياً . وجميع هذه المبالغ تذهب إلى جيوب السماسرة ولا تحصل العاملة سوى على زيادة 100 ريال على راتبها الشهري. وتوسعاً في ممارسة هذه النشاطات وأمام كثرة الطلبات تم إيجاد العديد من المواقع الإلكترونية التي يرتادها الكثيرون يومياً، وكذلك الإعلان عن طريق الشريط الإخباري الخاص ببعض القنوات الفضائية. ولم يكن أمام الكثيرين سوى اللجوء إلى هذه المواقع مما جعلهم عرضة للنصب والاحتيال وتكرار مواقف من المكاتب قد تكون متشابهه. تقول أم صالح معلمة: ذهبت شغالتي وبقيت 3 أشهر أبحث عن شغالة، لم أشترط أي جنسية أو مواصفات ولم أكن أريد منها سوى البقاء مع أبني (3 سنوات) حين ذهابي للعمل، وبعد حصولي على تليفون أحد المكاتب بالرياض عن طريق إحدى زميلاتي في العمل قام بتأمين شغالة بتكلفة 18000ريال، إلا أنها لم تمض لدي أسبوعا وفي نفس اليوم الذي تم الانتهاء فيه من إجراءات نقل كفالتها، وحينما حاولنا إعادتها للمكتب رفض وقال علاقتي انتهت بمجرد نقل كفالتكم ولكن بإمكانكم إعادتها وسوف أحاول أن أجد لها كفيلا آخر، على أن يدفع لكم التكاليف التي خسرتموها، وبعد الاتصالات اتضح أن موظف المكتب عاد إلى بلده وأفاد المكتب أن الشغالة هربت حينما كانت في فترة التجربة عند شخص آخر كان يعتزم نقل كفالتها عليه، وأنهم لا يعلمون عنها شيئاً واتضح من خلال برنت النقل الجماعي الذي تم ترحيلها عن طريقه أنه تم تسفيرها إلى عدة مدن بالمملكة. وبعد الاتصال بكفيلها الأساسي الذي استقدمها اتضح أنها لم تمض عنده سوى أسبوعين ورفضت العمل، وأعادها للمكتب ليتم ترحيلها إلى بلدها. وأنه طلب من المكتب ترحيلها إلي بلدها قبل 7 أشهر واستغرب أن الشغالة مازالت موجودة داخل المملكة، ولم يتم ترحيلها وكيف أن المكتب قام باستخراج إقامة لها على كفالته دون علمه، وكذلك تأجيرها على عدة أسر في عدد من مناطق المملكة . تقول أم جوري: أنا موظفة حكومية لدي طفلتان تجبرني طبيعة عملي على وجود من يهتم بهما أثناء تواجدي في العمل ومع يأسي من الحصول على عاملة منزلية حصلت على رقم أحد مكاتب الاستقدام في سريلانكا وذلك عن طريق إحدى زميلاتهي وتم إيداع المبلغ وإرسال التأشيرة بعد أن تم الاتفاق على أن يكون إرسال العاملة خلال 45 يوماً. وبعد أن تجاوز المكتب المدة رفض إرسال الشغالة أو إعادة المبلغ الذي أرسلته له ولم يعد يرد على اتصالاتي المتكررة مما جعلني ألجأ إلى السفارة التي قامت بالتدخل وجعلته يعيد كامل المبلغ لي. وتضيف أم راكان أنها بقيت لأكثر من شهرين تبحث عن شغالة دون جدوى وحينما حصلت على تليفون أحد المكاتب الذي قام بتأمين الشغالة لها من خارج المنطقة مقابل 18000ريال تم دفعها مقدماً، وحينما وصلت الشغالة اتضح أنها تحمل إقامة غير إقامتها ولم تمض لدى كفيلها سوى 4 أيام، وتم الاتصال على المكتب الذي طلب إعادتها وحينما تم إرسالها للمكتب رفض إعادة المبلغ كاملاً واستقطع 3000ريال بحجة أن الشغالة هربت ولم يتم استلامها. وتضيف أم راكان مثل هذه الأعذار هي ألاعيب وأكاذيب يمارسها بعض أصحاب المكاتب معدومي الضمير لاستغلال الناس. وطالبت بأن تكون هناك عقوبات بحقهم لاتقل عن إلغاء سجلاتهم التجارية والتشهير بهم. من جانبه أوضح مدير مكتب العمل بمنطقة الحدود الشمالية صلف الجارد أن ماتقوم به بعض المكاتب غير المرخص لها بالمتاجرة بالعمالة أمر مخالف للأنظمة وهناك عقوبات شديدة يطبقها المكتب بحق هذه المكاتب تبدأ بالغرامة المالية وأخذ التعهد بعدم التكرار في المرة الأولى. وفي حالة التكرار تؤخذ عليه غرامة مالية ويحال إلى وزارة التجارة ويتم إلغاء الرخصة التجارية التي لديه وشطب اسمه من سجل وزارة التجارة. أما عن السماسرة الأفراد فيتم الرفع لمقام الإمارة التي تقوم بالتوجيه للجهات الأمنية بالقبض عليهم ومخالفتهم وكذلك مخالفة كفلاء العمالة أنفسهم بغرامات مالية. كما أكد رئيس لجنة الاستقدام بمجلس الغرف التجارية سعد البداح أن ممارسة المكاتب غير المختصة والسماسرة من الأفراد لاستقدام العاملات والشغالات المنزليات هي ممارسة غير نظامية لأنه لا يوجد في النظام تأجير ولا يجيز النظام مزاولة العمل لغير المكاتب المرخص لها، وأن هناك أنظمة ولوائح لدى وزارة الداخلية والجوازات ووزارة العمل تجرم هذه الأعمال وتطبق بحقهم العقوبات. ودعا البداح المواطنين إلى عدم الانجراف وراء هذه المكاتب والأشخاص الذين يستغلون ظروف الناس للحصول على أموالهم. وأضاف أن الاستقدام من إندونيسيا والفلبين مقفل حالياً وسيتم قريباً الإعلان عن دول بديلة يتم الاستقدام منها.