نظم النادي الأدبي بالباحة ورشة عمل تدريبية في فن كتابة القصة القصيرة على مدار اليومين الماضيين، شارك فيها القاص جمعان الكرت، والباحث والقاص والروائي الدكتور محمد عبدالرحمن يونس بحضور العديد من المهتمين والمهتمات بفن القصة القصيرة. وأوضح الكرت أن القصة القصيرة تجربة إنسانية يُعبر عنها القاص سرداً أو حواراً من خلال تصوير شخصية أو شخصيات يتحركون في إطار اجتماعي ينسجها بخيوط الإبداع, وأشار إلى البناء المعماري للقصة القصيرة بدءاً من العنوان الذي يُعد العتبة الأولى للنص, والنواة المتحركة، والقابل للتحليل دلالياً بحسب صياغته سواء كمفردة أو جملة, وكذلك الحبكة وهي مجموعة الحوادث التي تُكسب القصة فنيتها وجمالياتها, وتمنحها التماسك والبناء المنسق والمشوق، وهي على نوعين: حبكة متماسكة وأخرى مفككة, فضلا عن عنصري المكان والزمان، إذ لا يمكن أن تسبح القصة في الفراغ، بل يؤطرها المكان والزمان, فهما ركيزتان أساسيتان في الخطاب السردي, إلى جانب اللغة، إذ لا يمكن أن يتولد الحس بدون لغة, ويلتقط القاص الحاذق مفرداته بأناة ودقة متناهيتين, وبحرفة عالية, مثل الرسام الذي يحسن اختيار ألوانه, أو النحات الذي يجيد اختيار أدواته, ويتحسس القاص مواضع الكلمات، شريطة الدقة وسلامة اللغة, والاقتصاد, ويأتي دور البطل "الشخصية" سواء كانت خيالية أو واقعية أو مزيجاً بينهما أو كونها رئيسية "محورية "مع شخصية ثانوية أو معارضة لتتنامى أحداث القصة, مع مراعاة البعد النفسي والاجتماعي والجسدي لأبطال القصة. وركز الكرت على عنصر "لحظة التنوير"، وهي النقطة التي تتجمع فيها وتنتهي إليها خيوط الحدث فيكتسب معناه المحدد الذي يريده الكاتب. وأضاف في سياق حديثه أن القصة تفقد قيمتها إذا لم يتحقق شيئان هما الإمتاع والفائدة, وانعطف في حديثه عن تطور كتابة القصة في السعودية. بعد ذلك طرح الدكتور يونس ورقته التي كانت بعنوان "مداخل نظرية، وتعريفات للقصة القصيرة"، عرض فيها لتعريفات القصة، في الأدب الأجنبي المعاصر، والأدب العربي الحديث، من خلال الدراسات والبحوث النقدية التي تطرقت لتعريف القصة القصيرة، وعرض لتطور مفهومها ابتداء من القرن التاسع عشر حتى الآن، وقدم عدة تعريفات لها، ومفاهيم عديدة من خلال آراء الكتاب والنقاد، وذكر أن القصة القصيرة تطورت وازدهرت ازدهاراً واضحاً على يد جيل الستينات من كتاب القصة العربية، ورأى الباحث أنه كان للقصة الأجنبية أثر كبير في القصة العربية، على مستوى التقنية الشكلية، والجمالية، وعلى مستوى المضمون أيضا، ثم تطرق الدكتور يونس إلى العلاقة العميقة بين الواقعي والتخيلي في القصة القصيرة، وآفاق هذه العلاقة، ودورها في بناء القصة القصيرة. وتحدث عن أهم فضاءاتها، وفي نهاية ورقته تحدث عن عناصر القصة القصيرة، ودورها في بناء القصة، كما تعرض الباحث لجذور القصة العربية في أدبنا، وتراثنا العربي القديم، من خلال الحكايات الشعبية، والتراث السردي المروي، ومن خلال المقامات العربية, كما تم استعراض عدد من النصوص القصصية لكتاب من المملكة والوطن العربي وتم تحليلها وفقا للعناصر الأساسية عند بناء القصة القصيرة. وقدم المشاركون والمشاركات من قاعة الخنساء النسائية نماذج من بوحهم القصصي حيث تناولها الدكتور يونس بالتحليل الفني, وفي الختام قام نائب رئيس النادي جمعان الكرت بتسليم المشاركين شهادات حضور الورشة التدريبية, فيما قامت رئيسة اللجنة النسائية مستورة حنش الزهراني ونائبتها جوهرة معيض بتسليم المشاركات شهادات الشكر والتقدير.