أجبرت الحملات الانتخابية التي يقوم بها الرئيس الحالي للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) السويسري جوزيف بلاتر ومنافسه على الكرسي، رئيس الاتحاد الآسيوي القطري محمد بن همام العالم الرياضي وتحديداً الكروي، على الوقوف عند الإفرازات السلبية لهذه الحملات التي أسماها البعض بالصدمات. تشتت عربي أول المظاهر السلبية التي صاحبت الحملة الانتخابية لابن همام، المواقف المضحكة المبكية في آن واحد لبعض الاتحادات العربية وإعلان مسؤوليها عدم الالتفاف خلف المنافس العربي ابن همام، رغم أن إتمام المهمة يستوجب التوحد والدعم الصريح بعيداً عن المقايضات ومسائل تصفية الحسابات الجانبية، كما ظهر من قبل الصوت الكويتي الذي أعلن قبل أيام عدم تصويته لابن همام. وقد ربط البعض هذه المناكفة الكويتية المستهجنة، بخلفية المماحكة السابقة بين المرشح العربي الأبرز والأقدر لمثل هذه المهمة محمد بن همام وبين رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي الكويتي الشيخ أحمد الفهد، إلا أن هذا ليس مبرراً من صوت عربي خليجي يعلم بأن مواثيق قادة دول مجلس التعاون الخليجي تؤكد على ضرورة الوقوف مع أي مرشح خليجي لمناصب دولية. وعلى نفس الإيقاع النشاز، خرج أمين سر الاتحاد البحريني لكرة القدم عبد الرحمن سيار ليقول لوسائل الإعلام - جاهلاً بالمواثيق الخليجية الصادرة عن قادة المجلس منذ التأسيس - أنهم لم يحسموا أمرهم حيال صوتهم، وهل سيكون لمصلحة السويسري بلاتر أم القطري بن همام. يأتي ذلك رغم أن هناك أصواتاً وتصريحات وتأكيدات متعددة أعلنها رئيس الاتحادين السعودي والعربي لكرة القدم الأمير نواف بن فيصل بن فهد مراراً وتكراراً بأن الاتحادين السعودي والعربي سيقفان بقوة مع محمد بن همام وسيدعمانه بكل ما لديهم من إمكانات لتحقيق الهدف. أدوات بلاتر اتبع بلاتر قبل وأثناء انطلاقة الحملة الانتخابية أساليب غير مقبولة، ليس بالنسبة لمنافسه العربي فقط، وإنما طالت بالنسبة للكرة العربية بصفة عامة بعد أن تطاول على سمعتها. المتابع لما بعد حصول ملف قطر على استضافة مونديال 2022 يلحظ أكثر من تصريح ورأي في وسائل الإعلام الدولية تتمحور حول نقطة واحدة هي التشكيك بغمز وهمز في قناة مصداقية الحق القطري باستضافة مونديال 2022، فبلاتر بدأ التقليل من خلال تصريح غريب عن إمكانية مشاركة الدول المجاورة لقطر في استضافة بعض مباريات المونديال، فهو يريد بذلك إذكاء الغيرة والتنافس غير الشريف على حق أصلاً تم حسمه وأُعلن عنه على رأس الأشهاد. كما أردف تصريحه الأول بآخر يشير فيه إلى صعوبة الأجواء في قطر والخليج بصفة عامة خلال فترة المونديال، وكذلك عدم احتمالية قدرة القطريين على توفير الأجواء الملائمة حينها. ثم جاءت تصريحاته الأغرب بإمكانية تشكيل لجنة للبحث فيما يتم تناوله حالياً حول رشوة بعض الاتحادات لبعض أعضاء اللجنة التنفيذية في الفيفا في عملية التصويت، والمقصود أولاً وأخيراً قطر. الغريب في الأمر أن بعض الاتحادات العربية (ما تزال نائمة في العسل) لم تلحظ مثل هذه الاستفزازات الصادرة من بلاتر وبعض وسائل الإعلام التابعة له، وعلى رأس (النائمين) أعضاء الاتحادين الكويتي والبحريني اللذين يريدان أن يرفعا بأنفسهما عن طريق المناكفات بعد أن عجزا في التعريف بأنفسهما كاتحادات منجزة منافسة على مستوى القارة أو على مستوى العالم. شخصية بلاتر يحلل الكثيرون شخصية جوزيف بلاتر بأنها شخصية نمطية في الرأي، متقلبة تجاه الدول والشخصيات الكروية العالمية، بمعنى أنه كما يقول المثل ( يسير حسب الريح)، ويحب أن يكون صاحب قرار يحيط به أصحاب النفوذ والقوة، وكان هذا هو السبب الذي دفعه في عام 2002 إلى إقالة السكرتير العام للفيفا آنذاك السويسري ميشال زن روفينن الذي كان حذراً ويتمتع بكفاءة عالية حتى تمرد عليه بترديد أنه يُسير تعاملات صناديق الفيفا بشكل غير مناسب وربما بشكل فاسد، كما أن مصادر بريطانية أشارت إلى أن بلاتر نال عمولات خاصة من مناسبات استضافة مونديالية سابقة تصل إلى مائة مليون دولار. شخصية ابن همام أما بن همام كما يفصح عن شخصيته من عايشوه، فإنه هادئ يستمع باهتمام للآخرين، يحب الالتقاء بالناس، ودود في طبعه، صاحب قرار ولا يتردد في اتخاذه متى رأى أنه إيجابي في أغلب جوانبه. ويملك ابن همام الفكر الرياضي عامة والكروي بخاصة من واقع تجربته العريضة مع هذه اللعبة، تجاوزت أربعة عقود كانت مليئة بالصعاب والعقبات و الظروف المعاكسة، فخرج منها قوياً في نظرته واثقاً في خطواته، واضحاً في تحديد أهدافه، وقبل هذا وذاك عرف عنه النزاهة وسلامة ذمته المالية. وتتضح هذه الشخصية أكثر من واقع مؤتمره التاريخي في العاصمة الماليزية كوالالمبور عند إعلانه الترشح لمنافسة بلاتر، حيث قال وقتذاك" بعد دراسة عميقة، قررت الترشح لرئاسة الفيفا متسلحاً بمحبتي للعبة التي خدمتها على مدى 40 عاماً، لقد حصلت على دعم اللجنة التنفيذية في الاتحاد الآسيوي، وأعتقد أن التغيير ضروري، لدي الرغبة والعزم لخدمة الفيفا". وكان ابن همام صرح على موقعه الخاص قبل أيام، في إشارة واضحة قائلاً "المنافسة هي أفضل وسيلة كي تتحلى المؤسسات بالحيوية، وهي أمر جيد للمنظمات سواء على صعيد الرئاسة أو أي مناصب أخرى". مكاسب فوز ابن همام في حالة فوز ابن همام بالمنصب فإن هناك جملة مكاسب ستعود على الكرة العالمية بصفة عامة والعربية بصفة خاصة، في مقدمتها فرص تحسين صورة الرياضي العربي دولياً؛ لأن مجرد وصول شخصية عربية لهذا الموقع سيجبر العالم على إعادة التفكير في تشكيكه حول قدرة العربي على تحقيق الأفضل، وكذلك إمكانية الاستفادة من قدرات وخبرات الفيفا، حيث يصعب الحصول على ذلك في رئاسة بلاتر.